تبنت أوكرانيا، أمس، الهجوم بمسيّرتين على موسكو خلال الليل، ما يدل على هشاشة وضع العاصمة الروسية، واستهدفت ضربات جديدة القرم ومنطقة أوديسا الأوكرانية، فيما حذرت روسيا من أنها تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ «اجراءات رد قاسية».
وقال مصدر في وزارة الدفاع الأوكرانية، رفض الكشف عن اسمه، لـ «فرانس برس»، إن الهجوم على موسكو «كان عملية خاصة لجهاز الاستخبارات العسكرية».
إعلان المسؤولية الذي نادراً ما يحصل من جانب كييف التي اعتادت النفي أو عدم التعليق على الهجمات، يأتي فيما وعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي برد على الضربات الروسية ضد أوديسا التي وأوقعت قتيلين وألحقت أضراراًِ بكاتدرائية تاريخية.
لم تستهدف موسكو ومنطقتها بطائرات من دون طيار منذ نحو ثلاثة أسابيع. وأعلن الجيش الروسي الذي ندد «بعمل إرهابي» أنه تم إسقاط المسيرتين وقد تحطمتا من دون سقوط ضحايا.
من جهتها، حذرت وزارة الخارجية في بيان من اتخاذ «اجراءات رد قاسية».
وذكرت في بيان «نعتبر هذه الأحداث بمثابة لجوء جديد لأساليب إرهابية (...) لترهيب السكان المدنيين»، متهمة الغربيين بـ «الوقوف خلف الأعمال الوقحة» التي تقوم بها كييف.
وأضافت أن «روسيا الاتحادية تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ اجراءات رد قاسية».
توسيع نطاق الأهداف
وقال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، إن موسكو بحاجة إلى توسيع نطاق الأهداف التي تضربها في أوكرانيا.
وكتب على تطبيق «تلغرام»، أمس، «نحتاج إلى اختيار أهداف غير تقليدية لضرباتنا. ليس فقط منشآت التخزين ومراكز الطاقة والمنشآت النفطية».
وأوضحت «وكالة تاس للأنباء» الروسية، أنّ إحدى المسيّرتَين تحطمت في شارع كومسومولسكي بروسبكت، قرب وزارة الدفاع، بينما أصابت الأخرى مركزاً للأعمال في شارع ليخاتشيفا قرب أحد الشوارع الدائرية الرئيسة في موسكو.
وشاهد مراسلو «فرانس برس» في المكان مبنى تضرر سقفه وعدة آليات لقوات الأمن وشاحنات عناصر الإطفاء وكذلك سيارة إسعاف. وأغلقت الشرطة المنطقة.
وقال فلاديمير، وهو أحد السكان يبلغ من العمر 70 عاماً «لم أنم، كانت الساعة 3.39 فجراً. اهتز المنزل»، مضيفاً «أنه لأمر فاضح أن تكاد مسيّرة أوكرانية تحلق فوق وزارة الدفاع».
ضربت مسيّرة أخرى مركز الأعمال في حي ليكاتشيفا وبثت «وكالة ريا نوفوستي للأنباء»، لقطات فيديو لمركز الأعمال تُظهر بعض الأضرار في الجزء العلوي من المبنى الكبير الذي تم إغلاق الطريق المؤدّي إليه.
- مخزن ذخائر في القرم
وتعرضت موسكو ومنطقتها لهجمات بمسيّرات هذه السنة، استهدفت إحداها الكرملين في مايو.
وأعلنت روسيا في 4 يوليو إسقاط خمس طائرات مسيّرة فوق محيط العاصمة، محمّلة أوكرانيا مسؤولية الهجوم الذي لم يتسبب بإصابات ولا بأضرار، بحسب موسكو، لكنه أدى إلى اضطراب الحركة في مطار فنوكوفو، أحد المطارات الدولية الثلاثة في العاصمة.
وقال الناطق باسم الكرملين للصحافيين أمس، إنه تم اتخاذ «اجراءات» للدفاع عن موسكو وان «كل المسيّرات» أسقطت وان روسيا ستواصل، في إطار الرد، «عمليتها العسكرية» في أوكرانيا.
