الحرية

ماذا يعني أنا حُر؟

أو بمعنى آخر ماذا تعني الحرية؟

وهل نحن أحرار مع أنفسنا أو في عائلتنا أو مع أصدقائنا أو في مجتمعنا؟

لنرى ذلك.

- محمد شاب يرغب بالارتباط بفتاة مشهورة وفي العرف العائلي الخاص به هذا أمر مرفوض، ولا يمكن نقاشه، هل محمد حراً؟

- داليا تريد أن تدرس تخصص الإعلان وتحبه وتعشقه لكنّ أباها يرفض هذا المجال رفضاً قاطعاً خاصة للفتاة، هل داليا حرة؟

- غلا فتاة تسلم مفتاح سيارتها لأمها بعد الرجوع من دوامها كمدرسة، فممنوع الخروج من المنزل أو قيادة السيارة بعد الدوام، هل غلا حرة؟

- سالم تخرّج في الثانوية بنسبة 98 تخصص علمي، ويرغب بالالتحاق بكلية القانون وقوبلت رغبته برفض قاطع له، علمي لماذا لا تدخل طب أو صيدلة، لماذا تخصص أدبي، هل سالم حراً؟

لا تجيبني عزيزي القارئ، نترك الاجابة لنهاية المقال لنفهم ماهي الحرية، فالحرية لا تعني قراراً ورغبة فحسب بل هي مفهوم شامل ومتكامل عن النفس وعلاقتك بها وعلاقتك مع الآخرين، هي أن يكون لك الحق المطلق في أخذ القرارات المتعلقة بصحة نفسيتك وصحة جسدك وصحة حياتك الاجتماعية. مالا يتعارض مع المساس بحقوق الآخرين أو الأذى لحياتهم، فالحرية تعني كل شيء داخل حدودك ولا شيءٍ عند بداية حدود الآخرين، وتعني ان يكون لي حق بالخطأ والحق بالرفض والحق بالتعبير عن الشعور. والحق بالكلام والحق بإبداء آرائي الخاصة بما يخصني هي تعني الكثير عنا، فمنذ طفولتنا نحن نولد أحراراً فتنشأ القيود كأن نأكل شيء لا نحبه أو نجبر على إعطاء مشاعر لأناس لا نشعر بهذا الشعور تجاههم أو تلبس لبس لا نحبه، ونقص شعورنا قصات لا نحب أن نرى أنفسنا فيها، ومن هذه الأمور البسيطة يصبح الانسان لا يعرف ما حقه وماهي حقوقه، كل ما عليه تطبيق التعليمات ليكون الابن الصالح دون الاكتراث لما يحب أو ماذا يريد. بحجة التربية، وصنع النظام وهذا مفهوم خاطئ حيث إن التربية تعني تعليم القيم وتنظيم الانفعالات ومفاهيم متعلقة بالحياة.

ولا تعني أن انسف شخصيتي واتجاهل رغباتي واقمع رأيي بما أجبر عليه. سواءً كان نوعية لباس أو قصة شعر أو نوعية أكل، كما أن هناك الكثير من الصرامة باسلوب التربية بحجة عيالنا ونحميهم وهذا أمر خاطئ جداً. فالتشدد بداية طريق التمرد وبوابة انفجارات نفسية آتية لا محالة وللحرية أنواع مختلفة فهناك الحرية الطبيعية: وهي الحرية التي تولد مع الفرد كونه إنساناً. والحرية الفردية: وهي حرية الإنسان الشخصية التي لا يؤذي بها غيره من مأكل وملبس ومأوى وغير ذلك... والحرية الاقتصادية: وهي حرية الإنسان في الحصول على فرص عمل وتوزيع عادل للأجور. والحرية المدنية: وهي والكثير من الحريات المتعلقة بعلاقة الفرد مع مجتمعه وعلاقاته مع الآخرين.

ولنعود الآن للأمثلة السابقة،

محمد، لماذا حراً؟ فحق اختيار شريكة حياته مسلوب منه بالكامل، وداليا حقها باختيار تخصصها سُلب منها وغلا وسالم ايضاً ليسا أحراراً، فالجميع تم السلب منهم حقوق تخصهم ولا تخص أيّ حكاية او قصة سواهم، وهذا ما نقع فيه كمعنيين بالتربية ألا نجعل الشخص يعرف ما حقه في الحياة وما واجبه تجاه الحياة ذاتها. نعلم ابناءنا الكلام لنعود نسحب منهم القدرة على التعبير ونعلمهم عيش الحياة ثم نوجههم على العيش في الحياة التي نرغبها لهم، وفي النهاية نحن ايضاً لا نعرف ان نجيب على هذه الاسئلة، هل نحن أحرار؟ هل نعرف معنى الحرية؟

وأخيراً،

خذها قاعدة كلما زاد التشدّد زاد التمرّد...

وكلما أغلقت الأبواب هربوا من النوافذ...

وكلما زاد الحزم زاد الخطأ...

‏دع الحريات ترتب أصحابها.

Instagram @drnadiaalkhaldi