حدّدها في برنامج «على جدول الأعمال» بالنظام الانتخابي وتحسين المعيشة والحريات و«العفو»
مهلهل المضف: سأتوجه لاستجواب رئيس الوزراء إذا لم يتم إنجاز الاستحقاقات المُلحّة... بأسرع وقت
| أجرى الحوار عثمان العثمان | | إعداد ناصر المحيسن |
11 أكتوبر 2023
10:00 م
- المفروض أن تُستكمل مسيرة «دستور 62» وفق ما رسمه المؤسسون وصولاً إلى النظام البرلماني
- النظام البرلماني يعني حكومة تُشكّل من البرلمان أو الأغلبية... بالتوافق مع رئيس الدولة
- بعد عبدالله السالم حدث انقلاب على الدستور بالتزوير والعبث بالتركيبة السكانية والمال السياسي
- ننتظر في دور الانعقاد المقبل أموراً أفضل في الإدارة العامة للدولة
- الإصلاح ممكن لكن يجب أن نبدأ به سريعاً جداً وبلا تراجع أو تباطؤ أو تخاذل
- سوء إدارة الدولة الذي نراه أمرٌ سلبي يمكن أن يفقد الثقة في عنوان «تصحيح المسار»
- لا أغلبية في حالتنا الانتخابية... فقد تجمع النواب قضية أو اثنتان ثم يتفرقون
- لابد من التركيز على القوائم والتمثيل النسبي الذي يعكس الإرادة الشعبية الحقيقية
- لن نقبل أي تراجع عن تطبيق مضامين الخطابات الأميرية... وهذه مسؤولية رئيس الوزراء
فيما حدّد النائب مهلهل المضف خريطة طريق الأولويات التي تبناها لدور الانعقاد المقبل، أكد أنها قضايا واستحقاقات ملحة، رابطاً تقديم استجواب لسمو رئيس الوزراء بسرعة إنجازها.
وأشار المضف، خلال استضافته في برنامج «على جدول الأعمال» الذي يبث على منصات «الراي» الرقمية وينشر في الجريدة الورقية، إلى أن «ثمة أولويات ملحة واستحقاقات يجب التركيز عليها، خصوصاً من قبل سمو رئيس الوزراء، وهي النظام الانتخابي المتمثل بالقوائم والتمثيل النسبي، وتحسين معيشة المواطن وبالأخص القوانين المتفق عليها في اللجنة المالية البرلمانية، وقوانين الحريات والتي تعززها، وقانون رد الاعتبار، واستكمال ملف العفو في قضايا الرأي والقضايا السياسية، والعدالة في تحقيق العفو».
ورأى أن «هذه الملفات، إذا لم يتم إنجازها بأسرع وقت ممكن، فسأتوجه لاستجواب سمو رئيس الوزراء. وإذا لم يحدث إصلاح حقيقي للإدارة العامة للدولة، فإن التشريعات الإصلاحية لن تكون ذات فاعلية، ونحن ننتظر في دور الانعقاد المقبل أموراً أفضل في الإدارة العامة للدولة».
تصحيح المسار
تطرق المضف إلى إنجاز المجلس لعدد من القوانين في دور الانعقاد الفائت والأولويات للانعقاد الجديد، قائلاً إنه «بالنسبة لما أنجز في دور الانعقاد الأول ومتطلبات دور الانعقاد الثاني، لابد من وضع عنوان حقيقي وهو (تصحيح المسار) وهذا العنوان لم يأتِ اعتباطاً، بل أتى بخطاب أميري بعد أزمة سياسية نتجت عن حقب كثيرة من الفشل والتراجع والفساد التي مرّت بها الكويت».
وأضاف «عنوان تصحيح المسار، فعلاً وضع اليد على مكامن الخلل في الكويت الذي نعاني منه منذ تأسيس دستور 1962، حيث يعتبر الدستور إنجازاً سياسياً، وبكل أسف يعتبر الإنجاز السياسي الوحيد في الكويت خلال العهد الحديث، فلم يحصل أي إنجاز آخر بعد (دستور 62)، إذ كان من المفترض تحقيق واستكمال الإصلاحات السياسية والبناء الديموقراطي بالتدرج، إلى أن نصل للنظام البرلماني، كما كان في محاضر المجلس التأسيسي ومطالبات أعضائه بضرورة النظام البرلماني، كونه يحقق الاستقرار السياسي بين السلطتين، وبالتالي تستكمل مسيرة الإنجاز من دون وجود أزمات سياسية حقيقية».
