خبراء اعتبروا التوافق الأفقي غائباً عنها وتطويرها بحاجة إلى «قرار شجاع»

مناهج التعليم... تُعلّم القراءة والحساب فقط ولا تواكب سوق العمل

18 أكتوبر 2023 10:00 م

وصف أكاديميون وباحثون وخبراء، المناهج الدراسية في الكويت، بأنها دسمة ذات محتوى كمي كبير، ويغيب التوافق الأفقي في تخصصاتها العلمية والأدبية، وتحتاج إلى التخفيف والربط بين المواد، بما يجعلها رشيقة ومتناغمة، تراعي تداخل التخصصات، وتواكب العصر.
واعتبر الخبراء في تصريحات متفرقة لـ«الراي»، أن التعليم في الكويت لا يساهم في التنمية، وأن المناهج تعلم القراءة والحساب فقط، ولا تواكب سوق العمل، آخذين على النظام التعليمي قيامه على التلقين والاعتماد في التقييم على الاختبارات، ما يؤدي إلى ركون الطلبة إلى الحفظ، مشددين على ضرورة إزالة الحشو وتخفيف الكم، وعلى حتمية إدخال التكنولوجيا إلى المناهج، بما يجعلها مواكبة للعصر وللتخصصات في الجامعات والكليات العالمية، حيث من الضروري أن تتضمن مفاهيم الذكاء الاصطناعي وغيرها من التطبيقات التكنولوجية.
وأكد الخبراء ضرورة التحلي بالشجاعة، لاتخاذ القرار الحاسم في تطوير المناهج، التي يغلب عليها طابع الجمود منذ سنوات، وإن سبقت بعض دول الخليج في محتواها، مستغربين أن تنتهي مناهج المعايير منذ 5 سنوات وتمر على نحو 4 وزراء، ولم يتخذ أيٌّ منهم قراراً بإدخالها التجريبي، خوفاً من تحمل العواقب.
«الكل يخاف من تبعاتها... فقد تخلق بلبلة للوزير»

صلاح دبشة: الحسابات السياسية وراء تأخر التطوير
- المناهج لا تواكب سوق العمل... والهيئة التعليمية خليط بين الجيد والرديء والممتاز

أكد وكيل وزارة التربية السابق للبحوث التربوية والمناهج صلاح دبشة، أن «عدم اعتماد مناهج المعايير وإدخالها إلى الميدان التربوي، رغم جهوزيتها منذ 5 سنوات، كان بسبب الحسابات السياسية والخوف من تبعات هذا الإدخال، فالمنهج الجديد قد يخلق بلبلة للوزير، وقد تكون هناك أخطاء تقود إلى مقايضات، ولاسيما أن معظم الوزراء غير متخصصين في هذا الأمر، لذلك آثروا عدم تحمل تبعاته».
وقال دبشة لـ«الراي» إن «الوزير المتخصص في قطاع المناهج كان الدكتور سعود الحربي فقط، لكن بسبب أزمة كورونا قرر تأجيل إدخال المناهج التجريبية، وكان كل همه آنذاك استمرار العملية التعليمية بالمناهج الحالية، وتأجيل المعايير إلى إشعار آخر»، مشيراً إلى أن «المناهج الحالية لا تواكب سوق العمل، أما من حيث كونها تعليمية فلا مشكلة في ذلك، فهي تعلم الطالب القراءة والحساب ومهارات الحياة، لكن للأسف لا يوجد سوق عمل أصلاً، إذ إن نحو 90 في المئة من الخريجين يتجهون للقطاع الحكومي، وهذا لا يعتبر سوق عمل»، موضحاً أن التعليم في الكويت لا يساهم في التنمية، لأن الدولة لم تعد خططها التنموية، وبالتالي تعتبر المناهج تعليمية بحتة تعلم القراءة والحساب فقط.
وبيّن أن «هناك مشكلة أيضاً في المعلمين، بسبب غياب رخصة المعلم، الأمر الذي يوجد خليطاً بين الجيد والرديء والممتاز، والدليل هو الدروس الخصوصية التي يلجأ لها الطلبة ويحققون معدلات متقدمة، رغم أن المنهج الدراسي واحد». واقترح دبشة أن «تحسن الدولة بيئة الأعمال وتفتح سوق العمل، حتى لا تخرج طلبة استهلاكيين، فمن أسباب المشكلات في هذا الأمر أيضاً، عدم تنوع مسارات التعليم، واعتماد النظام التعليمي في الكويت على نظام التقويم التقليدي (الاختبارات)، التي تعتمد في النهاية على الحفظ والتلقين والذاكرة، وحتى مع تطبيق منهج الكفايات تمسكت الوزارة بنظام تقويمها القائم على الاختبارات».
«تحتاج إلى الربط الأفقي والتناغم»

