رأى أنها تتناول كل المواضيع بلا استثناء
أندريه سكاف لـ «الراي»: لا أساس لها من الصحة... الاتهامات بأن الدراما السورية مقموعة
| بيروت - من هيام بنوت |
17 أكتوبر 2023
10:00 م
رأى الفنان السوري أندريه سكاف، أن الاتهامات التي توجه للدراما السورية بأنها مقموعة لا أساس لها من الصحة، لافتاً إلى أن من يتابعونها يعرفون أن الفنانين والفنيين والكتّاب وكل من يعملون في هذا المجال يركزون على المواضيع السلبية الموجودة في المجتمع وبعضها يطرح حلولاً وبعضها الآخر لا، لكن تسليط الضوء موجود دائماً على السلبيات كما على الإيجابيات.
سكاف، الذي يُعد من أبرز نجوم الدراما السورية، تحدث في حوار مع «الراي» عن جديده، وعن وضع الدراما السورية وتراجع الأعمال الكوميدية والظروف التي تعيشها سورية وتأثيرها على مختلف قطاعات الحياة.
• هل مازالت دراما رمضان هي وحدها التي تعطي الممثل حقه على مستوى الانتشار أم أن المنصات دخلت على خط المنافسة معها؟
- خضت تجربة التمثيل في كلا المجالين، وعندما لم تكن هناك منصات وأعمال تعرض على «السوشيال ميديا»، كنا نلزم بيوتنا لكي نتابع المسلسلات التلفزيونية التي تعرض حلقاتها بشكل أسبوعي أو يومي، وإذا كان المسلسل محبوباً من الناس، كانت تشل الحركة وتعقد جلسات لمناقشة كل حلقة من حلقات المسلسل.
تخرجت من المعهد عام 1991، ومنذ تلك الفترة وحتى العام 1995 كان الناس ينتظرون أعمالنا من بينها «نهاية رجل شجاع» للمخرج نجدة أنزور الذي حصل إجماع حوله والناس يتحدثون عنه حتى اليوم، وكذلك المسلسل الكوميدي «5 نجوم» الذي حظي بإقبال جماهيري كبير وهو لا يزال متابعاً حتى اليوم عند إعادة عرضه، وبعد العام 2000 صار الناس يتابعون الأعمال عبر «يوتيوب» وأصبحت «السوشيال ميديا» في متناول الجميع.
ولقد شاركت في عمل عرض على إحدى المنصات بعنوان «حارة شوف»، عبارة عن اسكتشات بعضها «مودرن» وبعضها بيئة شامية قديمة، وفي كل حلقة منه تتناول موضوعاً معيناً وتحظى بنسب مشاهدة عالية جداً لأن الناس أحبوها.
طالما أننا نقدم أعمالاً على الأصول تراعي تقاليد معينة على مستوى الإخراج والإنتاج وتعطي الدراما حقها على المستويات كافة، فإنها تؤدي الغرض وتطرح أفكاراً ومواضيع جديدة وجميلة.
الحياة لا تنتهي والتجدد موجود دائماً، وبالنسبة إلى أعمال المواسم الرمضانية، فهي قائمة ومستمرة أيضاً وتحظى بنسب مشاهدة عالية.
كلا النوعان موجودان وجيدان ومستمران، والدراما التلفزيونية لا يمكن أن تتوقف ويمكن متابعة المسلسلات في بيوتنا أو عبر المنصات وأتمنى التوفيق والفائدة للجميع، ومن دون الفائدة لن يعمل أحد ولن تكون هناك دراما يشاهدها الناس.
• برأيك، هل تحررت الدراما السورية من القيود التي تفرض عليها؟
- منذ أن تميزت الدراما السورية وأصبح لها متابعون في الوطن العربي، بل حتى من قبل كان النقد الاجتماعي وغيره من المسائل موجوداً، وبرأيي الحرية متاحة فيها ويمكن تناول كل المواضيع من دون استثناء.
ويمكن ملاحظة هذا الأمر بشكل واضح من خلال مسلسل ياسر العظمة «مرايا»، الذي يتضمن انتقادات اجتماعية واقتصادية وأحياناً سياسية، وقبله من خلال مسرحيات دريد لحام التي عرضت في كل الوطن العربي، بل في كل العالم وكان فيها انتقادات للعالم العربي بهدف أن تصبح أفضل.
وهناك مسلسل «بقعة ضوء»، الذي استمر عرضه لسنوات طويلة وكل موسم منه مؤلف من 30 حلقة وكل حلقة تتضمن لوحات انتقادية سياسية واجتماعية واقتصادية ولمشاكل الناس الحياتية، وهي من نوع الكوميديا السوداء وأحبها الناس كثيراً، فضلاً عن المسلسلات التراجيدية التي عرضت على المحطات السورية والتي تتناول قاع المجتمع ومشاكله المعقدة ومواضيعه الشائكة.
الانتقادات ضرورية في الدراما بهدف تحسين وضع الإنسان بشكل عام وكلنا تتمنى حياة أفضل.
وعندما يقال إنه لا يوجد حرية رأي في الدراما السورية، أرى العكس وأقول إنها موجودة وعلى مستوى عالٍ، وإن كانت هناك خطوط حمراء دائماً وهي ضرورية من وجهة نظري.
الاتهامات التي توجه للدراما السورية بأنها مقموعة لا أساس لها من الصحة ومن يتابعونها يعرفون أن الفنانين والفنيين والكتّاب وكل من يعملون في هذا المجال يركزون على المواضيع السلبية الموجودة في المجتمع وبعضها يطرح حلولاً وبعضها الآخر لا، لكن تسليط الضوء موجود دائماً على السلبيات كما على الإيجابيات.
