بدأت المساعدات الدولية تصل أمس، إلى ليبيا لدعم الناجين من الفيضانات في مدينة درنة، فيما يتضاءل الأمل بالعثور على أحياء في درنة بعد ستة أيام على فيضانات عنيفة اجتاحت المدينة، وتسبّبت بمقتل آلاف الأشخاص، بينما أكد الناطق باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري، أن الإعصار «دانيال» أثّر على نحو مليون ليبي.
وضرب «دانيال» الأحد شرق ليبيا، لاسيما درنة، التي هطلت عليها أمطاراً غزيرة تسبّبت في فيضان بحجم «تسونامي» أدى إلى انهيار سدّين وتدفّق المياه بقوة وبارتفاع عدة أمتار لتجرف معها كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق.
وخلّفت المياه الجارفة وراءها مشهد دمار هائل على جانبي الوادي الذي يجتاز المدينة، كما لو أن زلزالاً قوياً ضربها.
فبدت بعض أجزاء المدينة التي كانت تُعد مئة ألف نسمة، أثراً بعد عين، فيما لم يتبق سوى أجزاء من مبانيها التي لم تجرفها المياه.
وأفادت مراسلة «العربية/الحدث»، بأن المشهد في درنة «لا يوصف... هناك عائلات فقدت أثرها بشكل كامل».
وأكدت أن درنة باتت أشبه بـ«مدينة أشباح»، خصوصاً بعد إغلاقها من قبل السلطات.
وكشفت أن هناك سكاناً يقبعون بسياراتهم منذ أيام، بعدما ملأت الفيضانات بيوتهم أو هدمتها وتقطعت بهم سُبل الخروج.
وحذّرت منظمات إنسانية، مثل الإغاثة الإسلامية و«أطباء بلا حدود»، من مخاطر انتشار الأمراض المرتبطة بالتلوث المحتمل للمياه.
وجرف السيل عدداً كبيراً من الضحايا نحو البحر الأبيض المتوسط، الذي لفظ العشرات من الجثث التي بدأت بالتحلل.
وأعلنت إدارة الحماية المدنية في مالطا، أن فريق إنقاذ تابعا لها عثر الجمعة على مئات الجثث على شاطئ درنة.
وذكر ناتالينو بيزينا، الذي يقود الفريق المالطي لصحيفة «تايمز أوف مالطا»، أمس، أنه «كان هناك على الأرجح نحو 400 (جثة)، لكن من الصعب التحديد».
واكتشف فريق مكوّن من أربعة أشخاص، الجثث، بعدما عثر أولاً على سبع جثث، بينها جثث ثلاثة أطفال، داخل كهف بجانب البحر.
وقال بيزينا إن فريقاً صغيراً من إدارة الحماية المدنية صادف الكهف الذي كان نصفه مغموراً بالمياه وعثر على الجثث بداخله.
وبينما واصل الفريق البحث، انضمت إليه قوارب ليبية تبحث أيضاً عن الضحايا والناجين، ثم صادف الفريق خليجاً صغيراً مليئاً بالحطام ومئات عدة من الجثث.
- «وضع فوضوي»
ووصفت مانويل كارتون، المنسقة الطبية لفريق من منظمة «أطباء بلا حدود» وصل قبل يومين إلى درنة، الوضع بأنه «فوضوي» ويحول دون حُسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرّف على هوياتهم.
وأكدت أن «غالبية الجثث دفنت (...) في مدافن ومقابر جماعية» والكثير من هؤلاء «لم تحدد هويتهم خصوصاً أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر».
وأوضحت «الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فوراً».
وشدّدت على «وصول أعداد كبيرة من المتطوعين من جميع أنحاء ليبيا وخارجها. وينبغي إعطاء الأولوية لتنسيق المساعدات».
لكن الوضع السياسي وحالة الانقسام بين المؤسسات تعوق عمليات الإغاثة.
فليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرّاً ويرأسها عبدالحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في الشرق، يرأسها أسامة حمّاد، وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي المشير خليفة حفتر.
ولتنظيم عمليات البحث، أكد حمّاد أنه اعتباراً من أمس، سيتم تطبيق إجراءات جديدة في منطقة الكارثة التي سيتم إغلاقها أمام المدنيين والأجهزة الأمنية.
وقال «لن يتمكّن من الوصول إليها سوى فرق البحث والمحققين الليبيين والأجانب».