انتصر مجلس الأمة في جلستيه بالأسبوع الماضي للدستور أولاً ثم لإرادة الشعب في إقرار أول حزمة إصلاحات سياسية والتي تمثلت في تعديل قانون انشاء المحكمة الدستورية وإقرار انشاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات. فمن خلال هذه الإصلاحات السياسية الأولية نستطيع ان نقول إن الشعب الكويتي جنى أولى ثمار غرسه التي غرسها في تاريخ 6/6.
ففي التعديلات التي جاءت على قانون انشاء المحكمة الدستورية تعزيزٌ لمبدأ المادة 50 من الدستور والتي تنص على «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا الدستور»، فبهذه التعديلات فصل تام للسلطة التشريعية عما سواها، وبهذه التعديلات نأيٌ بالسلطة القضائية عن الخلافات السياسية ونزاعاتها... وفيه كذلك حصرٌ لطعون المراسيم والطعون الانتخابية بأن تكون قبل الانتخابات المزمع إقامتها والفصل فيها قبل يوم الانتخاب وفيها وأد لـ «شبح الإبطال» الذي عانى الشعب منه الأمرين... فليس من المنطق أن يكون هناك خطأ اجرائي صادر من فرد والذي يدفع الثمن الشعب بأكمله!
وفي إقرار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات انهاءٌ لكثير من الجدل والإشكالات التي تشاع إبان فترة الانتخابات وتصحيح دستوري وقانوني. فجعل عملية الانتخابات منوطة بمفوضين يتم تفويضهم للإدارة والاشراف على العملية الانتخابية هو تعزيز لمبدأ النزاهة والشفافية ويوكل إليها الحق في تعديل أو إضافة أو حذف ما تراه مناسباً من الشروط الانتخابية، وأول هذه الشروط هو ما يعرف بـ «قانون المسيء» أو «قانون العزل السياسي» وهو التعديل الذي اقره مجلس الأمة في عام 2016 على المادة الثانية من قانون الانتخاب، الذي حُرم بسببه الكثيرٌ من النواب السابقين والناشطين السياسيين من حقوقهم الانتخابية والسياسية في الترشح والانتخاب.
والذي تعهد مجلس 2016 آنذاك بعدم تطبيقه بأثر رجعي، ولكن وللأسف فقد نكث المجلس بعهده وخالف صريح الدستور الذي اقر بعدم جواز تطبيق القوانين بأثر رجعي كما نصت عليه المادة 32 من الدستور الكويتي «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها»، وتكرر «العزل السياسي» في حرمان السياسيين من حق «رد الاعتبار» وهذا ما يتعارض مع صحيح القانون كما نصت عليه المادة 244 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية «يُرد اعتبار المحكوم عليه حتماً بحكم القانون متى مضت المدة القانونية بعد تمام تنفيذ العقوبة أو صدور عفو عنها أو سقوطها بالتقادم».
بهذَين القانونين وان كان انتصاراً شعبياً بامتياز ولكنه انتصارٌ دستوري بالمرتبة الأولى، فبتعديل قانون انشاء المحكمة الدستورية انتصارٌ للمادة 50 من الدستور، وبإقرار قانون المفوضية ووأد المسيء انتصارٌ للمادة 32 من الدستور.
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com