• هل بات الممثل السوري يفضّل العمل خارج سورية، ليس تخلياً عن الدراما المحلية، بل لأن الإنتاجات أهم والأجور أعلى؟
- نحن نعيش الحرب منذ أكثر من 12 عاماً، ولكننا لسنا معتادين عليها، بل على السلم منذ أن فتحنا عيوننا على هذه الحياة وكل ما نعرفه أن هناك حرب تشرين التحريرية إلى أن وصلنا إلى الأزمة التي نعيشها حالياً، وأتمنى أن نخرج قريباً منها وأن تعود بلادنا بلد السلم والأمان.
كل فنان يعيش هذه الظروف يشارك في أعمال خارج الوطن، وبالرغم من كل الظروف لم يتوقف الإنتاج الدرامي في دمشق وكل المدن الآمنة.
فأنا مثلاً، صوّرت في اللاذقية وطرطوس وحمص بعدما استقرت الأمور، كما إننا نصور في الشام دائماً، ولكن هناك فرق بين المشاركة في عمل داخل سورية وبين المشاركة في عمل خارجها، كلبنان والإمارات وتركيا والعراق والأردن، ونحن نفعل ذلك لأنه تصلنا عروض يتم تصويرها في الخارج.
الله هو من يحمينا لأن الظروف التي نمر بها ليست بقليلة كالقصف العشوائي من المسلحين والقصف الإسرائيلي بصواريخه، لكننا اعتدنا عليها وصارت ثانوية بالنسبة إلينا ونقول «بدنا نموت في بيوتنا مش مشكلة»، لكن في بداية الأزمة عشنا مرحلة كبيرة وطويلة من التوتر.
• كيف تفسر غياب الكوميديا عن الأعمال الدرامية، خصوصاً في سورية التي لطالما تميزت لفترة طويلة؟
- هناك نوع من الخجل في تقديم الكوميديا في هذه الفترة، لأن المآسي كثيرة وكبيرة، ليس في سورية وحدها بل في كل الدول التي حصل فيها الربيع العربي، وأنا أعتبره شتاء قاسياً لا علاقة له بالربيع، لأن الربيع يرمز إلى الزهور والحياة المتفتحة والحلوة، بينما نحن تعرضنا لجميع أنواع المآسي في الدول التي عانت من هذه الأزمة التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
في سورية، نعاني من انهيار اقتصادي وكذلك مصر وليبيا والعراق، مع أنها دول تمتلك ثروات باطنية واقتصادها متميز، هذا عدا عن تدمير المدارس وسرقة المتاحف في الربيع العربي.
أنا حزين جداً في قرارة نفسي، لأننا كنا نعيش باستقرار وأمورنا على أفضل ما يرام ولم نكن بحاجة إلى كل هذه المآسي.
لست ضد الانتقاد، ولكن ليس بالحديد والنار والتسبب بحزن الناس والفوضى وأنا ضد الفوضى دائماً.
فأي كوميديا يمكن تقديمها في ظل هذه الظروف، مع أننا حاولنا تقديم بعض الأعمال ولم ننجح وكانت النتيجة المضحك المبكي.
ربما قدرنا أن نعيش هذه الظروف لحكمة معينة ولكم علينا أن نستوعب كمجتمع بأن ما يحصل غير مجدٍ ويفترض بالإنسان أن يحسن أوضاعه وأن يطور من أدواته وطاقاته وإبداعه وإنسانيته وثقافته وفهمه للحياة، فذلك أهم بكثير من الدهاليز التي أدخلونا فيها.
هم أدخلونا في نفق مظلم شمل كل الطبقات والفئات وكان يفترض أن نستدرك ببصيرتنا الأمور قبل حصولها، لكن الجهل أودى بنا إلى الظروف التي نعيشها اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً.
• كيف تتحدث عن آخر أعمالك «عزك يا شام» وعن مشاركتك فيه؟
- «عزك يا شام» من إنتاج شركة إنتاج جديدة هي «أشرف غروب للإنتاج والتوزيع الفني»، وهي شركة راقية تعاملت معنا بالكثير من الاحترام والمحبة والمودة، والعمل من إخراج رشاد كوكش الذي سبق أن تعاونت معه في مجموعة من الأعمال وهو شخص رقيق وإنساني ومحب ومهني جداً في العمل ويحاول قدر الإمكان خلال التصوير أن يوازن بين متطلبات الممثلين الذين يشاركونه العمل وكانت تجربة لطيفة على مستوى الفنانين والفنيين.
أما بالنسبة إلى قصة المسلسل، فأقدم شخصية عنوانها الأخوة، وهي شخصية جدية جداً وبعيدة كل البعد عن الكوميديا، من خلال تاجر يعمل في أحياء الشام القديمة وعندما تتعثر الأمور يجد نفسه مجبراً على تأخير دفع مستحقات الناس ويقع في المشاكل فيتدخل أخوه وهو شاب شهم و«قبضاي» و«مربى عز» ويدافع عنه، ولا تلبث أن تقع المشاكل بيني وبين شقيقي الذي دافع عني ويتعرض للظلم مني لأنني لا أفهمه بشكل صحيح وينفذ كل طلباتي بسبب احترامه لي.
أما الجانب الإيجابي، فهو أن الأمور تصطلح بين الشقيقين بعد أن يعرف الحقيقة وتعود العائلة إلى الطريق الصحيح.
الموضوع بشكل عام يطرح الناحيتين السلبية والايجابية في حياة الأسرة والتعامل معها، ودوري توعوي وغني على مستوى المضمون ويشرح كيف يجب أن يتصرف الأخ الأكبر بحسن نية مع أسرته، خصوصاً أن الأب والأم غير موجودين.