نقطة على الحرف

التعاون لا التنافر

13 سبتمبر 2023 10:00 م

المتغيرات في المنطقة بصفة خاصة والعالم بصفة عامة تتسارع... وكل يوم نتفاجأ بتقلبات في المزاج السياسي الدولي وبتنظيمات جديدة بدأ بمجموعة «البريكس» عام 2009، ذات التوجهات الاقتصادية والتي تسعى لتوسيع عضوية الدول فيها بدول ذات ثقل مالي واقتصادي إلى ما تمخضت عنه قمة مجموعة العشرين في الهند من مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بدول الشرق الأوسط وأوروبا...

التنين الصيني بثقله الاقتصادي وتمدده الجغرافي يؤرق كل من الولايات المتحدة الأميركية وإلى حد ما الاتحاد الأوروبي، ولعل ما حصل أخيراً من انقلابات عسكرية في دول ذات حاضنة أوروبية وتحديداً فرنسية يعد لمصلحة الصين.

روسيا منهمكة في الحرب الأوكرانية... العالم يسير إلى التعددية القطبية... الإستراتيجية تحتم على الدول إعادة تموضعها درءاً للأخطار ولتحقيق مصالحها على المدى الطويل.

السؤال، هو أين نحن من هذه التطورات؟ هل لدينا تخطيط إستراتيجي يستشعر هذه المتغيرات ويقدم رؤى إستراتيجية نستطيع من خلالها أن نكون في منأى عن الترددات السلبية (survival) والاستفادة قدر الإمكان من هذه التحالفات الجديدة على أسس مبدأ المناورات (Maneuvers)...؟ الدول ذات الحجم الجغرافي الصغير تعني بالدرجة الأولى بأن تكون على مسافة متساوية من أي تحالفات وتعني بتدعيم استقرارها والمحافظة على أمنها من خلال ربط علاقاتها بالجميع بروابط اقتصادية بالدرجة الأولى، وهذا لن يتأتى في بيئة اقتصادية واستثمارية طاردة... لن تتحقق لها المرونة في الحفاظ على أمنها الإستراتيجي في ظل وجود تجاذبات داخلية توحي للآخرين بأنها في وضع سياسي وأمني غير مستقر...

الحرية والديموقراطية التي تتمتع بها أي دولة توظف لتحقيق المصالح لا أن تكون معول هدم لهذه المصالح...

من هذه الزاوية ونحن نسمع ونتابع ما يدور في شأننا الداخلي من أصوات ولعلها تكون محقة في حالة الاحباط من أمور كثيرة ليست وليدة اليوم، ولكنها تركة لسنوات سابقة ولا يمكن لنا أن نطالب الحكومة ورئيسها في إحداث الفارق بفترة زمنية قصيرة، فالحكومة لاتملك عصا سحرية لكنها بحاجة إلى النوايا الصادقة من الجميع في مد يد التعاون لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وليس من الحصافة بمكان أن يكون الجميع أسرى لأصوات المجهولين في وسائل التواصل الاجتماعي والذي نحن على يقين أنهم يخدمون أجندات معينة للضرب اليومي في الجهود المبذولة من قبل الحكومة ورئيسها، وإن كنا نقر تماماً بأن اليد الواحدة لاتصفق وأن هناك خللاً في الاختيار وهناك خللاً في المحاسبة وهناك خللاً في الآلة الإعلامية للحكومة والتي يجب أن تأخذ المبادرة والشفافية في اطلاع المواطنين على أي تطورات وألّا تترك الأمور لحسابات التواصل الاجتماعي... هناك قصور كبير ولكننا موعودون بانجازات مقبلة واضعين في الحسبان صدق النوايا...

لا نملك في هذه المرحلة والتي تتطلب تضافر الجهود إلا أن نكون يداً واحدة، وإذا كان هناك انتقاد فليكن موضوعياً بعيداً عن التكسب الشخصي والانتقام السياسي...

سمعنا أصواتاً تنادي بكذا وكذا، وهي في فترة من الزمن كانت في موقع التغيير والإصلاح لكن ماذا حدث؟!

يقول أرسطو (أن أصعب الأمور معرفة الإنسان نفسه وأسهلها وعظ غيره). نحن الآن بحاجة إلى رفد الجهود لمواجهة المتغيرات والتقلبات الإقليمية والدولية حفاظاً على الكويت وأمنها ومصالحها.

الكويت وطن وهي الباقية والجميع راحلون لا نتعامل معها كمصدر دخل بل هي الحضن وهي الأم وهي الهواء الذي نستنشقه كل يوم... الكويت هي الكرامة قبل الفلوس هي الثراء الروحي قبل المالي، هي كما قال الفيلسوف جان جاك روسو (الوطن هو المكان الذي لا يبلغ فيه المواطن أن يشتري مواطناً آخر، ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر أن يبيع نفسه وكرامته).

حفظ الله الكويت.