زلازل وأعاصير - عواصف "مُصطنعة"... ونظريات المؤامرة!
13 سبتمبر 2023
10:00 م
بعد زلزال المغرب وإعصار "دانيال"، انتشرت "نظريات مؤامرة" تروج لكون تلك الظواهر الطبيعية "مُصطنعة" أو حدثت بـ "فعل فاعل"، بينما يكشف مختصون تحدث معهم موقع "الحرة" عن مدى صحة ذلك، ويقدمون أدلة علمية حول حقيقة تلك الادعاءات.
زلزال المغرب "المدمر"
في المغرب، تتواصل عمليات البحث والإنقاذ للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمن فقدوا منازلهم، رغم تلاشي الآمال بعد مرور أيام على الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 6.8 درجة على مقياس ريختر، وضرب جبال الأطلس الكبير، ليل الجمعة.
وبعد وقوع الزلزال الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منذ عام 1960، والأقوى منذ أكثر من قرن، انتشرت نظريات مؤامرة، زعم مروجوها أنه "مفتعل"، وقد لاقت بعض تلك الادعاءات رواجاً بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن بين هذه النظريات اتهام برنامج "هارب" (HAARP)، وهي الأحرف الأولى بالإنكليزية لبرنامج علمي أميركي متخصص في دراسة الغلاف الأيوني، بافتعال الزلزال.
وقد أطلقت بعض المنشورات على البرنامج اسم "سلاح هارب".
زلزال "مفتعل"؟
تحدث الزلازل لأن الحركات البطيئة والمستقرة للصفائح "التكتونية" تتسبب في تراكم الضغوط على طول الصدوع في القشرة الأرضية، وفقاً لموقع "ساينتيفيك أميركان".
والصدوع هي "مستويات تمتد لأميال داخل الأرض"، والاحتكاك الناتج عن الضغط الهائل بسبب وزن الصخور المغطاة يفاقم الحالة.
ويبدأ الزلزال في بقعة صغيرة على الصدع، وهنا يتغلب الضغط على الاحتكاك، ثم ينزلق الجانبان من بعضهما البعض.
ويؤدي احتكاك الجانبين ببعضهما البعض على مستوى الصدع إلى إرسال موجات من حركة الصخور في كل اتجاه.
وعندما يحدث الزلزال يطلق الطاقة في موجات تنتقل عبر القشرة الأرضية وتسبب الاهتزاز الذي نشعر به، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
لذلك يؤكد أستاذ الجيولوجيا، عباس شراقي، استحالة "تصنيع أو تخليق الزلازل" من منظور علمي.
وفي الحالة المغربية يوجد "فالق كبير" يبدأ من مدينة أغادير مروراً بإقليم الحوز ومراكش وممتد شرقاً حتى الحدود الجزائرية، ويسمى بالفالق الجنوب أطلسي، وفقاً لحديثه لموقع "الحرة".
ويتساءل مستنكراً "إذا كان الزلزال مفتعلاً فكيف يكون مركزه الفالق"؟
ويوضح أن مركز الزلزال يقع على عمق قرابة 18.5 كيلومتر، وقوته تعادل مليوني طن من الديناميت، ما يؤكد "استحالة تخليق ذلك".
إعصار "دانيال"
في ليبيا، سقط آلاف القتلى ولا يزال أكثر من عشرة آلاف في عداد المفقودين، إثر سيول وفيضانات جلبها الإعصار "دانيال" العاتي الذي هب من البحر المتوسط، وأدى لانهيار سدود وجرف في طريقه بنايات ومنازل، ومحا ما يقرب من ربع مدينة درنة الساحلية (شرق).
ونقلت تقارير إعلامية عن ناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لحكومة شرق ليبيا، أن "أكثر من 5200 شخص" قضوا في درنة وحدها.
وبالتزامن مع اجتياح الإعصار، ليبيا، ظهرت أيضا بعض المنشورات التي ادعى ناشروها أنه "مصطنعاً".
عاصفة "مصطنعة"؟
لا يوجد ما يسمى بـ"العاصفة المصطنعة أو المخلقة"، ومن المستحيل علمياً "القيام بذلك"، وفقاً لحديث خبير الأرصاد الجوية والتغيرات المناخية وحيد سعودي.
هناك "تطرف مناخي"، تسبب في ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط، وبذلك تحولت المياه إلى "بخار ماء"، وهو ما أدى لنشوب العاصفة، وفقاً لحديثه لـ "الحرة".
ويشير إلى أن العاصفة بدأت تتحرك فوق مسطح البحر المتوسط من اليونان نحو السواحل الشرقية لليبيا، وتحولت إلى "منخفض شبه حراري".
وبذلك أصبح نصف العاصفة فوق مسطح البحر المتوسط والنصف الآخر فوق مسطح الصحراء الغربية، واتخذ "المنخفض شبه الحراري" مساراً من الغرب إلى الشرق نحو مصر، ومن المستحيل أن يكون ذلك "من صنع البشر أو بفعل فاعل"، وفق ما يوضح الخبير.
هل توجد علاقة بين الزلزال والإعصار؟
في سياق نظريات "المؤامرة" ادعى البعض ارتباط زلزال المغرب بالإعصار - العاصفة، وهو ما ينفيه شراقي، قائلاً "لا يمكن للزلازل التسبب في نشوب أي عواصف".
ولا تؤثر الاهتزازات الناتجة عن الزلزال على "الكتل الهوائية" بالغلاف الجوي، حسب ما يؤكد أستاذ الجيولوجيا.
ويتفق معه سعودي الذي يؤكد أن "الزلازل لا يمكن أن تتسبب في اندلاع عواصف".
لماذا ترتبط "نظريات المؤامرة" بالكوارث؟
يشير رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلوان في مصر خالد عبدالفتاح، إلى أسباب عدة لظهور "التفسيرات الغيبية ونظريات المؤامرة" بالتزامن مع الكوارث الطبيعية.
وتظهر "التفسيرات الميتافيزيقية" داخل المجتمعات نتيجة نقص المعرفة والقصور العلمي في فهم أو تفسير الظواهر الطبيعية، وفق ما يوضح لـ "الحرة".
وبسبب "نقص المعلومات والمعرفة" تظهر الإشاعات والتوصيفات المغلوطة، وتنتشر بين بعض الناس، وعلى جانب آخر يلجأ البعض إلى "التفسيرات الغيبية" لتوضيح بعض الظواهر الكونية الكبرى التي لا يوجد لها "تفسير علمي"، بحسب أستاذ علم الاجتماع.
ويشير عبدالفتاح إلى أن "نظريات المؤامرة والتفسيرات الميتافيزيقية"، تظهر وتنتشر بين بعض المجتمعات التي تعاني من "انتشار الأمية وضعف التعليم، ونقص التوعية وقصور المعرفة العلمية".
ويوضح أن البعض "يستفاد" من رواج التفسيرات "غير العلمية" للظواهر الطبيعية، ويستخدم ذلك لتحقيق "مكاسب ومنافع خاصة" بهدف تكريس "سلطتهم ونفوذهم" على بعض البسطاء.
ويحذر أستاذ علم الاجتماع من التعاطي مع "التفسيرات غير العلمية" وتداولها وتناقلها، لكون ذلك "يكرس الجهل ونقص المعرفة" في المجتمعات، ويبعد الناس عن "الاعتماد على العلم" لتفسير الظواهر الطبيعية المختلفة.