الوطن يفتخر ويزدهر بأبنائه وما يقدمونه من إبداعات وإنجازات وخدمات تسهم في ازدهاره وهذا العمل التطوعي لا ينجزه إلا المحبون لأوطانهم، ولذلك يظلون رموزاً حية في مسيرة الأمة، من هؤلاء من غيّبه الموت ولكن تظل مواقفهم حية في القلوب، ويبقى إرثها شموعاً تضيء مسيرة شعوبهم، بحيث يقدم هذا الإرث كقيمة عليا للأجيال القادمة ونموذجاً يحتذى به على مر السنين والأيام.
الفقيد الحاج / مراد يوسف بهبهاني، رحمه الله.
شخصية وطنية فاعلة، محب لوطنه تربطه علاقات اجتماعية مميزة مع جميع أطياف المجتمع، لم يلتحق بالعمل الحكومي واستمر منذ الصغر بالعمل مع والده، ومن ثم أكمل مسيرة التجارة بتميز فريد من نوعه، حيث كان دائماً يبحث عن المعدات الحديثة التي تحتاجها الكويت في تلك الفترة، فعمل على نقل الحداثة إلى وطنه.
كانت مسيرة حياته حافلة بالعطاء والمبادرات الخاصة وبناء مؤسسات الدولة في الحقبة السابقة منذ سنة 1935، وتمكن أن يسهم إسهاماً كبيراً في وضع الكويت في مكانة لائقة بين دول العالم المتقدمة.
سنة 1935، أول كويتي يزور سويسرا وتمكن من الحصول على وكالة الساعات السويسرية، وفي سنة 1947 سافر إلى أميركا وتمكن من نيل وكالة بيع وحدات التكييف كاريير خارج أميركا، وجلب أول جهاز ووضع في قصر الحاكم في قصر دسمان، ومن ثم تسويقه محلياً.
أسس أول محطتي بث إذاعي وتلفزيوني (خاصة) في الكويت، وأول من قال (هنا الكويت) في الإذاعة أخيه المرحوم / محمد صالح بهبهاني، رحمه الله. وسلمها لوزارة الإعلام لاحقاً.
أول مَن زوّد الدوريات بالأجهزة اللاسلكية، فعندما كان في أميركا شاهد رجال الأمن في نيويورك يتواصلون بالأجهزة اللاسلكية، وحمل معه جهازين أتى بهما إلى الكويت، ومن ثم وفرها واستخدمت في وزارة الداخلية وكذلك في رحلات الصيد والقنص.
فمن الضروري تبيان تلك الأعمال الوطنية للطلبة في المدارس الحكومية والأهلية، لتكون حافزاً لأبناء المستقبل وتخصيص يوم وطني لتكريم رجال الكويت المتميزين بأعمالهم الوطنية الجليلة.
كان بعيداً عن البهرجة الإعلامية يعمل بجهد وتفانٍ.
فالشخصيات المكرمة ملتصقة بأسمائهم كلمة (رحمه الله)؟ وكأنَّ من شروط التكريم - غير المعلنة - غياب المُكرَّم، وهكذا فلن يصل الدور (للمُبدع الحي) إلا وقد ودّع الدنيا، وأتذكر تلك الكلمات التي قالها أحد المكرمين قبل وفاته (الحمد لله اتكرمت وأنا عايش... عشان أفرح بالتكريم وأنا في وسط الناس)، وتلك الكلمات تعكس حالة مجتمعية يشعر بها كل المبدعين الأحياء ممَّن يستحقون التكريم في مجتمعاتهم أنهم يجب أن يكرّموا وهم أحياء، وهم بين ظهراني أبنائهم وأحفادهم بدلاً من تكريمهم وهم قد فارقوا الحياة.
ولا بد من الإشارة إلى أنه كان يعتز باللبس الكويتي الوطني في المحافل الدولية مرتدياً الدشداشة الكويتية والغترة والعقال والبشت.
أخيراً، يجب أن يكون التكريم خاضعاً لمعيار وطني، فهناك مدارس وشوارع سميت بأسماء أشخاص بسبب المحاباة والواسطة، والواجب إطلاق أسماء المكرمين الوطنيين الذين لهم دور إيجابي في رقي الوطن على المدارس والشوارع تقديراً ووفاءً لهم.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.