أظهرت الوثائق السرية المسرّبة، بالتفصيل، أسرار الأمن القومي للولايات المتحدة في ما يتعلق بأوكرانيا والصين والشرق الأوسط، وسلطت الضوء على مدى عمق اختراق البنتاغون لأجهزة الاستخبارات الروسية.
كما توضح الوثائق التي تم الكشف عنها الجمعة، أن الولايات المتحدة لا تتجسس على روسيا فحسب، بل على حلفائها أيضاً، ما قد يتسبّب في تعقيد العلاقات مع الدول الحليفة ويُثير الشكوك حول قدرة واشنطن على الحفاظ على أسرارها.
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لـ «رويترز»، إن عناصر روسية أو موالية لموسكو، هي على الأرجح وراء تسريب الوثائق السرية، فيما فتحت وزارة العدل الأميركية، السبت، تحقيقاً لمحاولة تحديد مصدر التسريب.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الوثائق، التي ظهرت على «تويتر» و«تلغرام» ومواقع أخرى، الجمعة، تحتوي على تحذيرات لوكالات الاستخبارات الأميركية قبل الهجمات الروسية في أوكرانيا، وتتضمن تفاصيل حول أهداف محددة.
وسمحت مثل هذه المعلومات الاستخباراتية للولايات المتحدة بتمرير معلومات مهمة إلى أوكرانيا حول كيفية الدفاع عن نفسها.
وتابع المسؤولون الأميركيون أنه رغم أن الوثائق تقدم تلميحات حول الأساليب الأميركية لجمع المعلومات حول الخطط الروسية، إلا أن وكالات الاستخبارات لا تعرف بعد ما إذا كان سيتم قطع أيّ من مصادر معلوماتها نتيجة للتسريب.
لكن التسريب لديه القدرة على إلحاق ضرر حقيقي بالمجهود الحربي الأوكراني من خلال الكشف عن الوكالات الروسية التي تعرف الولايات المتحدة أكثر شيء عنها، مما يمنح موسكو فرصة محتملة لقطع مصادر المعلومات.
وبعد مراجعة الوثائق، قال مسؤول استخباراتي غربي رفيع المستوى إن الإفراج عن المواد كان «ضربة مؤلمة».
وأشار إلى أنه يُمكن أن يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية.
وتابع ان قيام الوكالات الاستخباراتية المختلفة بتوفير المواد لبعضها البعض يتطلب ثقة وتأكيدات بأن بعض المعلومات الحساسة ستبقى سرية.
وقد تضر الوثائق أيضاً بالعلاقات الديبلوماسية بطرق أخرى.
وفي حين أن التجسس لن يفاجئ المسؤولين، فإن نشر مثل هذا التنصت على الملأ يعيق دائماً العلاقات مع الشركاء الرئيسيين، مثل كوريا الجنوبية، التي تحتاج أميركا إلى مساعدتها لتزويد أوكرانيا بالأسلحة.
يذكر أن التقارير أفادت بأن الوثائق السرية كشفت أيضاً عن جهود الولايات المتحدة للتجسس على كبار القادة السياسيين والعسكريين في أوكرانيا، والخطة الموضوعة مع حلف «الناتو» لمساعدة كييف في شن هجوم مضاد.
أحد التسريبات يتضمن «خطة سرية لإعداد وتجهيز تسعة ألوية من القوات الأوكرانية لهجوم الربيع».
وتشير الوثائق إلى نجاحات استخباراتية أميركية، لكنها تظهر أيضاً مدى استنزاف القوات الأوكرانية بعد أكثر من عام في الحرب.
وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى، السبت، إن التسريبات أغضبت القادة العسكريين والسياسيين في كييف، الذين سعوا لإخفاء نقاط الضعف في الكرملين المتعلقة بنقص الذخيرة وبيانات أخرى عن ساحة المعركة.
وأضاف أنه يشعر بالقلق أيضاً من أن مزيداً من الكشف عن معلومات استخبارات عسكرية سرية «وشيكة».
وسلطت إحدى الوثائق الضوء على مناقشات حكومية في كوريا الجنوبية حول إمكان إمداد أوكرانيا بقذائف مدفعية أميركية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
كما أظهرت مجموعة من الوثائق أسراراً تتعلق بالأمن القومي الأميركي، سواء في الشرق الأوسط أوالصين، تحمل أختاماً تشير لتصنيفها بأنها «سرية» وسرية للغاية.
وكشفت الوثائق، أن مسؤولين من «فاغنر» التي يترأسها يفغيني بريغوجين، التقوا سراً «جهات تركية» في فبراير، وبحثوا تهريب أسلحة ومعدات لاستعمالها في أوكرانيا، وفق «نيويورك تايمز».
لكن لم يتضح ما إذا كانت الأسلحة نقلت بالفعل من تركيا، أو إذا كانت السلطات التركية على علم بهذا الأمر.
كما أظهرت البيانات المسربة أن «فاغنر» التي تضم في صفوفها آلاف المقاتلين من السجناء والمجرمين السابقين، تعمل بنشاط لتهديد المصالح الأميركية وإحباط مشاريعها في أفريقيا، بل التمدد إلى هايتي حتى، تحت أنظار الولايات المتحدة، عبر عرض مساعدتها على حكومة ذلك البلد في مواجهة العصابات العنيفة.
وفي سيول، قال مسؤول في القصر الرئاسي، أمس، إن كوريا الجنوبية تنوي مناقشة الولايات المتحدة في القضايا التي أثارتها التسريبات.
كما كشفت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» أنه توجد بين الوثائق السرية وثيقة استخبارية تؤكد أن كبار المسؤولين في جهاز «الموساد» شجعوا الإسرائيليين على الاحتجاج ضد الإصلاحات القضائية، كما دعوا وبصورة واضحة للعمل ضد حكومة بنيامين نتنياهو، بينما وصفت «واشنطن بوست» ذلك بـ«تمرد سري».
في المقابل، أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان أن «القصة التي أوردتها «نيويورك تايمز وواشنطن بوست» كاذبة ولا أساس لها على الإطلاق
كما نفى مسؤولون في «الموساد» صحة الوثائق المسرّبة».