باكو تؤكد دخول مساعدات إنسانية الى الإقليم الانفصالي
أهالي ناغورني كاراباخ يخشون تجدد الحرب بين أرمينيا وأذربيجان
18 سبتمبر 2023
10:00 م
- عدم إحراز تقدم في محادثات السلام يغذي التوترات ويؤجج المخاوف
في أحد شوارع ستيباناكرت، عاصمة إقليم ناغورني كاراباخ، تعبر أولغا غريغوريان عن قلقها من اندلاع معارك جديدة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية بعد ثلاثة أعوام من الحرب الأخيرة، على خلفية توترات متصاعدة حول الجيب الانفصالي.
وتقول «نعيش في خوف دائم».
خاض البلدان حربين للسيطرة على الإقليم، آخرهما في عام 2020 وانتهت بهزيمة أرمينيا وتحقيق أذربيجان مكاسب ميدانية وبوقف هش لإطلاق النار برعاية موسكو.
لكن وسط انشغال الكرملين في غزوه لأوكرانيا، يتفاقم تدهور الوضع الجيب الإنفصالي، لا سيّما بعدما اتّهمت أرمينيا أذربيجان بتأجيج أزمة إنسانية بعدما أغلقت باكو العام الماضي ممر لاتشين وهو الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا.
ونفت أذربيجان الاتهامات، قائلة إنه يمكن لناغورني كاراباخ تلقي كل الإمدادات اللازمة عبر أذربيجان.
وأمس، أعلنت باكو أن شاحنات محمّلة بمساعدات إنسانية دخلت إلى الإقليم الانفصالي، بعدما اتفق انفصاليون أرمن مع حكومتها على استخدام الطرق التي تربط الجيب بأرمينيا وأذربيجان.
وقال مستشار السياسة الخارجية لرئيس أذربيجان حكمت حاجييف «تمّ ضمان المرور المتزامن لسيارات الصليب الأحمر» عبر ممر لاتشين الذي يربط الجيب الانفصالي بأرمينيا وعبر طريق أغدام الذي يربطه ببقية أذربيجان.
وفي ستيباناكرت، تقول أولغا غريغوريان «الوضع يتفاقم يوما بعد يوم».
وتضيف «الناس خائفون من الاستيقاظ على أصوات القذائف مثلما حصل في العام 2020».
وتتابع «لا نعرف كيف نعيش على هذا النحو وكيف نربّي أطفالنا ونحن نعيش في ضغط مستمر ولا أحد يريد مساعدتنا».
رغم الوساطات المنفصلة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، لم تتوصل يريفان وباكو إلى اتفاق سلام.
ورأى رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في تصريحات لـ «فرانس برس» في يوليو، أن اندلاع حرب جديدة «مرجح جداً».
واتهم باكو بحشد قوات قرب الإقليم الانفصالي الذي تسكنه غالبية من الأرمن وأعلن استقلاله عن أذربيحان بشكل أحادي وبدعم من يريفان قبل أكثر من ثلاثين عاما.
- «استفزاز»
في مايو، قال باشينيان إن أرمينيا تعترف بناغورني كاراباخ كجزء من أذربيجان، في تصريح اعتُبر خطوة أولى نحو سلام دائم.
لكن باكو تعتبر أن رئيس الوزراء الأرميني يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، إذ لا تزال يريفان تموّل أنشطة القوات الانفصالية من ميزانية الدولة.
وقال مستشار السياسة الخارجية لرئيس أذربيجان حكمت حاجييف لـ «فرانس برس»، «ألحقت بعض التصرفات الأخيرة من جانب المسؤولين الأرمن أضرارا بالغة بعملية السلام».
وألمح إلى رسالة تهنئة نشرها باشينيان لمناسبة ذكرى استقلال الإقليم في الثاني من سبتمبر وأثارت غضب باكو.
وأضاف حاجييف «إجراء ما سُمّي بانتخابات رئاسية (في الإقليم) في التاسع من سبتمبر شكّل استفزازاً جديداً»، متهما يريفان بـ«نسف» الحوار.
واعتبر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، هذا الاقتراع غير شرعي.
من جهتها، اتهمت يريفان جارتها بتأجيج أزمة إنسانية في الاقليم بعدما أغلقت باكو العام الماضي ممر لاتشين وهو الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا، وحيث تتواجد قوات حفظ سلام روسية.
- «حرب إقليمية كبيرة»
ويرى محللون أن عدم إحراز تقدم في محادثات السلام يغذي التوترات ويؤجج المخاوف.
وقال المحلل الأميركي بنيامين ماتيفوسيان لوكالة فرانس برس «لا شكّ في أن احتمال نشوب نزاع مسّلح جديد مرتفع جدا، في وقت تحشد أذربيجان قواتها عند الحدود مع أرمينيا وقرب ناغورني كاراباخ».
واعتبر المحلل السياسي الأذربيجاني فرهاد محمدوف «سيبقى خطر استئناف القتال على نطاق واسع مرتفعًا طالما لم توقّع معاهدة سلام».
ورجّح أن «تهاجم باكو أراضي أرمينيا إذا تدخلت يريفان عسكرياً في ناغورني كاراباخ».
من جانبه، قال المحلل الأرمني هاغوب بالايان إن هجوما من هذا النوع على الأراضي الأرمينية يمكن أن يتحوّل إلى «حرب إقليمية كبيرة» تنخرط فيها تركيا - حليفة باكو - وخصمها التاريخي إيران التي تراقب بريبة استراتيجية النفوذ التركي في منطقة القوقاز.
وتصاعدت التوترات مطلع يوليو بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممر لاتشين، ما تسبب في نقص كبير في الامدادات.
وأثار ذلك مخاوف من تجدد المعارك خصوصاً في ظل تعزيز أذربيجان انتشارها العسكري عند الحدود.
دارت الحرب الأولى حول مصير الإقليم عند انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينات، وقد أودت بحياة 30 ألف شخص، فيما خلفت الحرب الأخيرة في عام 2020 نحو 6500 قتيل من الجانبين.