المحكمة الاتحادية العليا في العراق تُناقض نفسها: 2023... اتفاقية خور عبدالله «غير دستورية» 2014... اتفاقية خور عبدالله «دستورية»

4 سبتمبر 2023 10:00 م

- تسلسل زمني:
- سبتمبر 2023: حكم من المحكمة الاتحادية بعدم دستورية الاتفاقية
- ديسمبر 2014: حكم من المحكمة الاتحادية بدستورية الاتفاقية
- يناير 2014: مصادقة مجلس الوزراء العراقي على محضر اجتماع اللجنة العليا المشتركة مع الكويت
- 2013: مصادقة مجلس النواب على الاتفاقية
- 2012: توقيع الاتفاقية بين البلدين

في قرار تفوح منه رائحة السياسة والتكسب الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في العراق المقررة في ديسمبر المقبل، قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس، بـ«عدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية» بين العراق والكويت في شأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، بعدما كانت أصدرت حكماً مغايراً تماماً بالقضية نفسها، في العام 2014.

واستغربت مصادر مطلعة أن تعيد المحكمة العليا النظر في قضية سبق وحسمت موقفها منها، خصوصاً أن أحكامها وقراراتها تُعتبر باتة وملزمة للسلطات التنفيذية والتشريعية.

وخور عبدالله هو خور يقع في شمال الخليج ما بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيين وشبه جزيرة الفاو العراقية. ويمتد هذا الخور إلى داخل الأراضي العراقية مشكلاً خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر.

2023

وأعلنت المحكمة، عبر موقعها الرسمي، أنها «قررت في جلستها المنعقدة (أمس) الاثنين الموافق 4 - 9 - 2023 في الدعوى المرقمة (105 وموحدتها 194/ اتحادية /2023 ) الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت في شأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013».

وأضافت أنها «أصدرت قرارها لمخالفة أحكام المادة (61 / رابعاً) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن (تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب)».

2014

وكانت المحكمة نفسها قد قضت في ديسمبر 2014 بدستورية الاتفاقية، وبصحة المصادقة عليها في مجلس النواب بالأغلبية البسيطة.

ونشرت المحكمة، على موقعها الرسمي حينذاك، أنها «ردت دعوى الطعن في قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة النهرية بين العراق والكويت، وأكدت أن التصويت عليه داخل مجلس النواب كان وفقاً للشروط الدستورية».

وقال الناطق الرسمي للسلطة القضائية الاتحادية القاضي عبدالستار بيرقدار إن «المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم الخميس المصادف 18 - 12 - 2014 برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور جميع أعضائها».

وأضاف أن «المحكمة قررت رد دعوى أقامتها النائبة عالية نصيف تتعلق بإلغاء قانون تصديق الاتفاقية بين جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت في شأن تنظيم الملاحة النهرية في ميناء خور عبدالله»، لافتاً إلى أن «قرار رد الدعوى استند إلى أن التصويت على الاتفاقية داخل البرلمان جاء وفق الدستور بالأغلبية البسيطة».

أهمية خور عبدالله

خور عبدالله ممر ملاحي يقع بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويعد الممر الملاحي الوحيد من وإلى البصرة ويتصل بالساحل العراقي عبر خور الزبير، وتقع على ضفتيه أهم موانئ البلدين، وهما ميناء مبارك الكبير الكويتي وميناء الفاو العراقي.

وكان ملف خور عبدالله قبل 2013 جزءاً من النزاع الحدودي بين الكويت والعراق، وتناوله قرارا مجلس الأمن الدولي 687 لسنة 1991، و833 لسنة 1993، وعلى أساسهما جرى توقيع اتفاق تنظيم الملاحة البحرية بين البلدين في 2012، واستند التقسيم إلى خط المنتصف بين الساحل العراقي ومناظره الكويتي.

الاتفاقية

اتفاقية خور عبدالله أو اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله هي اتفاقية دولية حدوديّة بين العراق والكويت، صودق عليها في بغداد في 25 نوفمبر 2013 تنفيذاً للقرار رقم 833 الذي أصدره مجلس الأمن سنة 1993 بعد عدة قرارات تلت الغزو العراقي للكويت سنة 1990، واستكمالاً لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين، ووضع تحديد دقيق لإحداثياتها على أساس الاتفاق المُبرم بين البلدين بعد استقلال الكويت سنة 1961.

أدت هذه الاتفاقية إلى تقسيم خور عبدالله بين البلدين، حيث قُسم الممر الملاحي الموجود بنقطة التقاء القناة الملاحية في خور عبدالله بالحدود الدولية، ما بين النقطة البحرية الحدودية رقم 156 ورقم 157 باتجاه الجنوب إلى النقطة 162 ومن ثم إلى بداية مدخل القناة الملاحية عند مدخل الخور.

وتنص المادة 1 منها على أن «الغرض من هذه الاتفاقية هو التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبدالله بما يحقق مصلحة كلا الطرفين».

كما تنص المادة 4 على أن «يمارس كل طرف سيادته على الجزء من الممر الملاحي الذي يقع ضمن بحره الإقليمي بما لا يتعارض مع حق المرور البريء المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982».

وتنص المادة 6 على أن «لا تؤثر هذه الاتفاقية على الحدود بين الطرفين في خور عبدالله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة (1993)».

ضجة 2017... وتصريح العبادي عن مهاترات النظام البائد

لطالما أثار النواب والسياسيون العراقيون ضجيجاً حيال اتفاقية خور عبدالله، لأسباب داخلية أحياناً وبدفع إقليمي أحياناً أخرى.

وفي إحدى هذه المرات، تحديداً في 1 فبراير 2017، كان هناك تصريح لافت لرئيس الوزراء حينذاك حيدر العبادي أكد فيه صحة الاتفاقية، ووجود أسباب داخلية وراء إثارة القضية.

وقال العبادي، في مؤتمر صحافي، إن «الضجة الإعلامية حول خور عبدالله غير مفهومة ماهي دوافعها ومن وراءها ولماذا؟»، مشيراً إلى أن «اتفاقية 2013 الموقعة بين العراق والكويت، صادقت عليها الحكومة العراقية السابقة ومجلس النواب، وهي اتفاقية ملاحة وليست تخطيط حدود وأن طرح هذا الموضوع اليوم لا نعرف لماذا؟».

وأضاف أن «المصلحة العراقية فوق الجميع، ومن ضيّع حقوق العراق هي سياسات النظام السابق ومهاتراته».