مكنت الحرب في أوكرانيا، الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين من دراسة أداء وفعالية أسلحتهم وأنظمتهم التي قدمتها إلى كييف، حيث كانت المعارك التي تدور رحاها بين القوات الروسية والأوكرانية، بمثابة «مختبر تجارب» لقدراتهم العسكرية، بالإضافة إلى دراسة عتاد موسكو العسكري، بحسب شبكة «سي إن إن».
وتابع ضباط العمليات الأميركيون ومسؤولون عسكريون آخرون مدى نجاح روسيا في استخدام مسيرات رخيصة التكلفة المقدمة من إيران، لتدمير شبكة البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا.
في السياق، قال مصدر مطلع على المعلومات الاستخباراتية الغربية، إن الحرب «تمثل بالتأكيد مختبر أسلحة بكل معنى الكلمة، لأنه لم يتم استخدام أي من هذه المعدات على الإطلاق في حرب بين دولتين متقدمتين صناعياً»، مضيفاً «هذا اختبار في العالم الحقيقي».
كما كانت الحرب مصدراً للبيانات حول مدى فائدة بعض الأنظمة الخاصة بالجيش الأميركي، وفق «سي إن إن».
ووفقاً لضابط عمليات أميركي مطلع على أحداث المعارك، فإن بعض الأنظمة التي قدمتها الولايات المتحدة لكييف، مثل الطائرة من دون طيار Switchblade 300 والصاروخ المصمم لاستهداف أنظمة رادار العدو، أظهرا أداء أقل من المتوقع في أرض المعركة، وهذا ما أكدته أيضاً دراسة حديثة لمركز أبحاث بريطاني.
وبالمقابل، كانت قاذفة الصواريخ المتعددة M142 «هيمارس»، حاسمة في تحقيق أوكرانيا نتائج إيجابية، كما ساعدت الحرب المسؤولين في أخذ دروس قيمة، حول معدل الصيانة الذي تطلبته هذه الأنظمة في ظل الاستخدام الكثيف.
وقال مسؤول دفاعي، إن الطريقة التي استخدمت بها أوكرانيا إمداداتها المحدودة من «هيمارس» لإحداث الفوضى في صفوف القوات الروسية، عبر ضرب مواقع القيادة ومستودعات الإمداد، كانت «مدهشة»، مشيراً إلى أن «القادة العسكريين سيدرسون هذا لسنوات».
وقدمت الحرب أيضاً نظرة عن عمل مدفعية «هاوترز» التي شكلت جزءاً مهماً من القوة الأوكرانية، حيث كشف مسؤول دفاعي آخر، أن دقة وفعالية هذه المدافع تتضاءل بعد إطلاق الكثير من القذائف في فترة زمنية قصيرة.
وأبرز المسؤول أن أحد الدروس التي قد تتعلمها الولايات المتحدة من هذا الصراع هو أن «نظام هاوتزر شيء من الماضي».
وأضاف أنه إلى جانب المشاكل المذكورة، يبقى من الصعب جداً تحريك هذه الأنظمة بسرعة لتجنب نيران العدو - وفي عالم تنتشر فيه الطائرات من دون طيار يبقى «من الصعب جداً الاختباء».
«دروس الحرب»
وأجرى الأوكرانيون ابتكارات تكتيكية، أثارت إعجاب المسؤولين الغربيين؛ ومن نماذجها، قيام القادة العسكريين في الأسابيع الأولى من الحرب، بتكييف عملياتهم من خلال تشكيل فرق صغيرة من المشاة تمكنت بمساعدة صواريخ «ستينغر» و«جافلين» المحمولة على الكتف من مهاجمة الدبابات الروسية خلالها تقدمها.
ودرست الولايات المتحدة المواجهات، للحصول على دروس أكبر حول كيفية شن حرب بين دولتين حديثتين في القرن الحادي والعشرين.
وفي ما يتعلق بالدروس المستفادة، قال جيم هيمز، النائب الديموقراطي من ولاية كونيتيكت وعضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، إن «هناك كتباً ستسطر حول هذا الموضوع».
وشكلت الحرب «فرصة جديدة» كذلك للمقاولين والمستثمرين العسكريين الأميركيين لدراسة وتطوير أنظمتهم.
وأعلنت شركة صناعة التجهيزات العسكرية BAE Systems، أن النجاح الروسي في استخدام طائرات «الكاميكازي»، دفعها إلى إعادة تصميماتها لمركبات القتال المصفحة، مضيفة المزيد من الدروع لحماية الجنود من هجمات المسيرات.
وسعى مسؤولون في الحكومة الأميركية وفي مجالات الصناعة العسكرية، إلى اختبار أنظمة وحلول جديدة للمعركة التي كانت فيها أوكرانيا بحاجة إلى كل المساعدة الممكنة.
وفي الأيام الأولى للغزو الذي بدأ فقي 24 فبراير الماضي، أرسلت وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية (NGA)، وهي وكالة دعم استخباراتي تابعة لوزارة الدفاع الأميركية، خمس طائرات استطلاع خفيفة الوزن وعالية الدقة إلى قيادة العمليات الخاصة الأميركية في أوروبا، لوضعها رهن إشارة أوكرانيا.
ولم تكن هذه المسيرات الاستطلاعية التي صنعتها شركة تدعى Hexagon، جزءاً مما يسمى برنامج التسجيل في وزارة الدفاع، ما يشير إلى «الطبيعة التجريبية» للحرب الروسية - الأوكرانية، على حد تعبير «سي ان ان».
وأوضحت الشبكة، أن مدير وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، روبرت شارب، تحدث علناً في ذلك الوقت عن هذه الطائرات، كاشفاً أن الولايات المتحدة دربت «شريكاً عسكرياً» في أوروبا على نظامها.
وقال شارب لـCNN على هامش مؤتمر في دنفر، في الربيع الماضي، إن هذه المسيرات تسمح بالخروج من تحت الغطاء السحابي وتجميع البيانات الجغرافية الاستخباراتية.
ورغم الجهود المكثفة التي بذلها بعض المسؤولين الأميركيين، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه المسيرات قد استعملت من طرف الأوكرانيين.
في سياق متصل، عبر العديد من مسؤولي المخابرات والجيش لشبكة CNN عن آمالهم، في أن يكون إنشاء المسيرات منخفضة التكلفة والتي تستخدم مرة واحدة، أولوية قصوى للمستثمرين في مجال صناعة الأسلحة.
وتابع أحدهم «أتمنى أن نصنع طائرة مسيرة هجومية أحادية الاتجاه بقيمة 10 آلاف دولار».