أثارت قضية رفع إحدى الشركات أسعار منتجاتها في الجمعيات التعاونية جدلاً واسعاً، بين نفي وزارة التجارة والصناعة تلقيها طلباً لرفع الأسعار، وتأكيدها استمرار سريان قرار التثبيت، ونفي اتحاد الجمعيات التعاونية وجود أي موافقات لزيادة الأسعار، فيما تبين أن القضية تتعلق بطرح الشركة نفسها منتجات جديدة في الأسواق مشابهة لمنتجات أخرى لها، لكن بأسعار مختلفة، ما اعتبر زيادة «مستترة» للأسعار.
فما هي القصة؟ ولماذا لم يقتنع المستهلكون بتأكيدات مسؤولي «التجارة»، ويصرون على أن أسعار هذه المنتجات ارتفعت وأنهم لمسوا ذلك بأعينهم، ودفعوا ثمنه من جيوبهم بمعدل أكثر من المعتاد، وبما يتراوح بين 50 و75 في المئة؟
من حيث المبدأ لا يزال مسؤولو وزارة التجارة والصناعة متمسكين حتى الآن بقرار 67/2020 الخاص بتثبيت أسعار السلع، وهو القرار الذي ينسحب تحت مظلته على نحو 3 آلاف سلعة متنوعة، وفي المقابل لا تبدو الشركات وفي مقدمتها الغذائية سعيدة بهذا التثبيت، في ظل ارتفاع معدلات التضخم محلياً وعالمياً لمستويات تاريخية، ما دفعها إلى البحث عن حلول تضمن لها زيادة أسعارها دون أن تخالف القانون.
حلول للزيادة
ويبدو أن إحدى الشركات الغذائية نجحت في فك «شيفرة السر» لهذه المعضلة، والتي تمثلت في طرح منتج جديد، فيما أبقت على لائحة أسعار منتجاتها القديمة دون تغيير، وبذلك تكون ضمنت بيع منتجاتها بالتسعير الذي تراه مناسباً، وفي الوقت نفسه التزمت بقرار التثبيت على منتجاتها القديمة، خصوصاً إذا اختفت منتجاتها القديمة من غالبية الأسواق مع استبدالها بالمنتجات الجديدة.
منتج جديد
وترى مصادر مطلعة لـ«الراي» أنه وفق هذا المبدأ، فإن الشركة التزمت بقرار استمرار تثبيت أسعار سلعها نظرياً، لكنها عملياً زادت أسعارها، ما يجعلها بوجهة نظرها غير مكشوفة رقابياً على أي مخالفة، كما أن ذلك يرفع مسؤولية «التجارة» أيضاً، باعتبار أن المنتج الجديد غير مدرج في لائحة السلع المسعّرة لديها سابقاً، ومن ثم يكون قرار شرائه بالأسعار المطروحة وإن كان بنظر البعض مرتفعاً، مسؤولية المستهلك على أساس أنه بيده رفضه أو قبوله، وليس الرقيب.
لكن رقابياً هناك بحث آخر، فحسب المصادر فتح مسؤولو «التجارة» تحقيقاً موسعاً منذ أول من أمس حول واقعة غياب منتجات الشركة التقليدية، وتوافر المنتج الجديد فقط بكميات كبيرة في غالبية الأسواق، مبينة أنه إذا ثبت أن الشركة تعمدت وقف منتجاتها القديمة لتمرير زيادة أسعارها فستتم إحالتها للنيابة، وإلى جهاز حماية المنافسة للتحقيق معها بتهمة التحايل على القرار الوزاري بهذا الخصوص، مع إمكانية تعرضها لدفع غرامة.
ولفتت المصادر إلى أنه من المرتقب أن يجتمع مسؤولو الشركة مع مسؤولي الوزارة اليوم لتوضيح وجهات نظرهم، مؤكدة تمسك «التجارة» بقرار تثبيت الأسعار، ومكافحة أي محاولة للتحايل على القرار.
مسميات قريبة
وتعتبر المصادر أن هذا السلوك التجاري لن يكون مسجلاً مستقبلاً باسم الشركة المبادرة في هذا الخصوص كتصرف حصري إذا تم اعتماده رقابياً دون مخالفة، حيث تتنامى التكهنات وقتها حول إمكانية أن تلحق بها العديد من الشركات، خصوصاً الغذائية، بإعادة طرح منتجاتها في الأسواق بثوب جديد، ومسميات قريبة من مسميات منتجاتها الحالية حتى لا تخسر القيمة التسويقية للمنتج، وبذلك تكون فتحت باباً خلفياً لزيادة أسعار سلعها دون أن تصطدم بالناظم الرقابي.
وتشير المصادر إلى أنه من المعلوم أن وزارة التجارة تلقت خلال الفترة الماضية الكثير من طلبات الشركات لإلغاء قرار تثبيت الأسعار الذي تم إقراره خلال جائحة كورونا، إلا أن جميع المحاولات في هذا الخصوص لم تلق قبولاً حكومياً حتى الآن بما يمكّنها من إقرار قرار جديد يلغي القديم، وبذلك يكون عليها انتظار نتيجة أعمال اللجنة الحكومية المشكّلة في شأن إعادة النظر بتثبيت الأسعار.