وأضاف ديمتري بيسكوف «بخصوص تطوير نظام الدفاع (لموسكو) وضمان تشغيله بشكل مكثف، فهذا سؤال يجب توجيهه الى وزارة الدفاع (الروسية)».
يذّكر هذا الهجوم الجديد على موسكو بذلك الذي طال منذ أسبوع شبه جزيرة القرم وجنوب أوكرانيا حيث تصاعد التوتر بعد تخلي موسكو الاثنين الماضي عن اتفاق رئيسي لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وقال الحاكم الروسي سيرغي أكسيونوف امس، إن مستودع ذخيرة في شبه جزيرة القرم تعرض للقصف في غارة جديدة بطائرة مسيرة أوكرانية في منطقة دجانكو في شمال شبه الجزيرة التي ضمتها موسكو.
بحسب الجيش الروسي فإنه تم اسقاط 14 مسيّرة أوكرانية أطلقت على القرم عبر أنظمة التشويش وثلاث أخرى عبر الدفاع المضاد للطيران.
- هجوم جديد قرب أوديسا
استهدف هجوم روسي جديد بالمسيّرات «استمر نحو أربع ساعات» أيضاً منشآت مرفئية أوكرانية في منطقة أوديسا ودمر صومعة حبوب، كما أعلنت قيادة العمليات الأوكرانية في الجنوب.
على الجبهة، أعلنت كييف أمس، أنها استعادت أكثر من 16 كيلومتراً مربعاً من القوات الروسية الأسبوع الماضي في شرق البلاد وجنوبها بعد أقل من شهرين على بدء هجوم مضاد يهدف إلى طرد القوات الروسية خارج أوكرانيا.
وتوعّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي الأحد، موسكو بـ«ردّ انتقامي ضد الإرهابيين الروس، من أجل أوديسا» التي أدرج وسطها التاريخي في مطلع السنة على لائحة التراث العالمي لليونسكو.
وشهدت هذه المدينة التي تتعرض بانتظام لضربات روسية، هجوماً ليلياً جديداً ليل السبت - الأحد قتل فيه شخصان وأصيب 22 بينهم أربعة أطفال على الأقل.
وتم تدمير قسم كبير من كاتدرائية التجلي التي يزيد عمرها على 200 عام، مع انهيار جدران واحتراق أيقونات وتحطم ثريات.
ونفى الكرملين أمس، أن تكون القوات الروسية استهدفت الكاتدرائية التاريخية، محمّلاً المسؤولية عن تضررها لدفاعات كييف الجوية.
وقال بيسكوف «كررنا ويمكننا أن نكرر بأننا، بأن قواتنا المسلحة، لا تقصف بنى تحتية مدنية على الإطلاق، ناهيك عن كاتدرائيات وكنائس أو أهداف مشابهة أخرى»، مشيراً الى أن «صواريخ (أوكرانية) مضادة للصواريخ هي التي تمّ إطلاقها ودمّرت الكاتدرائية».
واتهمت فرنسا موسكو أمس، باستهداف المواقع الأثرية والمدنية «عمدا» بعد القصف على أوديسا.
رومانيا تندّد بالهجمات الروسية على الدانوب
ندّد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، بـ«المخاطر الجسيمة على الأمن في البحر الأسود» بعدما قصفت روسيا منشآت مرفئية على نهر الدانوب عند حدود رومانيا ومولدافيا.
وكتب يوهانيس عبر «تويتر»، أمس، «أدين بشدة الهجمات الروسية الأخيرة على المنشآت المدنية الأوكرانية على نهر الدانوب، القريبة جداً من رومانيا».
وفي وقت سابق أمس، نشر مواطن روماني لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر انفجاراً وقع على الضفة المقابلة للنهر مباشرة، حيث يبدو أنّ ميناء ريني الأوكراني على الدانوب تعرّض للقصف.