وأوضح أن «وجهة نظر النظام البرلماني أن يكون هناك حكومة تتمتع بغطاء برلماني، تُشكل من البرلمان أو الأغلبية البرلمانية بالتوافق مع رئيس الدولة، طبقاً لنصوص دستور 62.
وهذا كان المفهوم من وضع المادة 56 ومحاضر المجلس التأسيسي، لكن منذ وفاة الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه، أصبح هناك مسلسل التراجع الديموقراطي والسياسي، ومن مسك مفاصل الدولة وقتئذ انقلب على مشروع الدستور (وخرّب العملية السياسية برمتها) بدءاً من التزوير والعبث بالتركيبة السكانية، واستخدام المال السياسي وتعليق الدستور والعبث بالنظام الانتخابي، إلى أن وصلنا إلى الواقع الحالي للكويت».
ورأى المضف أن «هذا التراجع مُدبّر ومفتعل، بحيث تبقى السلطة مهيمنة وبوجود دستور 1962، كون هذا الدستور يمثل عائقاً لهم ويمنعهم من أن يكونوا أصحاب القرار السياسي الوحيد في الدولة، والوقوف ضد أي مطالبات لتعزيز الإرادة الشعبية والمكتسبات الشعبية الدستورية والوصول إلى النظام البرلماني».
إمكانية الإصلاح
وطرح المضف تساؤلاً «هل الإصلاح ممكن في ظل التراجع والخلل والفساد الذي تعيشه الدولة؟ نعم الإصلاح ممكن لكن بحاجة إلى أن نبدأ به وبخطوات متسارعة جداً ومن دون تراجع أو تباطؤ، ومن دون تخاذل وهو الأهم، وما يعزز المطالبات الخطاب الأميري الذي تلاه سمو ولي العهد في 22 يونيو 2022 والذي خرج بعنوان تصحيح مسار المشهد السياسي، وهذا اعتراف من الأسرة الحاكمة بأن هناك فساداً في الحقب السابقة ويتطلب إصلاحه».
ورأى أن «الإصلاحات تتم بالإصلاح السياسي الشامل، والتركيز على الإصلاحات السياسية فقط لا غير، وبالتبعية القضايا الأخرى سيتم حلها بالتزامن مع وجود حقيقي لإدارة جيدة للدولة، إذ لا يستقيم الوضع أن أقدم أو أنجز إصلاحات سياسية وبذات الوقت أعاني من سوء إدارة للدولة وهذا أمر لا يستقيم».
وتابع: «نرى بعض الإنجازات للتشريعات التي لها علاقة، نوعاً ما، بالشأن السياسي، لكن لا نرى إدارة عامة جيدة للدولة، بل نرى سوء إدارة وهذا أمر سلبي وممكن يفقد الثقة في عنوان تصحيح المسار، وهذا ما نرصده من آراء الناس، خصوصاً في الخدمات التي تقدمها الدولة التي لم يحدث عليها أي إصلاح حقيقي، مثل الإسكان والتعليم والصحة والشوارع، وهذا غير موجود، بل ونتجه للأسوأ»، مشدداً على أنه «إذا لم يحدث إصلاح حقيقي للإدارة العامة للدولة، فإن التشريعات الإصلاحية لن تكون ذات فاعلية، ونحن ننتظر في دور الانعقاد القادم أموراً أفضل في الإدارة العامة للدولة».
وعن إقرار المجلس لقانونين ذوي طابع سياسي، يتعلقان بمفوضية الانتخابات والطعون الإنتخابية، إن كانت مدعاة للتفاؤل في المرحلة المقبلة، قال المضف: «لاشك أنها قوانين مهمة، فمسألة تحصين الانتخابات التي تعبر عن الإرادة الشعبية أمر جيد. وبالنسبة للمفوضية أرى أنها بحاجة إلى تطوير وتعديل في القانون ليكون ذا وقع أكبر، لكن هذا غير كافٍ نهائياً، فما أثره على العمل السياسي، وفي تطوير النظام السياسي؟ ليس له أثر مباشر، إذ لابد أن يكون لدي نظام انتخابي يعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية، ويعزز العمل الجماعي، وتنتج عنه كتل برلمانية تساهم في تشكيل الحكومة، لتعطيها غطاء سياسياً، ويكون هناك استقرار ما بين السلطتين». الحالة الانتخابية
وأشار المضف إلى أن «النظام الحالي يعزز العمل الفردي وهذه مشكلة كبيرة، إذ نعاني من العمل الفردي الذي لوحظ في المجالس السابقة، حيث إنه لا يوجد تبنٍ حقيقي للقضايا السياسية ذات المصلحة العليا التي تهم الشعب الكويتي، ولابد من التركيز على النظام الانتخابي والاتجاه إلى القوائم والتمثيل النسبي في هذه المرحلة للوصول إلى كتل برلمانية».
