حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أن اليمن بات يعاني من أحد أعلى معدلات التلوث بالألغام وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب، في العالم، بعد تسع سنوات من بدء النزاع.
وقال مدير عمليات الشرق الأوسط في اللجنة فابريزيو كاربوني في مقابلة مع «فرانس برس» عبر الهاتف من اليمن، حيث كان يجري مباحثات، إن أفقر دول شبه الجزيرة العربية، هي من بين أكثر ثلاث دول تضرراً بالمتفجرات.
ويقدّر خبراء أن ما لا يقلّ عن مليون لغم زرعت خلال سنوات الحرب التي اندلعت في منتصف 2014 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين سيطروا في السنة ذاتها على العاصمة صنعاء.
وتابع كاربوني «عندما يتعلّق الأمر بالتلوّث بالسلاح، فإن اليمن، إلى جانب أفغانستان والعراق، من بين الدول الثلاث الأكثر تضرّراً من ذلك»، مضيفا «أنّه أمر مدمّر حقاً وله تأثير كبير على الناس وسلامتهم وكذلك سبل عيشهم».
وخلّف النزاع مئات آلاف القتلى لأسباب مباشرة وغير مباشرة، بينها المجاعة.
ووفقاً لـ«مشروع مراقبة الأثر المدني» المرتبط بالأمم المتحدة، تسبّبت الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحرب في 1.469 ضحية من المدنيين خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال كاربوني «حجم الذخائر غير المنفجرة هائل».
في منطقتين قريبتين من جبهات قتال، أبلغ 20 في المئة من أصحاب الماشية، اللجنة الدولية خلال استطلاع العام الماضي عن وجود متفجرات في أراضيهم. كما خلصت دراسة أخرى أجرتها اللجنة إلى أن 70 في المئة من هؤلاء فقدوا ماشية بسبب الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات.
- «عقود»
وحذّر كاربوني من أن انتشار المتفجرات «كبير للغاية، لدرجة أنه من غير الممكن إزالة» كل الألغام ومخلّفات الحرب في حال انتهى الصراع اليوم.
وأوضح أنه حتى لو ساد السلام، فإن إزالة المتفجرات ستستغرق سنوات عديدة، مضيفاً «نحن نتحدث عن عقود، ربما. لكنّها (...) مسألة موارد» في الأساس، وهو ما يفتقده اليمن حالياً.
وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل 2022، ولا يزال قائما إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مدة الاتفاق في اكتوبر 2022.
وأثار التقارب الذي تم أخيراً بوساطة صينية بين إيران والسعودية بعد ثماني سنوات من قطع العلاقات بينهما، أملاً بنهاية النزاع في اليمن.
وقال كاربوني «هي المرة الأولى التي أشعر فيها حقا أن هناك خيارات سياسية مقنعة وملموسة على الطاولة، وأن العنف والصراع لم يعد الخيار الوحيد».
وفي الانتظار، يقوم الصليب الأحمر بتدريب السكان على الإبلاغ عن مخلّفات الحرب وكيفية التعامل معها.
وتابع «نعقد جلسات مع السكان حيث نبلغهم بالمخاطر المتعلّقة بالذخائر غير المنفجرة، ونطلب منهم إبلاغنا إذا عثروا على مخلفات حرب، حتى نتمكن من تنظيم (عملية الإزالة) مع مختلف السلطات والشركاء».
وأضاف «هذا أمر جديد تماما بالنسبة لنا».
إلى جانب ذلك، تبذل اللجنة أيضا جهودا لتحديد هوية رفات مقاتلين لقوا حتفهم وإعادتها إلى العائلات.
وقال مدير عمليات الصليب الأحمر الإقليمي «هناك العديد من الجثث (...) ونريد حقا العمل مع جميع أطراف هذا الصراع لدفع هذا الملف قدماً»، مضيفاً «نحن نستثمر في الطب الشرعي، ونستثمر كذلك في محاولة جمع كل الأطراف حول الطاولة».
في مايو الماضي، تبادل المتمردون والقوات الحكومية جثث 43 مقاتلاً، في أكبر عملية من نوعها حتى الآن منذ بداية الحرب. وقبل ذلك بشهر، أطلقوا سراح ما يقرب من 900 معتقل.
وأكد كاربوني «نريد أن نكون متفائلين، ولكن في الوقت ذاته، لا نريد أن نكون ساذجين».