أضواء
مايكل فلين والإسلام
|سلطان إبراهيم الخلف|
21 نوفمبر 2023
10:00 م
مايكل فلين، هو مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس ترامب. كان مرشحاً لتولي منصب نائب الرئيس. تطرّق في إحدى ندواته إلى الإسلام، حيث اعتبره أيديولوجيا خطيرة ونفى عن الإسلام صفته الدينية، وأن مكافحته لن تختلف عن مكافحة الأيديولوجيا الشيوعية، مفتخراً بهزيمتها وانهيار الاتحاد السوفياتي بعد سبعة عقود من المواجهة معه.
كان فلين، صريحاً جداً ويعتبر كلامه كمسؤول رفيع المستوى خطيراً لأنه لا يمثل شخصه بل سياسة دولته تجاه عالمنا الإسلامي، لكنه استدرك معتبراً مكافحة الإسلام أمراً غاية في الصعوبة، لأنه يعني مواجهة مليار ونصف المليار من المسلمين في العالم. ويستغرب المرء أن يتحدث مسؤول أميركي كبير مثل فلين، بهذه البساطة والتسطيح، معتبراً المسلمين مؤدلجين بالإسلام لا فرق بينهم وبين الشيوعيين، وأنه حان الوقت لمواجهتهم والقضاء على الإسلام.
هذا يعني أن مواجهة الإسلام والمسلمين لم تكن وليدة الساعة وهي سياسة تم اعتمادها مسبقاً وهي قيد التنفيذ. فقد تعرّض البوسنيون المسلمون إلى محاولات إبادة على أيدي الصرب، في التسعينات، لمنعهم من إقامة دولة ذات صفة إسلامية في أوروبا، ومذبحة سربرنيتشا التي راح ضحيتها 8.5 آلاف من المسلمين البوسنيين العزّل وجلّهم أطفال وشباب ورجال، خير دليل على ذلك، بعد أن تخلّت عنهم الحاميّة الهولندية ليلاقوا حتفهم على أيدي العصابات الصربية المسلحة، وهي جريمة فظيعة لم تشهد مثلها أوروبا - أم الإنسانية - بعد الحرب العالمية الثانية (!). ولا يخفى الدمار الذي أحدثه احتلال الأميركان للعراق بالتعاون مع النظام الإيراني، وتدمير سورية واعتبار الأميركان استخدام النظام السوري الطائفي لغاز السارين المحرّم دولياً في قتل السوريين أمراً مقبولاً وعدم ملاحقته كمجرم حرب.
وقد تأخذ المواجهة مع الإسلام بعداً ثقافياً، حيث دعا الرئيس الأميركي السابق أوباما إلى مراجعة القرآن وتصحيحه أسوة بما يفعله رجال الدين المسيحيين في مراجعة الأناجيل الأربعة المتناقضة، في الوقت الذي لم يطالب فيه الصهاينة بتصحيح كتابهم المقدّس المحرّف والمليء بتلفيقات حاخاماتهم. ومن تجليات محاولاتهم الجديدة في حربهم الثقافية على الإسلام هو إعلانهم عن «الدين الإبراهيمي» واعتباره شعاراً لدمج الأديان الثلاثة في دين واحد، في محاولة لمحاصرة الإسلام بين المسيحية واليهودية الصهيونية لانتزاع التسامح من المسلمين وسلخهم من دينهم رغم ما لاقوه من ظلم وتعسّف على أيدي العالم الغربي المسيحي وحليفه الصهيوني.
أحداث غزة هذه الأيام ليست ببعيدة عما تفوّه به فلين، بل دليل في الإصرار على المضي في سياسة اضطهاد المسلمين وقتلهم، ومسلمي غزة لا يختلفون عن مسلمي البوسنة والهرسك أو العراق أو سورية أو أي جماعة من المسلمين يتواجدون في بلاد العالم.