ورأى أن «العمل الجماعي هو الذي له صدى إيجابي ونتائج إيجابية، ويحقق إنجازاً، وهو المُعبّر عن الإرادة الشعبية الحقيقية، أما الأنظمة الانتخابية التي تكون بهذا الشكل لا تمثل الإرادة الشعبية، وهي عبارة عن فئات ومكونات اجتماعية وينتج عنها ممثلون يمارسون العمل السياسي لخدمة مكوناتهم الاجتماعية، وتكمن الخطورة بأن تكون المكونات الاجتماعية لها تمثيل وتمارس العمل السياسي».
وشرح الحالة الانتخابية، قائلاً «لا نتمتع بأغلبية أو أقلية سياسية، بل جو عام في لحظات معينة ينتج عنه وصول مجموعة من الأعضاء، هم نتاج الجو العام، وبالتالي عند وصولهم يتفرقون بفعل هذا النظام الانتخابي، إذ تجمعهم قضية أو قضيتان، لكن بعد ذلك أين هذه الأغلبية؟ لا تجدها ويتشتتون في القضايا الفرعية، وهذا مكمن الخلل في الدولة الديموقراطية، ولابد من التركيز على النظام الانتخابي المرتكز على القوائم والتمثيل النسبي الذي يعكس الإرادة الشعبية الحقيقية، ويساهم في تنظيم العمل السياسي ويكون هناك كتل برلمانية حقيقية تدفع باتجاه الاستقرار السياسي بين السلطتين».
وفي شأن نظام «الصوت الواحد»، وتأخر تعديله، بيّن المضف أن «كل القوانين عندما تتأخر، نرى العرقلة والعقبة الأولى تكون في موقف الحكومة». وأوضح ان «مجلس الأمة لكل عضو رأي في أي قضية، ولا نحكم هذه العملية، لكن الموقف الأساسي يكون لدى الحكومة وموقفها من تصحيح المسار».
ترجمة مضامين الخطاب
وأضاف المضف: «الذي أفهمه مع المراقبين السياسيين عند استعراض عنوان تصحيح مسار المشهد السياسي، أنه عبارة عن إقرار التشريعات الإصلاحية. وبالتالي نتغلب على فساد الحقب الماضية وهذا ما أفهمه... وهذه المسؤولية ملقاة بالدرجة الأولى على الحكومة، لأنها من تمثل هذا الخطاب، رئيس الوزراء يتم تعيينه من قبل رئيس الدولة، وهذا خطاب رئيس الدولة (وتأتي حكومة ورئيس ما يطبق مضامين الخطابات الأميرية)، هذا خلل سياسي جسيم يستوجب المحاسبة الشديدة التي تأتي من السلطة السياسية قبل أن تكون من مجلس الأمة، فالخطاب الأميري بمثابة التزام من نظام الحكم تجاه تحقيق الإصلاحات، وقلتها في لقاء سابق إننا لن نقبل أي تراجع عن تطبيق مضامين الخطابات الأميرية التي تم نشرها وطرحها في عامي 2022 و2023، فهذا أمر غير مقبول بالنسبة لي شخصياً».
وعن كيفية ترجمة مضامين الخطاب، رأى المضف ذلك من خلال «تحقيق التشريعات الإصلاحية المتمثلة بالنظام الانتخابي بالقوائم والتمثيل النسبي وتنظيم العمل السياسي بقانون الجماعات السياسية، وكون ليس لديّ قانون ينظم العمل السياسي فهذا خطأ كبير، إذ لا يفترض في دولة لديها دستور وديموقراطية لا يكون فيها عمل سياسي منظم يعمل وفقاً للقانون ويخضع لرقابة القضاء».
وعدّد المضف القضايا التي لم تعالجها الحكومة، ما تسب بأعباء على الأسر، فقال «لا نتحدث عن تحميل الميزانية العامة أعباء لا تتحملها، لكن عندما ننظر إلى الواقع نراه استحقاقاً، فالمواطن يعاني من غلاء المعيشة، وأين الحكومة من مواجهة الغلاء؟ وعندما نطالب بزيادة معاشات المتقاعدين وتحسين رواتب الموظفين لمواجهة الغلاء الذي لم تستطع الحكومة التعامل معه وتضبط أسعار السلع، فمن الطبيعي أن تكون هناك مطالبات منطقية... وكذلك لم تعالج الحكومة القضية الإسكانية، بشكل مناسب وتوفر رعاية إسكانية للمواطنين بفترة زمنية مناسبة، فمن الطبيعي أن الأسر الناشئة تلجأ للإيجار، وهذا يمثل عبئاً عليها، وكذلك عندما تتجه بعض الأسر للعلاج في المستشفيات الخاصة لأن العلاج بالحكومة أصبح غير مناسب، وهناك تراجع في الخدمات الصحية، فأين دور الحكومة؟».
