«السحر في تراثنا، أسطورة تداولتها الحضارات».
الكلام للشاعر والروائي العماني زهران القاسمي، الذي حلّ ضيفاً أمس، في «الملتقى الثقافي» للروائي القدير طالب الرفاعي، مفتتحاً أولى جلسات موسمه الثقافي الـ 12، ليتحدّث بإسهاب عن علاقته بالطبيعة ورواياته المائية، لاسيما «تغريبة القافر» التي حازت جائزة «البوكر» للرواية العربية لهذا العام.
وشهد الملتقى حضور باقة من الأدباء والمثقفين، يتقدمهم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالإنابة الدكتور محمد الجسار، ونائب سفير سلطنة عمان لدى الكويت المستشار شهاب بن سالم الرواس، وعميد المعهد المسرحي السابق الدكتور علي العنزي، والفنان والكاتب عبدالعزيز الحداد، والكاتبة هدى الشوا، والكاتبة باسمة العنزي وغيرهم من الأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي.
«شموع ثقافية»
بعد الترحيب بضيوفه، قال الرفاعي في كلمته الافتتاحية للموسم الثاني عشر إن هذا الملتقى ما كان ليستمر لولا هذه الوجوه النيّرة، التي تقدم الكثير بحضورها ومشاركاتها وآرائها، مشيراً إلى أن الملتقى الثقافي «كما الكثير من بؤر التنوير في الكويت مثل (تكوين) و(جليس) و(صوفيا)، هو شمعة صغيرة في ساحات الثقافة الكويتية، في حين يلعب المجلس الوطني للثقافة الدور الرئيسي في التوجّه للأمة العربية، عبر الإصدارات التي قدمها، ومنها (عالم الفكر) و(عالم المعرفة) وما إلى ذلك من الكتب التي صنعت جسراً ما بين الكويت والمثقف العربي في كل مكان، ولا نغفل كذلك (مجلة العربي) التي نشأت في بادئ الأمر تحت ظل وزارة الإعلام، ثم انتقلت تحت مظلة المجلس الوطني».
«تغريبة القافر»
بعدها، كشف القاسمي عن مضمون روايته «تغريبة القافر»، التي قال إنها رواية مائية تدور أحداثها في إحدى القرى العمانية، وتحكي قصة أحد مقتفي أثر الماء، والذي تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية، «فحياة القافر منذ ولادته مرتبطة بالماء، حيث خرج إلى الحياة لحظة وفاة أمه غرقاً في البئر، فأضحى منعزلاً عن الآخرين في القرية، ولكنه يتميز بقوة السمع لصوت الماء تحت باطن الأرض، إلا أنه لم يجد من يصدّقه في بادئ الأمر، بل أصبح الناس يسخرون منه ويتنمرون عليه، حتى أثبت لهم قدرته على اكتشاف منابع المياه، فحظي بشهرة واسعة في القرية التي يسكنها والقرى المجاورة لها».
ولفت القاسمي إلى أن الرواية أخذت من وقته قرابة العامين في الكتابة والأبحاث التي أجراها، بالإضافة إلى الحكايات التي سمعها من كبار السن عن القفارين، قبل أن تبصر النور وتحظى بجائزة «البوكر»، بالإضافة إلى الاحتفاء بها في مناسبات ثقافية مختلفة.
«أساطير الحضارة»
كما علّق القاسمي على ما أثير في «الملتقى الثقافي» حول علاقة السحر في التراث العُماني، موضحاً أن كل الحضارات الممتدة عبر التاريخ لها أساطيرها وخرافاتها، «وعمان هي حضارة زراعية، ودائماً ما تكون الحضارات الزراعية مرتبطة بالأساطير وكل ما يتعلّق بالجن أو السحر والشعوذة».
وأضاف «لعلّ من أكثر الأساطير التي يتداولها الناس في البيئة القروية، هي شخصية (الروع) وهو نوع من أنواع الجن، يُروّع الناس، ولكنه ليس خطراً عليهم، وإنما فقط يحاول إخافة الشخص إذا كان يسير لوحده في عتمة الليل».
ولفت إلى أن الأساطير تسافر من حضارة لأخرى، «كشخصية (سندريلا) التي كان أصلها فرعونياً، قبل أن تنتقل إلى حضارة أخرى، وكذلك أسطورة الرجل صاحب حافر الحمار، وهي أسطورة أغريقية، أصبحت عربية في ما بعد».
«الشعر في عمان»
وعن علاقة العمانيين بالشعر، أجاب القاسمي: «هناك شعر جزيل في سلطنة عمان، وتجارب شعرية مذهلة مرّت على هذا البلد، مثل القصيدة الهرمية والتي تكتب على شكل هرم، والقصائد الرباعية والخماسية والسداسية. وقد لا يعرف البعض أن قصيدة (يا من هواه أعزه وأذلني) هي للإمام العماني سعيد بن أحمد البوسعيدي، بالإضافة إلى البيت الشهير القائل: (أعلمه الرماية كل يومٍ... فلما اشتد ساعده رماني) وهو لمالك بن فهم الأزدي (أبو العمانيين)، وغيرها من القصائد المهمة في تاريخ الشعر العربي، والتي لا يعرف الكثيرون بأنها لشعراء عمانيين».
«الشعور بالإحباط»
بسؤاله عمّا إذا كان متوقعاً النجاح لرواية «تغريبة القافر»، ردّ القاسمي: «لم يَدر في خلدي أن تحقق الرواية أي جائزة، لأن المجتمع الذي نعيش فيه إلى جانب الأشخاص المحيطين بنا لا يُشعرونا بأهمية ما نكتب. وللأسف، دائماً ما تجد من يشعرك بالإحباط ويجعلك غير متفائل بالنجاح».
«البطاقة الشخصية»
وُلد القاسمي في قرية «دماء والطائيين» بسلطنة عُمان عام 1974. وصدر له أربع روايات، هي «جبل الشوع» (2013)، «القنّاص» (2014)، «جوع العسل» (2017) و«تغريبة القافر» (2021)، بالإضافة إلى عشرة دواوين شعرية.