| أمل الرندي |
الدنيا تحمل لنا أشياء كثيرة في جعبتها... الحلو والمر، الأحلام والآمال، الفرح والحزن أشياء وأشياء...
نحن دائما ننتظر الأشياء الجميلة ونتوقعها... لكن علينا أيضا أن نتوقع غير المتوقع فهناك أشياء تخترق القلب وتمزق الأوردة والشرايين ويصبح أنينها في القلب كالطنين لا يهدأ ولا يلين... وهو الفراق.
الذي ينطلق لدهليز قلبك وأنت مكتوف اليدين، كالخنجر الذي يسكن الضلوع، يعزف على أوتاره نغمات الرحيل وتأتي أصعب اللحظات... لحظة الوداع. بعد لحظات كثيرة من الأمان وكأن الفراق ليس بهذا الزمان.
وإذا أتت هذه اللحظة فلا تقف أمام البحر لتهيج أمواجه وتزيد على مئه من دموعك، لأنه سيأخذها في قاعه ويعود بحرا هادئا من جديد فلا تسقط لؤلؤك في أعماقه، ولا تقف مكانك بلا حراك تندب على الأطلال وتفترسك الآلام ويتلذذ بك الندم ولا تنتظر بزوغ القمر لتشكو له ألم البعد لأنه سيغيب ليرمي ما حمله ويعود قمرا جديداً، فهل ستعيد ما كان... لا.
إنك لن ترد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها بل ستكون كمن يطحن الطحين وهو مطحون. فليكن الوداع لوحة من المشاعر يستميت الفنانون لرسمها ولا يستطيعون... ومع اشراقة شمس الصباح استقبل يومك ولا تلتفت لأمسك لأنه قد خيم عليه الظلام. وقل: «نعم» لعالمك. نعم لكل شيء حدث وانتهى ولم يعد هناك مجال لتعديله فأومئ برأسك موافقاً بدلا من هزها معترضا فبالعقل نستخلص الدروس والعبر. فالإحساس بالرضا وترجمته بنعم يسكن الضيق والقلق والاضطراب.
ولا... لا تعني إلا التوتر وإهدار الطاقة والثورة العاطفية. ومما لا شك فيه أننا سنشعر بالألم والأنين والحنين بين الحين والحين ولكن عزاءنا لأنفسنا أننا سلمنا للواقع بقوة دون انكسار أو ضجر وشكوى... فالتسليم بقضاء الله ينقي الأفئدة.
وعلينا أن نفخر بأنفسنا لأن عقولنا نضجت ولا تريد لأي شىء حدث وانتتهى أن يفسد علينا حياتنا. فلا نبكي على اللبن المسكوب... فقد انسكب وانتهى الأمر. ونتذكر أن إطارات السيارات صنعت مطاطة جوفاء لتلين أمام الصدمات التي لا تستطيع ردها ولو كانت صلبة جامدة وحاولت المقاومة فلن تعمر طويلا.
قال شوبنهور: «إن التسليم بالأمر الواقع ذخيرة لا غناء عنها في رحلتنا عبر الحياة»، ولنكن مستعدين لتقبل ما ليس منه بد فان تقبل المرء الواقع خطوة أولى نحو التغلب على ما تحمله الأيام من صعاب.
فإذا لم يكن ما نريد فلنرد ما يكون.
ونقول لأنفسنا بصوت تملأه الثقة والكبرياء نعم للتسليم لا للاستسلام.
[email protected]amalrandy.blogspot.coo