خواطر صعلوك

الاختلاط... الحجاب... البكيني!

21 سبتمبر 2023 10:00 م

إنّ الاعتقاد أنّ نزع الحجاب بين الفتيات الشابات تحديداً هو شكل من أشكال الانفتاح أو الاستنارة أو الوعي أو التمرد على السائد والموروث المتخلف، ما سيؤدي إلى مجتمع مدني ليبرالي متفاعل ومساهم في الإنتاج البشري والنهضة الحضارية... لهو اعتقاد أبسط ما يقال فيه إنه استقراء طفولي لم يرتقِ إلى ربط النتيجة بمسبباتها.
والاعتقاد أن ارتداء الحجاب هو تعبير عن التمسك بالقيم والمثل العليا ومعيار لمدى المحافظة على شرائع الدين ما سيؤدي إلى مجتمع رباني يمتلك كفايات العمل وزرع الفسائل وتفجير استعدادات الناس في العمارة والعدل والإحسان... لهو اعتقاد أسخف من الذي قبله.
ولكن مناقشة ظاهرة نزع الحجاب لها أسباب داخلية وخارجية عدة، تماماً كما كان لظاهرة ارتدائه أيضاً أسباب داخلية وخارجية عدة.
يعتقد الليبراليون أن ظاهرة ارتداء الحجاب التي حدثت في الكويت كان سببها ثورة الخميني والصحوة الدينية والجهاد الأفغاني ودخول التيار الإسلامي للسياسة بشكل منظم، والسيطرة على التعليم وبعض مؤسسات الدولة، مع رغبة ومباركة سياسية من الدولة لذلك، وقدرة عائلية وأسرية على فرض توجهاتها تجاه الأبناء.
ومن باب العدل نتساءل، هل علينا اليوم أن نناقش ظاهرة نزع الحجاب تحت المبررات نفسها؟، فنقول إن هناك مجموعة عوامل خارجية وداخلية سببت في ظاهرة نزع الحجاب منها ظهور داعش وأثره على الوعي الديني وما ترافق مع ذلك من ظهور مشاريع إقليمية اقتصادية وترفيهية وسياحية عملاقة هدفها الربح المادي ورفع الدخل القومي حتى لو أدى هذا إلى زعزعة اجتماعية على مستوى القيم والمعتقدات، وكل ذلك تزامنا مع انفجار معلوماتي عبر الشبكة وتفتيت لجميع المراكز التقليدية حتى أصبح الفرد الواحد هو «المواطن الصحافي» والمعبر عن الجميع من خلال هشتاق، رغم أنه لا يعبر عن أهل بيته أو عائلته في نطاقه الضيق، ضف إلى هذا ظهور الفاشنستات وما يحملونه من قيم وما يبثونه من أنماط سلوكية بين قطاع الفتيات الشابات تحديداً، للدرجة التي اثرت في قطاع الأمهات أيضاً، مع انهيار لخصوصية هوية اللباس والزينة في ظل ثقافة العولمة الطاحنة.
وكذلك، ضعف دور الواعظ وظهور المفتي الفضائي على الشاشات بطريقة لا تختلف عن برامج ما يطلبه المستمعون، وظهور خطاب إسلامي شاذ اعتبر الحجاب عادة وليس عبادة لاعتبارات سياسية قبيل الربيع العربي وانتفاخ هذا الخطاب بعده، وتناقضات سياسية وسلوكية لتيارات إسلامية «إخوانية وسلفية» تدعو للحفاظ على الثوابت في المجتمع بينما هم متلونون في سياسة وإدارة هذا المجتمع... هل نستطيع أن نقول إن كل هذه الأسباب ساعدت بشكل أو بآخر في توسع ظاهرة نزع الحجاب على مستوى الوطن العربي كله، وليس على مستوى الكويت فقط؟ ربما نستطيع أن نقول ذلك، فيكون ما هو مذكور في الأعلى جزءاً من الحقيقة وليس الحقيقة كلها، والمفقود في هذا الكل هو الجزء الأهم والذي أسقطه السادة الليبراليون والإسلاميون على السواء وهو الخيار الفردي للفتاة، والبحث عن الذات في ظل خصائص عمرية لا تسير وفق نمط طبيعي بل تتعرض لأعلى معدلات التنبيه اليومي.
فأي تحليل أو تفسير يسقط من معطياته الخيار الفردي وعلاقته بالله، سواء في ظاهرة ارتداء الحجاب أو نزعه أو ظاهرة إطلاق اللحى أو حلقها، أو ظاهرة الاختلاط ومنعها، أو المطالبات بارتداء البكيني، فهو في الواقع سوف يأخذنا إلى متاهة من الأغلاط والأقيسة الخاطئة. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
@moh1alatwan