يتحدّث بعبارات تشير إلى احتمال تصعيد التوترات مع اشتداد المنافسة بين بكين وواشنطن

شي جينبينغ يُحضّر الصين لصراع مع الغرب

13 يونيو 2023 10:00 م

في وقت تتحدث واشنطن عن «تحسن وشيك» للعلاقات مع بكين، يكثف الرئيس شي جينبينغ، جهوده لإعداد الصين لصراع مع الغرب، وفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال».

أواخر أبريل الماضي، حض شي، الصينيين مرتين على الاستعداد لما وصفه بالسيناريوهات أو الظروف القاسية، إذ تحدث بعبارات تشير إلى احتمال تصعيد التوترات مع اشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.

في اجتماع رفيع المستوى ركز على الأمن القومي في 30 مايو، قال الزعيم الصيني «يجب أن نكون مستعدين لأسوأ السيناريوهات وأشدها، وأن نكون مستعدين لتحمل الاختبار الرئيسي للرياح العاتية... وحتى العواصف الخطيرة».

وبعد أسبوع من تلك التصريحات، أكد شي خلال تفقده مجمعاً صناعياً في منغوليا الداخلية، أن الجهود المبذولة لبناء السوق المحلية تهدف إلى «ضمان التشغيل الطبيعي للاقتصاد الوطني في ظل الظروف القصوى».

وتأتي تصريحات الرئيس الصيني التصعيدية بعد أيام على تصريحات لنظيره الأميركي جو بايدن، تحدث فيها عن «تحسن قريب جداً» في العلاقات.

وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي في هيروشيما (اليابان) في 21 مايو، حيث شارك في قمة مجموعة السبع، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، سيجري زيارة إلى دول المحيطين الهندي والهادئ، مؤكداً ضرورة إنشاء خط ساخن للتواصل مع بكين.

ويخطط بلينكن للسفر إلى الصين، خلال أيام، كجزء من جهود الحكومتين لإعادة بناء خطوط الاتصال التي خرجت عن مسارها بسبب منطاد تجسس صيني مشتبه به حلق فوق سماء الولايات المتحدة خلال فبراير الماضي.

في وقت سابق من يونيو، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن ديبلوماسيين صينيين وأميركيين أجروا في بكين محادثات «صريحة» و«بناءة» حول سبل تحسين العلاقات الثنائية.

وذكرت في بيان أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا دانيال كريتنبرينك، زار العاصمة الصينية خلال الأيام القليلة الماضية برفقة سارة بيران، مستشارة بايدن لشؤون الصين وتايوان.

لكن تصريحات «الظروف القاسية» التي تأتي متوازية مع الجهود المبذولة لإصلاح العلاقات مع واشنطن، تشير إلى أن شي جينبينغ، لا يتوانى عن جهود إعاقة الاقتصاد والبلد ضد التوترات الطويلة مع الغرب، بحسب «وول ستريت جورنال».

وتسعى إدارة بايدن لإقامة حواجز حماية حول العلاقة الثنائية لمنعها من التطور إلى صراع مباشر.

من ناحية أخرى، تبدو بكين أقل اهتماماً بالتفاصيل منها بالمبادئ العامة التي تقوم عليها العلاقات. وتريد على وجه الخصوص، التأكد من أن الولايات المتحدة لا تتخطى «الخطوط الحمر» في الأمور التي تعتبرها محظورة، مثل تايوان.

«مهمة جوهرية»

وتعتبر الصين، تايوان، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، مؤكدة عزمها على استعادتها، وبالقوة إذا لزم الأمر.

وتعيش الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، في ظل خوف دائم من غزو صيني لأراضيها.

الباحثة البارزة في السياسة الخارجية للصين، جين كانرونغ، لم تخفف الكلمات حول تفسيرها لتصريحات شي، قائلة لصحيفة «غلوبال تايمز» التابعة للحزب الشيوعي، إن السيناريوهات القاسية التي أشار إليها شي تعني «خطر الحرب».

وقال الناطق باسم السفارة الصينية لدى واشنطن ليو بينغيو، إن شي أوضح أنه يجب على الجانبين العمل معاً لضمان أن العلاقات الثنائية «تمضي قدماً في المسار الصحيح من دون أن تفقد الاتجاه أو السرعة، ناهيك عن حدوث تصادم».