وأفادت السلطات الأوكرانية عن هجوم استمرّ أربع ساعات شنّته المسيّرات الروسية على منشآت مرفئية في منطقة أوديسا في جنوب البلاد.
وتقع مدينة ريني الساحلية الأوكرانية عند حدود مولدافيا، وقبالة رومانيا.
وقال يوهانيس إنّ «التصعيد الأخير يؤثر أيضاً على عبور الحبوب الأوكرانية وبالتالي على الأمن الغذائي العالمي».
وتُستهدف منطقة أوديسا الاستراتيجية بالنسبة إلى الصادرات الأوكرانية، بشكل منتظم بضربات روسية.
وتصاعدت التوترات في البحر الأسود بعد انتهاء مدّة الاتفاق، الذي يعدّ مهمّاً للغاية للغذاء العالمي لأنّه سمح بصادرات الحبوب الأوكرانية.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، مرّ الكثير من الحبوب الأوكرانية عبر نهر الدانوب وميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود.
العثور على آثار متفجرات في سفينة حبوب أجنبية
عثر جهاز الأمن الاتحادي الروسي، على آثار متفجرات على متن سفينة أبحرت من تركيا إلى ميناء روستوف في روسيا لتحميل الحبوب.
وأفاد جهاز الأمن، أمس، بأن السفينة كانت رست في ميناء كيليا الأوكراني في مايو الماضي، وأنها ربما استُخدمت لإيصال متفجرات إلى أوكرانيا.
وأشار إلى أن السفينة غيرت اسمها وهي في ميناء توزلا التركي هذا الشهر واستبدلت طاقمها الذي كان مؤلفاً من 12 أوكرانيا.
وتابع «تلك الملابسات قد تشير إلى احتمال استخدام السفينة الأجنبية المدنية لإيصال متفجرات لأراض أوكرانية».
وأضاف جهاز الأمن أن السفينة التي لم يعلن عن اسمها خضعت للتفتيش في مضيق كيرتش ومُنعت من مواصلة رحلتها وغادرت بعدها المياه الإقليمية الروسية.
أكد أن روسيا قادرة على تعويض الصادرات لأفريقيا
بوتين: اتفاق نقل الحبوب فقد معناه
أعلن الرئيس فلاديمير بوتين، أن روسيا انسحبت من اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود، الذي يضمن التصدير الآمن للحبوب الأوكرانية، لأن الاتفاق فقد معناه.
وقال بوتين في مقال نُشر في وقت مبكر أمس، على الموقع الإلكتروني للكرملين إن «استمرار اتفاق الحبوب... فقد معناه».
وأعلنت موسكو أنه تم تجاهل شروطها لتمديد الاتفاق، وانسحبت الأسبوع الماضي من الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا قبل عام بتصدير الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود، رغم الحرب، للتخفيف من أزمة غذاء عالمية.
وأضاف بوتين، الذي كتب مقاله قبل القمة الروسية - الأفريقية الثانية التي ستعقد في سان بطرسبورغ، الخميس والجمعة، أن روسيا تتوقع حصاداً قياسياً هذا العام.
وتابع «أريد أن أؤكد أن بلادنا قادرة على استبدال الحبوب الأوكرانية تجارياً ومجانياً، خصوصاً وأننا نتوقع مرة أخرى حصاداً قياسياً هذا العام».
وتتنافس روسيا والغرب بشكل متزايد على النفوذ في أفريقيا. ورغم أن موسكو لم تستثمر حتى الآن سوى القليل جداً هناك، وفقاً لبيانات من الأمم المتحدة، إلا أنها كانت تنفذ حملة ديبلوماسية لكسب دعم القارة.
وخلال تصويت الأمم المتحدة في مارس 2022 لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، صوتت 28 دولة أفريقية لصالح القرار، لكن 25 دولة، إما امتنعت عن التصويت وإما لم تصوت على الإطلاق.
وكتب بوتين «ستواصل روسيا العمل بنشاط على تنظيم إمدادات الحبوب والأغذية والأسمدة وغيرها إلى أفريقيا».