على خلفية التزام الكويت بتخفيضات إضافية طوعية لإنتاجها النفطي
«الوطني» يتوقّع تحوّل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى سلبي في 2023
18 نوفمبر 2023
10:00 م
- ترجيحات بنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل مماثل في 2024
- الظروف الاقتصادية ستظل إيجابية خلال 2023
-2024 في ظل النشاط الاستهلاكي والسياسة المالية التوسعية
توقع تقرير لبنك الكويت الوطني أن يتحوّل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى سلبي في 2023 (-0.7 في المئة) على خلفية التزام الكويت في أبريل 2023 بتخفيضات إضافية طوعية لإنتاجها النفطي، ما سيؤدي إلى خفض إنتاج العام بأكمله بنسبة 4.3 في المئة ليصل في المتوسط 2.6 مليون برميل يومياً.
ولفت إلى أنه من المقرر إلغاء هذه التخفيضات في 2024، الأمر الذي من شأنه أن يدفع كلاً من القطاع النفطي والناتج المحلي الإجمالي للنمو 3.3 في المئة العام المقبل. كما سيسهم تزايد تدفقات النفط الخام في تعزيز القيمة المضافة لقطاع التكرير (المصنف على أنه نشاط غير نفطي)، حيث تعمل مصفاة الزور التي دخلت طور التشغيل أخيراً بطاقة إنتاجية 615 ألف برميل يومياً على زيادة إنتاج زيت الغاز وزيت الوقود بشكل مطرد، لتضرب بذلك مثالاً قوياً لقصة نجاح واحد من أهم المشاريع العملاقة التي تم تطويرها أخيراً.
النمو غير النفطي
وبين «الوطني» أن نمو الاقتصاد غير النفطي (باستثناء قطاع التكرير) كان قوياً، بنمو 3 في المئة عام 2023 وفقاً للتوقعات (مقابل 3.2 في المئة المقدرة 2022) على خلفية انتعاش الاستهلاك الشخصي وتوسع الإنفاق الحكومي، بدعم من ارتفاع أسعار النفط. وباستثناء نتائج أنشطة إسناد المشاريع وقطاع التكرير، اللذين شهدا نمواً ملحوظاً في 2023.
وأفاد بأن الأول سجل نمواً تخطى أكثر من ضعف المستويات المسجلة في 2022 بأكمله، إلا أن المؤشرات الرئيسية للنشاط غير النفطي، مثل الإنفاق باستخدام البطاقات المصرفية (+8.7 في المئة على أساس سنوي بالربع الثالث من العام)، ومبيعات القطاع العقاري (-18.2 في المئة على أساس سنوي كما في سبتمبر) والائتمان الشخصي (+2.6 في المئة على أساس سنوي كما في سبتمبر)، اتجهت جميعها نحو الانخفاض من حيث النمو السنوي منذ أن بلغت ذروتها 2022.
وتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل مماثل في 2024 بفضل استمرار قوة وتيرة الإنفاق الاستهلاكي، وتحسّن نمو القروض الشخصية واستمرار تسجيل أسعار النفط مستويات مرتفعة نسبياً. وقد يستفيد الاقتصاد أيضاً من استمرار تدفق الوافدين للعمل في البلاد بعد الجائحة (ارتفع معدل التوظيف 14 في المئة على أساس سنوي إلى 2.5 مليون بحلول منتصف 2023) ما يسهم في الحد من نقص العمالة وتعزيز أنشطة المشاريع.
وأشار التقرير إلى أن معدل التضخم ظل في حدود 3.7 في المئة خلال معظم 2023 (بلغ معدل التضخم الأساسي 3.2 في المئة)، ما يعكس على الأرجح مزيجاً من العوامل تتضمن استمرار الأداء القوي للطلب الاستهلاكي، وارتفاع إيجارات المساكن، والقضايا العالقة المرتبطة بسلسلة التوريد. وتوقع التقرير أن تتراجع هذه الديناميكيات في 2024، ما سيسهم في خفض معدل التضخم إلى 2.5 في المئة في المتوسط.