ويشترك شي، الذي فاز بولاية ثالثة جديدة غير مسبوقة في السلطة، مع المؤسس ماو تسي تونغ، في ولع التصريحات التي تجسد التهديدات الخارجية المتصورة كوسيلة لتأمين السلطة.

وذكر شي المخاطر الخارجية من قبل، لكن الإشارة المتكررة إلى «الظروف القاسية»، والتي جاءت بعد انتقاده للولايات المتحدة في مارس، أثارت مخاوف جديدة.

وقال الزميل البارز في معهد بروكينغز، ريان هاس، إن «مهمة شي الجوهرية في فترته المقبلة هي تقوية الصين من نقاط الضعف الخارجية».

وأضاف هاس الذي كان مستشاراً رئاسياً سابقاً لشؤون الصين وآسيا، أنه «بالنظر من هذه العدسة، سيكون من المنطقي أن يسعى شي إلى زيادة الشعور بالإلحاح والأهمية حول تعزيز قدرة الصين على تحمل الظروف القاسية».

«التخريب الإلكتروني» والهجمات السيبرانية سيأخذان حيّزاً كبيراً في أي صراع... مُحتمل

لم تعد الحروب بين الدول الكبرى إذا اندلعت، تدور بالشكل التقليدي، أي عبر الصواريخ والأسلحة والدبابات. فقد دفع التطور التكنولوجي والعلمي العديد من الدول وأجهزة الاستخبارات إلى التركيز على سبل أخرى.

وكما شهد العالم بأسره أهمية الدور الذي لعبته المسيرات الانتحارية المتطورة، الصغيرة والدقيقة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يتوقع العديد من الاختصاصيين وأجهزة الاستخبارات أن يأخذ «التخريب الإلكتروني» والهجمات السيبرانية، حيزاً كبيراً في أي صراع أو حرب مقبلة قد تندلع لاسيما بين الصين والولايات المتحدة.

فوسط التوتر المتصاعد بين البلدين، حذرت مسؤولة أميركية كبيرة في مجال الأمن الإلكتروني، من أن قراصنة صينيين سيعملون على تعطيل البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، مثل خطوط الأنابيب والسكك الحديد في حال نشوب صراع.

التهديد الحقيقي

وفي تصريحات في معهد آسبن في واشنطن، قالت جين إيسترلي، رئيسة وكالة الأمن الإلكتروني وأمن البنية التحتية الأميركية، إن بكين توجه استثمارات ضخمة لتعزيز القدرة على تخريب البنية التحتية الأميركية.

وأضافت «أعتقد أن هذا هو التهديد الحقيقي الذي نحتاج إلى الاستعداد له والتركيز عليه وتطوير القدرة على مجابهته».

وحذرت من أن الأميركيين بحاجة للاستعداد لاحتمال قيام قراصنة بكين بتعزيز دفاعاتهم والتسبب في أضرار في العالم المادي.

وتابعت إيسترلي، «بالنظر إلى الطبيعة الهائلة للتهديد من الجهات الفاعلة الحكومية الصينية، وبالنظر لحجم قدراتهم، وبالنظر للموارد والجهود التي يبذلونها في ذلك، سيكون من الصعب جداً علينا الحيلولة دون حدوث اضطرابات»، وفق ما نقلت «رويترز»، أمس.

وتضاف تعليقات المسؤولة الأميركية، إلى تحذير صدر في وقت سابق من هذا العام، عن دوائر استخبارات أميركية أفادت في تقييمها السنوي للتهديدات، بأن بكين «ستدرس بالتأكيد القيام بعمليات إلكترونية عدوانية ضد البنية التحتية الحيوية داخل الولايات المتحدة»، وضد أهداف عسكرية إذا ما رأى صناع القرار في بكين أن هناك معركة كبيرة وشيكة.

يذكر أنه خلال الأشهر الماضية، ارتفعت حدة الاتهامات الأميركية لبكين بشن حملات تجسس بمختلف الأشكال والوسائل على مرافق حساسة، رغم أن واشنطن أكدت أنها اتخذت وتتخذ الاحتياطات كافة.