زيادة أسعار النفط في العادة تُقرأ بشكل إيجابي حيث إنها ستوفّر وفرة مالية، ومن ناحية أخرى هي سلبية بسبب أنها ستؤجل أيّ إصلاح اقتصادي وتفتح الشهية لزيادة المصروفات أكثر، وهذا ما لا نتمناه، مثل الكوارث المالية في بيع إجازات الموظفين ومكافأة الصفوف الأمامية وتوزيع الأموال، ولكن ماذا لو نزل سعر برميل النفط لأيّ سبب من الأسباب، ماذا ستفعل؟.
ويجب ألّا نتفاءل كثيراً بارتفاع أسعار النفط، فأسعار الطاقة قد لا تستمر لفترات طويلة وهي متذبذبة وقد نُحقق فوائض مالية هذا العام، ولكن ماذا بعد ذلك؟
من الصعوبة أن تنهض دولة في هذا العصر المتغير من دون أن يكون للقطاع الخاص دور محوري في الإنتاج، فهو شريك أساسي في عملية بناء الدول الحديثة، وخصخصة القطاعات الخدمية المترهلة إدارياً.
قبل سنوات قصيرة كنا نتحدث عن عجوزات في الميزانية وعدم القدرة على دفع الرواتب من دون الاستدانة... ويجب أن نتعلّم من التاريخ ونأخذ منه العِبرة والعظة، ومازلنا في دائرة الخطر للسنوات المقبلة بسبب اعتمادنا على النفط كمصدر شبه وحيد.
وما تم في بيع الإجازات مع أن القطاع العام يوظّف أكثر من 80 في المئة من إجمالي الموظفين، والكل يعرف حجم البطالة المقنّعة في الكثير من المؤسسات الحكومية، لدرجة أن بعض الجهات تمنع حضور الموظفين بسبب عدم وجود أماكن لهم، فلماذا يتم سن مثل هذا القانون الذي يكلّف الخزينة مليار دينار كويتي؟!.
ماحدث كان خطأ ويجب ألا يتكرّر الخطأ مرة ثانية، أموال البلد يجب المحافظة عليها، وهي ليست غنائم يتم اقتسامها وتوزيعها للناس، ولكن يجب أن تتم تنميتها للشباب القادم إلى سوق العمل، حيث هناك أكثر من 700 ألف شاب أعمارهم تقل عن 24 سنة، فهم بحاجة إلى وظائف ورعاية صحية وتعليم وسكن... من أين ستتم تغطية نفقاتهم إذا كنا نوزّع الأموال بهذه الطريقة؟.
والصدمة الثانية، هي موضوع الرواتب الاستثنائية، حيث ذكر معالي وزير المالية فهد الجارالله -في رده على سؤال للنائب مهند الساير: أن إجمالي مستحقي المعاش القانوني الذين مُنحوا معاشاً استثنائياً يبلغ 1370 حالة، موضحاً أن مجموع المعاشات القانونية لهذه الحالات، يبلغ 1.876.397.337 ديناراً، وإجمالي معاشاتهم التقاعدية بعد الاستثناء يبلغ 3.093.774.927 ديناراً.
وأفاد: أن إجمالي الرصيد المستحق على الخزانة العامة في 30 يونيو 2023 يبلغ 2.198.893.298.546 ديناراً، متضمّناً جميع المبالغ المستحقة لقوانين أو قرارات عُهد للمؤسسة بتنفيذها، كاشفاً أن 9 وزراء حاليين، و139 سابقين، و36 نائباً حالياً و162 من السابقين يستفيدون من المعاشات الاستثنائية إلى جانب عدد من القياديين.
وفكرة الرواتب الاستثنائية كانت بسبب أن بعض الوظائف رواتبهم تتجاوز المنصب الحكومي، أو مَنْ قدّم خدمات للوطن استحق هذه المبالغ وبسبب ضعف الحالة المادية له، ولكن أن يتم إعطاء الجميع بهذه الطريقة الأمر الذي يكلّف الميزانية مبالغ فلكية، وهو أمر يتنافى بما نسمعه من تقشف في الميزانية، لذلك يجب إعادة شروط مَنْ تنطبق عليهم ضوابط الرواتب الاستثانية.
الخلاصة، هي أن التغييرَ ممكنٌ ولكن يحتاج إلى إرادة حقيقية، وكفاءات شبابية قادرة على الإدارة... وهم موجودون ولكن يحتاجون إعطاءهم الفرصة.