يمكن أن يمثل توسع مجموعة بريكس شريان حياة لكل من إيران والأرجنتين اللتين وُجهت إليهما الدعوة للانضمام للتكتل وتشتد الحاجة فيهما لرأس المال، لكن، ووفقاً لـ«رويترز»، فإن مستثمرين ومحللين يقولون إن تحقيق مزايا اقتصادية كبيرة للدول الأعضاء في المجموعة ليس في حكم المؤكد.
ودعا قادة مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إيران والأرجنتين إلى جانب السعودية والإمارات وإثيوبيا ومصر للانضمام للتكتل في قمة عقدت الأسبوع الماضي في جوهانسبرج، حيث تهدف هذه الخطوة إلى زيادة نفوذ مجموعة بريكس بوصفها تكتلاً مناصرا لدول «الجنوب العالمي»، التي يشعر الكثير منها بمعاملة غير عادلة من جانب المؤسسات الدولية، وكذلك من الولايات المتحدة ودول غنية أخرى.
وتشكل الدول الجديدة المتوقع انضمامها للمجموعة خليطاً يشمل السعودية والإمارات، وهما دولتان غنيتان بالنفط، والأرجنتين التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم وتشتد الحاجة فيها إلى الاستثمار الأجنبي، وإيران التي تعيش في عزلة بسبب العقوبات الغربية، وإثيوبيا التي تتعافى من حرب أهلية، ومصر التي تواجه أزمة اقتصادية.
وقالت نائبة مدير الاستثمار لإستراتيجية أسهم الأسواق الناشئة لدى شركة فان إيك في نيويورك، علا الشواربي: «لا أعلم إذا كان هذا سيغيّر قواعد اللعبة، لكن في ما يتعلق بفتح الأسواق الاستهلاكية، فإن التكتل يحتوي بالفعل عليها»، فيما تحظى العلاقات التجارية المتزايدة بين الأعضاء الحاليين والمحتملين في المجموعة بالاهتمام.
وأفاد رئيس الأسواق العالمية في شركة «آي.إن.جي»، كريس تورنر بأن «الترابط التجاري المتزايد يوفر فيما يبدو بعض الأسس لإعلانات سياسية»، فيما جاء في حسابات «آي.إن.جي» أنه منذ عام 2015، ارتفعت حصة مجموعة بريكس الأساسية في واردات المرشحين الجدد من 23 في المئة إلى 30 في المئة لتحل «بريكس» محل منطقة اليورو والولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة.
ويقول محللون ومستثمرون آخرون إن إيران التي تخضع لعقوبات غربية، وكذلك الصين، بما لها من ثقل كبير كعضو في المجموعة، والتي لطالما ضغطت من أجل التوسع، من بين المستفيدين الرئيسيين من هذه الخطوة.
وذكر المحلل الإستراتيجي البارز في «بنك إنفيست» في كوبنهاجن، ياكوب إيكهولت كريستنسن: «ستستفيد الصين والبرازيل والهند في ما يتعلق بسهولة الوصول إلى النفط، وستستفيد الأرجنتين، وتحديداً إيران، في ما يتعلق بالوصول إلى الأسواق والاستثمارات الأجنبية المباشرة».
وقال العضو المنتدب في شركة تيليمر لأبحاث الأسواق الناشئة ومقرها دبي، حسنين مالك، إن «التوسعة في أحسن أحوالها ستفيد الوافدين الجدد المتعطّشين لرأس المال»، مضيفاً: «لكن هذا يفترض أنهم لن يشهدوا تدفقات رأسمال على أي حال من دول بريكس الأكثر ثراءً، وأن أي رأسمال يتم تقديمه عبر مؤسسة في إطار (بريكس) لا يعرّض للخطر رأس المال المستمد من مصادر أخرى متعددة وثنائية الأطراف».
وقال زابو من شركة أبردن إن قرضاً من مجموعة بريكس للأرجنتين قد يتعارض مع أموال الإنقاذ التي تتلقاها من صندوق النقد الدولي الذي يملك أموالاً أكثر.
ومن الأهداف الأخرى التي ناقشها زعماء «بريكس» في القمة التي عقدت في جوهانسبرج زيادة استخدام العملات الوطنية لتقليص الاعتماد على الدولار الأميركي، حيث قال زعماء دول المجموعة إن هذا قد يساعد في تقليص هشاشة اقتصاداتهم أمام دولار قوي وتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية.
وأشار مستثمرون إلى أن وجود دول ثقيلة الوزن منتجة للنفط بين الوافدين الجدد سيذكي التكهنات بأن السعودية قد تتحول على نحو متزايد إلى عملات غير مقوّمة بالدولار في تجارة النفط.
وقال كان نازلي، وهو مدير استثمار في شركة نويابيرجر بيرمان لإدارة الأصول في لندن: «يمكن رؤية التبعات قصيرة الأمد في النفط»، موضحاً أنه «إذا تم تسعير النفط بعملة غير الدولار، أو حدث هذا على الأقل جزئياً على سبيل المثال... فإنه يمثل تغيراً كبيراً».
حصة التكتل سترتفع إلى 29 في المئة من الناتج العالمي
فيما يشكك بعض المستثمرين والمحللين الاقتصاديين في أن يؤدي التوسع إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر داخل التكتل، فإن قادة مجموعة بريكس ومستثمرين آخرين ِأشادوا بالثقل الاقتصادي الذي سينتج عن هذا التوسع. وقال المسؤول البارز بوزارة الخارجية الصينية، لي كه شين، في مؤتمر صحافي، إن الأعضاء الجدد سيرفعون حصة التكتل في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 29 في المئة ارتفاعاً من 26 في المئة، والتجارة في السلع إلى 21 في المئة بدلاً من 18 في المئة.