أين أنتم من المعتصم؟

9 نوفمبر 2023 10:00 م

كانت عمورية ولاية بيزنطية بيد الرومان إلى أن استغاثت امراة عربية بالمعتصم عام 838م إثر التعدي عليها من أحد الجنود الرومان، وجرها سحلاً إلى السجن، فصاحت (وامعتصماه) فوصلت استغاثتها إلى المعتصم الذي أرسل إلى والي عمورية البيزنطي (نوفل ميخائيل) جيشاً أوله في الشام وآخره في بغداد، ملبياً نداء الحرة العربية، فحاصر عمورية التي تقع في الحدود التركية حالياً شمال سورية بالقرب من الحدود، فحاصرها عارضاً عليهم الاستسلام دون حرب فرفض واليها البيزنطي، فأمر المعتصم بضربها بالمنجنيق دون توقف، فأجبرها على الاستسلام وفتحت عمورية فدخلها المعتصم بجيشه يبحث عن تلك التي استغاثت به، ولما مثلت أمامه قال لها لبيك وسعديك، فقالت فخري بتلبية ندائي أعظم من كل كنوز الدنيا فعرض عليها الذي تحرش بها وكان سبباً في سجنها، وقال لها افعلي به ما ترين، فقالت، بل اعف عنه يا أمير المؤمنين، وكان لها ذلك.
هذه القصة اليوم هي حديث الناس، ومثلها نسمع قصصاً كثيرة تروى عن شجاعة وشهامة وعدالة الرجال السابقين في صدر الاسلام، ومن بعدهم يشبهونهم بمن هم اليوم يتزعمون الجماعات والأحزاب.
وما يحدث في غزة منذ يوم 7 أكتوبر 2023، إلى يومنا هذا، وأقول شتان بين المعتصم وبين من يدعي أنه ينتقم لما يفعله الصهاينة في القدس، وتناسى أنه عندما اقتص لبعض الشهداء في الأقصى أو المعتدى عليهم، ضحى وقدم ما يزيد على أكثر من 10 آلاف شهيد، ثلثهم من النساء والأطفال إن لم يكن العدد أكثر مما أقول. فأي قصاص هذا وأي انتقام الذي يراه البعض تهوراً بدماء الأبرياء العزل ويصفه البعض الآخر بالتآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته، وأنه نفذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.
والفرق بين أمير المؤمنين المعتصم وجيل الجماعة التي ترى في التعامل مع الشيطان أمراً مباحاً ليقنع نفسه بأنه يهدف إلى تحرير الأقصى الشريف، وردي عليهم هيهات أن يقبل الشيطان بذاته أن يتعاون معكم جماعة الشر والبهتان والكذب والخداع، فالنتيجة النهائية ستكشف للناس كذب دعواكم الباطلة.
رحم الله الشهداء الأبرار من الشعب الفلسطيني الأعزل الواقع بين أنياب الكلاب، ولله دركم شعب فلسطين.