خالد الرشيد: إزالة الحشو وتخفيف الكم يجب أن يواكبا التطور التكنولوجي
رأى وكيل وزارة التربية الأسبق للبحوث التربوية والمناهج الدكتور خالد الرشيد، أن «المناهج الدراسية في الكويت تحتاج إلى نوع من الربط الأفقي بين المواد، بحيث تكون مادة اللغة العربية متناغمة مع الاجتماعيات والرياضيات والعلوم، ومراعاة التداخل بين المواد العلمية والأدبية، للتسهيل على المتعلم في دراسة منهج رشيق وخفيف في محتواه الكمي».
وشدد الرشيد لـ«الراي»، على «ضرورة إدخال التكنولوجيا إلى المناهج، بما يجعلها مواكبة للعصر، فنحن لسنا معنيين بسوق العمل، ولكن بالتعليم العالي، والمناهج دسمة وتحتاج إلى ربط وتخفيف وتكنولوجيا». وعن دروس الغلو والتطرف، قال «عندما كنت وكيلاً للمناهج، كنا نحث التوجيه بشكل مستمر، على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الغلو والتطرف، وتضمين المناهج قيم التسامح وتقبل الآخر والتعايش السلمي، إضافة إلى تعزيز الثقافة البيئية، وغيرها من المفاهيم الإيجابية، التي نحرص على غرسها في الطالب منذ الصغر».
«ضرورة تضمين المناهج مفاهيم الذكاء الاصطناعي وثورة التكنولوجيا»

محمد الكندري: مواكبة الجامعات العالمية
شدد وكيل وزارة التربية المساعد الأسبق للتعليم العام محمد الكندري، على «ضرورة إزالة الحشو الزائد من المناهج الحالية، حيث يرهق الطالب وليس له فائدة»، مؤكداً أن «المناهج يجب أن تواكب التطور التكنولوجي السريع في العالم، وأن تكون مناسبة للبيئة التي نعيش فيها، ولا يهمنا معرفة اليورانيوم في المغرب أو نسبة وجوده».
وقال الكندري لـ«الراي»، إنه «يجب أن تواكب المناهج أيضاً التخصصات الموجودة في الجامعات والكليات العالمية، حيث من الضروري أن تتضمن مفاهيم الذكاء الاصطناعي وغيرها من التطبيقات التكنولوجية، والأهم من هذا كله يجب أن تكون موثقة ومعتمدة»، مشدداً على أهمية تدريب أهل الميدان التربوي من معلمين وموجهين وإدارات مدرسية، على أي منهج جديد قبل تطبيقه.
«تقدمت بتقييم للمناهج رفض بلا ذكر الأسباب»

عبدالله العجمي: دراسة عن الغش أغضبت قيادات الوزارة العليا
كشف مدير إدارة البحوث السابق في وزارة التربية عبدالله العجمي لـ«الراي»، أنه اقترح عمل دراسة لتقييم المناهج الدراسية الحالية من واقع الميدان التربوي، لمعرفة أهم الملاحظات الواردة في شأنها، لكن للأسف رفضتها الوزارة دون ذكر الأسباب.
وبيّن العجمي أن إدارته السابقة أعدت دراسة في شأن الغش في الاختبارات، لمعرفة أسباب الظاهرة ووضع الحلول الأنسب لها، مبيناً أن تلك الدراسة أغضبت القيادات العليا في الوزارة، ما يدل على أن الجميع لا يريد أن يواجه المشكلة أو يعترف بوجودها.
«في المرحلتين المتوسطة والثانوية»

مها العنزي: إدخال الذكاء الاصطناعي في المناهج بشكل تجريبي
قالت المدربة المعتمدة للحاسوب في وزارة التربية مها العنزي، إن «وزارة التربية تتجه لمواكبة للتحول الرقمي، بإدخال الذكاء الاصطناعي في مناهجها الدراسية، بشكل تجريبي في المرحلتين المتوسطة والثانوية».
واعتبرت العنزي في تصريح لـ «الراي»، الخطوة بأنها «نشر لتوعية برمجة الذكاء الاصطناعي لمواكبة العصر، وإثبات وجودنا في العملية التعليمية»، مشددة على «ضرورة توظيف هذه التطبيقات في التعليم، لما لها من دور كبير في تسهيل العملية التعليمية». وأوضحت أن «التوسع مستقبلاً بدراسة هذه التطبيقات وإدخال الذكاء الاصطناعي في مناهج الحاسوب، هو مستقبل العملية التعليمية».
مناهج التعليم الديني تخلو من الغلو والتعصب
وصف مصدر تربوي لـ«الراي»، مناهج التعليم الديني في الكويت بـ«المعتدلة» والمنفتحة على الثقافات الأخرى، حيث تخلو مواد القرآن الكريم والتجويد والمنطق والفقه بمذاهبه الأربعة، إضافة إلى مواد اللغة العربية والإنكليزية والاجتماعيات، من الغلو والتعصب، لكن رغم ذلك فإنها بحاجة إلى تطوير وتخفيف في محتواها أسوة بمناهج التعليم العام.