حكومة لا تُعبّر عن الإرادة الشعبية
شدد النائب مهلهل المضف على أنه «إذا لم يكن هناك إصلاح للنظام السياسي، فلن يكون هناك إصلاح حقيقي لبقية القضايا، مع احترامي الشديد لكل من لديه مجهود، وأن يكونوا أصحاب أفكار للقضايا الخدمية التي تمس المواطن، في النهاية حكومة لا تعبّر عن الإرادة الشعبية لن تعمل لصالح المواطن، ولن تحس به، والدليل أنظر إلى تعاملها مع القضايا التي يعاني منها المواطن، خصوصاً في مطالبات تحسين معيشة المواطن وهذا استحقاق».
الجماعات السياسية... استحقاق دستوري
ذكر المضف أن «لدينا تيارات وقوى سياسية، لكن أين هم على أرض الواقع؟ فلا يتمتعون بأي كيان قانوني وهذا خلل كبير، وهذا يتناقض مع المذكرة التفسيرية للمادة 56 من الدستور، بإجراء المشاورات التقليدية بأن سمو الأمير يتشاور مع رئيس مجلس الأمة ورؤساء الجماعات السياسية ورؤساء الوزارات السابقين، فأين رؤساء الجماعات السياسية من المشاورات التقليدية؟ فهذا أمر يجب تحقيقه، وهي إحدى النواقص التي تعاني منها الدولة، ويجب أن نتغلب على هذه السلبيات، وهذا قانون مقدم».
الحكومة غائبة عن معاناة المواطن
اعتبر المضف أن الحكومة لو تغلبت على الملفات المطروحة من تعليم وصحة ومحاربة غلاء، فستخفف الأعباء بشكل كبير عن المواطن، مشدداً على أن «الزيادة مستحقة لمواجهة غلاء المعيشة الذي يعاني منه الجميع... حتى الأسر ذات الدخل المتوسط تعاني من غلاء المعيشة، فهذا أمر مهم والحكومة غائبة عنه، (بس نلقاها شعارات) في برامج حكومية ضعيفة المحتوى وخالية من الأهداف، ولا يوجد فيها مدد زمنية ويتم التعامل معها بشكل سلبي جداً».
«ما فرقنا شي عن المزمع»
انتقد المضف «التباطؤ في عمل الحكومة والتخاذل في رقابة الوزراء... فهناك تراجع مخيف لا يفترض من الحكومة ورئيسها، بأن يكونوا غائبين عن المشهد السياسي بهذا الشكل، وحتى التهرب من المسؤولية السياسية من ناحية الأسئلة البرلمانية، إذ صارت سنّة جديدة ترسخ في عدم الإجابة عن الأسئلة بحجة عدم الدستورية، (اشفرقت عن المزمع؟، ما فرقنا شي عن المزمع) فهذا خلل كبير»، في إشارة إلى ما جرى في 2021 لجهة موافقة مجلس الأمة على طلب تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها إلى رئيس الوزراء.
المناصب توزّع بالولاءات
تطرق المضف إلى اختيار المناصب القيادية، فقال «لا نرى اختيار المناصب على أساس الكفاءة، بل على حسب الولاء وتعيينات بالبراشوت، فهناك قياديون يتم تعيينهم يقوم الموظفون تحت إدارتهم بتعليمهم ما يجب أن يفعلوه! (هذا شلون حاطه قيادي؟) والمشكلة ليست فقط في القياديين، بل حتى على مستوى بعض الوزراء، وإذا كان يقال من قبل عنهم (كبار الموظفين) الحين صاروا نفس القياديين الذين يتم تعيينهم ومن هم تحتهم يعلمونهم ويتصرفون في أمور الوزارة».
رئيس الوزراء المسؤول التنفيذي الأول
شدد المضف على أن «مسؤولية إدارة البلد يتحملها بالدرجة الأولى رئيس الوزراء، فهو من يختار فريقه الحكومي، وهو الرقيب على أداء وزرائه، كما أنه الرقيب على تعيينات وزرائه في المناصب القيادية، لأنه المُساءل سياسياً عن كل ذلك. فهو المسؤول التنفيذي الأول، ويتحمل المسؤولية المباشرة في جميع الأمور».