وفي الوقت ذاته، فإنه وسط إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة قبل نهاية 2024، قد يحذو بنك الكويت المركزي حذوه، رغم قيامه برفع سعر الخصم بنحو النصف فقط مقارنة بسياسات «الفيدرالي» منذ مارس 2022، ويتجه إلى خفضها بمعدل أقل عند بدء تدابير التيسير النقدي.
آفاق الاقتصاد
وتشير توقعات «الوطني» إلى أن الظروف الاقتصادية ستظل إيجابية خلال 2023-2024، في ظل بقاء النشاط الاستهلاكي بوتيرة جيدة، والسياسة المالية التوسعية التي تطبّقها الحكومة بفضل ارتفاع أسعار النفط وتراجع معدلات التضخم. كما يتوقع تحسن وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2024 على خلفية زيادة الإمدادات النفطية بعد انتهاء فترة تخفيضات حصص الإنتاج الطوعية المتفق عليها بين «أوبك» وحلفائها.
من جهة أخرى، تتمثل أبرز التحديات في كيفية الاحتفاظ بالمكاسب المحققة على المدى القريب وتحويلها إلى تحسينات مستدامة وطويلة الأجل للمالية العامة والتنويع الاقتصادي. ووسط تزايد الإلحاح السياسي، تبدو إمكانية إنجاز الإصلاحات الرئيسية أقوى مما كانت عليه في السنوات السابقة.
استمرار العجز
وأفاد التقرير بأن الفائض المسجل في السنة المالية 2022 /2023 بنسبة 11.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يعد أول فائض تسجّله ميزانية الكويت منذ 2014، قد يتحول إلى عجز قدره 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (1.83 مليار دينار) في 2023 /2024 بالنظر إلى المستوى القياسي للنفقات وفقاً لتقديرات الموازنة، والذي شمل تسجيل نفقات استثنائية بمستويات ضخمة موجهة لدعم الوقود وبدل إجازات الموظفين.
وتُظهر تقديرات «الوطني» تسجيل عجز بقيمة أقل بكثير مقارنة بتوقعات الموازنة التي تبلغ 6.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، نظراً للاتجاه تاريخياً للإنفاق بمستويات أقل من المسجلة في الموازنة والافتراضات المتحفظة في شأن الإيرادات النفطية الرسمية. أما بالنسبة للعام المقبل، فيتوقع تقلص العجز إلى 1.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بفضل زيادة الإنفاق بوتيرة معتدلة (+4 في المئة باستثناء البنود الاستثنائية) واستمرار ارتفاع أسعار النفط. كما يتوقع التقرير أن تشهد النفقات الرأسمالية عاماً آخر من النمو بمعدل ثنائي الرقم في ظل إعطاء الأولوية للمشاريع التنموية.
إطار مالي شامل
لفت «الوطني» إلى اتفاق السلطتين التنفيذية والتشريعية على ضرورة معالجة التحديات الاقتصادية الرئيسية بصورة ملحة، موضحاً أن أولويات الرؤية الاقتصادية للحكومة التي تمتد على مدار 4 أعوام (2023-2027) تشمل إنشاء إطار مالي شامل، وتطوير القطاع الخاص، وتحسين كفاءة الحكومة.
ونوه إلى أن ضريبة الشركات والضريبة الانتقائية التي يطلق عليها اسم «ضريبة الحد من استهلاك السلع الضارة» قد تكون من أول التدابير المتبعة لتعزيز الإيرادات، ما قد يسهم في تعويض الزيادات لمعاشات المتقاعدين واحتمال زيادة علاوات تكلفة المعيشة التي يدعمها النواب.
ويتوقع أن تكون الإصلاحات العامة، سواء على جانب العرض أو على المستوى التنظيمي (مثل أنشطة الأعمال والإسكان وسوق العمل)، إلى جانب المبادرات الرامية إلى تعزيز معدلات الاستثمار الضعيفة تاريخياً، ضرورية لتعزيز الإنتاجية وتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي. كما قد تكون قوانين تطوير القطاع السكني والرهن العقاري بالإضافة إلى صندوق «سيادة» الاستثماري الضخم لرعاية المشاريع المحلية من أبرز المبادرات الإيجابية التي تلوح في الأفق.