في تسعينات القرن الماضي، ارتكب الصرب جرائم حرب في البوسنة والهرسك التي تقطنها أكثرية مسلمة دافعت عن وجودها واستقلالها بعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي على إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. أراد الصرب الاستيلاء على سراييفو وحاصروها وكانوا يقصفونها بلا هوادة لكن المسلمون البوسنيون استطاعوا الصمود ببسالة.
بعد انتهاء الحرب إثر تدخّل الولايات المتحدة وقصفها عاصمة الصرب بلغراد، قامت محكمة العدل الدولية بملاحقة رؤوس مجرمي الحرب الصربيين وتم اعتقال الرئيس الصربي الإرهابي سلوبودان ميلوسوفيتش، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة حيث مات في سجنه.
كما حكمت المحكمة على كل من الإرهابي رادوفان كاراديتش، زعيم صرب البوسنة، والجنرال الإرهابي راتكو ميلاديتش، بالسجن مدى الحياة، حيث لا يزال الاثنان يقبعان في سجنيهما. ومع ذلك فإن المجتمع الدولي لم ينصف مسلمي البوسنة حيث يعيش آلاف مرتكبي جرائم الحرب طليقين بعد أن قتلوا آلاف المدنيين المسالمين واغتصبوا آلاف النساء، ولا تزال مذبحة سربرنيتشا ماثلة في الأذهان إذ قتل فيها 6 آلاف من الرجال والشباب والأولاد، وتم دفنهم في مقابر جماعية أمام المفرزة الهولندية التي يفترض أن تقوم بحمايتهم.
اليوم، تحاول الأقلية الصربية - 5 في المئة من سكان كوسوفو - بدعم من جمهورية صربيا زعزعة أمن دولة كوسوفو ذات الغالبية المسلمة التي نالت استقلالها عام 2008. الغريب أن هذه الأقلية تعتبر نفسها جزءاً من صربيا ولا تعترف باستقلال كوسوفو.
وبلغ عنادها لقوانين كوسوفو أن امتنعت عن استبدال لوحات سياراتها الصادرة من الدولة الصربية قبل الاستقلال بلوحات دولة كوسوفو، وقامت بإغلاق الطرقات والمعابر الرئيسية في شمال كوسوفو من أجل شل حركة المرور، كما تعاطفت جمهورية الصرب معها بحشد عسكري على الحدود كتهديد لجمهورية كوسوفو من أجل التنازل عن استبدال تلك اللوّحات. الأمر الذي يدل على أن الصرب لم يتعلموا من دروس الماضي ويصرّون على إثارة الحروب في البلقان.
ربما الشيء الوحيد الذي فات هؤلاء الصرب أن الأوروبيين والأميركان لن يسمحوا لهم بإشعال فتيل حرب أخرى في البلقان لتخفيف الضغط على حليفهم الروسي الذي يعاني من مستنقع الحرب في أوكرانيا. المؤكد أن الرئيس الصربي ألكساندر استوعب الرسالة الأوروبية والأميركية الشديدة اللهجة له، وبادر على الفور بالضغط على الأقلية الصربية التي سارعت بتفكيك الحواجز وفتح الطرقات الخميس الماضي، وربما تلقى تهديداً بضرب قواته في حال أي تدخل عسكري من جانبه في كوسوفو.