على الرغم من الهدنة المعلنة والجهود الدولية المكثفة، تتواصل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع دخول عنصر جديد إلى الميدان، ويتمثل بقوات الشرطة التي تستعد للانتشار تدريجياً في الشوارع.
ومع دخول المعارك أسبوعها الثالث، لا تزال العائلات في العاصمة البالغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، وضواحيها تعاني من نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية ويقبع الكثيرون منهم في المنازل.
ونزح عشرات آلاف الأشخاص في الداخل أو إلى البلدان المجاورة، فيما تنظم دول أجنبية وعربية عدة عمليات إجلاء واسعة.
ودارت مواجهات أمس، في منطقة شمبات (شمال الخرطوم بحري) حيث حلقت طائرات الجيش، فيما ردت عليها قوات الدعم السريع بمضادات الطيران.
كما تصاعدت أعمدة الدخان في العاصمة على وقع اشتباكات متقطعة في أنحاء من الخرطوم وأم درمان، وسمعت أصوات الاشتباكات في حي جبرة (جنوب العاصمة).
في غضون ذلك، أعلن الجيش السوداني أن عمليات إجلاء الأجانب ستتواصل من قاعدة وادي سيدنا (شمال الخرطوم)، مشيراً إلى أن القاعدة لا تواجهها أي تهديدات في الوقت الحالي.
وأفاد الجيش في بيان بأنه يواصل رصد تحركات «أرتال العدو» المتحركة من الغرب إلى العاصمة، وذلك يؤكد استمراره في انتهاك الهدنة.
ولفت إلى أن قواته دمرت أرتالاً للدعم السريع جنوب الزريبة بولاية شمال كردفان والمويلح فتاشه غربي أم درمان.
وذكر البيان أن الجيش مستمر في تهيئة الظروف المناسبة لنزول الشرطة تدريجياً إلى الشوارع بالتزامن مع عمليات التمشيط.
وكان الجيش أعلن مساء السبت الماضي أن وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي بدأت العمل تدريجياً بمناطق جنوب الخرطوم، وأن نزولها سيتوالى تباعاً في مناطق العاصمة.
وأكدت وزارة الداخلية السودانية أن قوات الاحتياطي المركزي خرجت «إلى الميدان لتأمين الأسواق والممتلكات»، مشيرة إلى أنها فصيل تابع للشرطة.
وفي سياق الاتهامات لقوات الدعم السريع، ذكر الجيش أن من يصفهم بالمتمردين حولوا مستشفى شرق النيل إلى ثكنة عسكرية ومركز قيادة للعمليات.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع، في بيان، ما تصفها بالقيادات الانقلابية في القوات المسلحة بمواصلة خرق الهدنة الإنسانية عبر استهداف مواقع تمركزه في عدد من مناطق الخرطوم.
وأشارت القوات إلى موافقتها على تمديد الهدنة الإنسانية لـ 72 ساعة اعتباراً من منتصف ليل أمس.
وقال ناطق باسم «الدعم السريع» لقناة «العربية»، أمس، «مستعدون لوقف الحرب إذا أعلن الجيش ذلك».
من جانب آخر، دانت وزارة الخارجية السودانية ما وصفتها بالاعتداءات السافرة على مقار البعثات الديبلوماسية من قبل قوات الدعم السريع «المتمردة»، حسب وصفها.
وبحسب آخر الأرقام المعلنة، أوقعت الحرب نحو 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق وزارة الصحة، ويرجح أن تكون الحصيلة أعلى من ذلك.
الخرطوم - أ ف ب - وصلت أمس، إلى مدينة بورتسودان أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر جواً، ضمن عمليات الطوارئ التي ينفذها منذ اندلاع المعارك في السودان، على ما أفاد مسؤولون في مؤتمر صحافي افتراضي من جنيف.
وذكر بيان للجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الشحنة التي أرسلت من عمّان تزن ثمانية أطنان و«ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال».
وأضاف الصليب الأحمر في البيان أنه «سيرسل طائرة ثانية تحمل إمدادات طبية إضافية وموظفين في مجال الطوارئ».
من جهته، قال المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية باتريك يوسف في المؤتمر الصحافي «تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كطاقم طبي مع مستلزمات التعامل مع جرحى الحرب تكفي لاستقرار 1500 جريح».
وأضاف «نأمل الآن في إيصالها في أقرب وقت ممكن إلى بعض أكثر المستشفيات تكدساً في الخرطوم».
وتابع يوسف أنه «بحسب منظمة الصحة العالمية، تعمل نسبة 16 في المئة فقط من المستشفيات، والوضع مروع للغاية بسبب نقص الأفراد ونقص الاحتياطيات الطبية».
وأكد أن «الهلال الأحمر السوداني يحاول الوصول إلى الجثث في الشوارع»، معرباً عن أمله في «الحصول على تصاريح وضمانات أمنية».
وقال «لدينا طاقم طبي آخر مستعد... ونأمل أيضاً في إرسال مساعدات من نيروبي في الأيام المقبلة».