في الحراك النسوي تقوم النساء بمشاركة تجاربهن وآرائهن والتكلم عن أهم القضايا التي تمسهن في حياتهن اليومية، كما يطالبن بحقوقهن المسلوبة أو التي بها تمييز ضدهن، والقضايا التي عادةً ما يتم فيها استغلال صمتهن باسم العادات والتقاليد وبسبب القيود الاجتماعية مما يُهدد أمنهن وسلامتهن.
إذاً، كل شيء يدور حولها وحول قضاياها كون تلك القضايا تستهدف جنسها والقوانين التي بها تمييز وضعت بسبب جنسها لا غير، لكن في المقابل نجد العديد من الحملات ضد هذا الحراك والتي يترأسها الذكور بدعم من النساء المؤيدات للثقافة الذكورية، على الرغم من أنه حراك إنساني يهدف للمساواة والمطالبة بالحقوق، نساء يطالبن بحقوقهن لكن لماذا يشعر الذكور بالتهديد والخوف من هذا الحراك؟
نسمع ونقرأ يومياً عبارات مثل: «هناك حرب على الرجال»، «أخذت حقوقك كاملة نحن مَنْ يجب أن نطالب بحقوقنا»،
«ليس كل الرجال هكذا»، «أنتِ تريدين الانحلال وإفساد المجتمع»، «أنتِ تكرهين الرجال»، «أنتِ تطالبين بحقوقك بطريقة خاطئة»، وصارت هناك حملة ممنهجة على الحراك النسوي، بحيث صار الأمر كما لو أن كلمة النسوي شتيمة.
يخاف الذكر من تفوق النساء، فهم خائفون من أن تتولى النساء زمام الأمور، فيفقدون امتيازاتهم التي تضمن لهم التفوق والحصول على ما يريدون ولو على حساب النساء، سواء في الدراسة والعمل وحتى العلاقات الاجتماعية، وعندما نتحدث عن مجتمعات بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن الرجل أحياناً كثيرة يتفوّق على المرأة فقط لأن جنسه ذكر، ولذا يخاف من توافر الفرص للمرأة للحفاظ على استمرار قوته كونه رجلاً فقط والذي تدعمه السلطة الذكورية ونظام الوصاية.
قلة الوعي عند الرجال واعتقادهم بأن المرأة أخذت كامل حقوقها، حيث يعتقد بعض الرجال أن المرأة بوضعها الحالي تعيش حياة رفاهية، ولم لا فالمسؤولية على الرجل في توفير متطلبات الحياة من مهر ومصاريف وغيرها بينما هي تجلس في البيت ولا تحتاج إلى الخروج للعمل أو الدراسة، علماً بأن هذه الأدوار هي من نتائج الثقافة الذكورية أي أن هذا الفكر يزيد من مسؤوليات الرجل أليس من الأفضل أن يطالب هو أيضاً بالمساواة؟
يخضع الرجل أيضاً لقيود النظام الأبوي وضغط الثقافة الذكورية التي تفرض عليه صورة نمطية متخلّفة وبدائية للرجل، فيتوقع منه المجتمع ألا يبكي ولا يُعبّر عن مشاعره يجب عليه أن يكون قوياً دائماً، يصوّره المجتمع على أنه مسعور جنسياً غير قادر على التحكّم بنفسه عند مشاهدة النساء، وهو الوصي على نساء عائلته ويقع عليه عبء توفير كل متطلبات الحياة لهم، شرفه مرتبط بكل نساء العائلة ولا يرتبط بأخلاقه وأفعاله، وبالتالي لا يحظى بحياة صحية مع أمه أو اخته أو زوجته لأن عليه عبء المراقبة والسيطرة.
كما تم ترسيخ مفهوم الرجولة لتعني السيطرة على المرأة والتحكم بحياتها وإخضاعها والشعور بالقوة والتفوّق عليها، كما أنها ضعيفة وأدنى من الرجل ولذلك تحتاج إليه لحمايتها، وتوفير كل احتياجات الحياة لها، لذا، لا يُمكن للرجل أن يتساوى مع المرأة وإلّا لن يكون رجلاً وسيخسر رجولته.