المكاسرة على مصراعيها بين ميقاتي وفريق عون

الجامعة العربية تحضّ لبنان على «حزْم أمره» بانتخاب رئيس

22 ديسمبر 2022 11:00 م

- وزير الدفاع يتحدّى ميقاتي... ورسالة رئاسية وراء شلّ المجلس العسكري؟
- ميقاتي: لبنان على مفترق طرق... إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم

«... احزموا الأمرَ بانتخاب رئيسٍ وانطلِقوا إلى الأمام». رسالةٌ مباشرة وجّهها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط للقوى السياسية في لبنان الذي يستعدّ لدخولِ 2023 على وقْع اشتداد «الأعاصير» المالية والسياسية التي تُنْذِر بـ... شرّ مستطير.

ولم تخرج المواقف التي أطلقها أبوالغيط من بيروت، حيث شارك في افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي» في فندق فينيسيا والتقى كبار المسؤولين، عن «الأدبيات» التي باتت تطبع مقاربةَ المجتمعيْن العربي والدولي لـ «القفل والمفتاح» في الأزمة اللبنانية انطلاقاً من المأزق الرئاسي وعلى قاعدة أن «الوصْفة» الرئيسية للحلّ يتعيّن أن تكون من «حواضر البيت» الداخلي.

وجاء ما أعلنه الأمين العام للجامعة العربية، الذي اعتبر أن لبنان لا «يتحمّل شغوراً رئاسياً طويلاً» مؤكداً «ينبغي حشد الهِمم وحزم الرأي من السياسيين والاقتصاديين وجميعهم مطالَبون بأن يبذلوا الجهود وفي أسرع وقت للخروج بلبنان من هذا الوضع الصعب (...) والمفتاح يجب أن يكون في بداية انتخاب رئيسٍ وبالتالي احزموا الأمر وانطلِقوا الى الأمام»، ليعكس وفق أوساط مطلعة:

* بالحد الأدنى عدم نضوجِ أيّ مساراتٍ خارجية يُمكن أن تساعد في تفكيك صواعق الأزمة الشاملة في «بلاد الأرز».

* وبالحدّ الأقصى عدم واقعية الرهانات الداخلية على رافعةٍ إقليمية – دولية تُنْتِج في التوقيت المُناسِب مَخْرَجاً، في ظلّ تقديراتٍ بأن لبنان ليس حتى الساعة على أجندة أولويات عواصم القرارِ والتأثيرِ إلا من زوايا «موْضعية» ترتبط بالأمن الاقليمي والقومي ما يُبْقي أزماته المتداخلة معلَّقة حتى إشعارٍ آخَر واقتناعِ الأطراف السياسية بأن شعار «ساعِدوا أنفسكم كي نساعدكم» الذي رفعه الخارج مازال هو الساري، ومدخلُه إنتاج رئيسٍ يُطْلق في البُعد السياسي مسارَ استعادة الثقة العربية والغربية فلا يكون نِتاج لعبة «موازين القوى» الداخلية التي زَحَل معها لبنان الى المحور الإيراني، ويضع في البُعد المالي والاقتصادي قطارَ الإصلاحات على السكة.

ولم يكن عابراً كلام ابوالغيط بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري، حين قارَب الاختراق المحتمل في الواقع اللبناني المأزوم والذي يتكاتف فيه «انهيارُ القرن» مع عجزٍ مستحكم لدى الطبقة السياسة بات يثير «صدمة العالم»، من باب «أن الخيال والفاعلية للعقل اللبناني قادران على تحقيق انفراج في الموقف»، معرباً عن شعوره «رغم كل الصعوبات السياسية والاقتصادية بأن لبنان بالتأكيد سيخرج من هذه الأزمة. والأمر يبدأ بانتخاب الرئيس ثم إطلاق آليات الاقتصاد اللبناني».

وبعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال، أكد ابوالغيط «ان انسداد الحوار والتمترس خلف المواقف لتمرير الوقت ليس استراتيجية ناجعة ويتعين أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة بين القوى والتيارات السياسية، والجامعة العربية على أتم استعداد للقيام بما يُطلب منها في هذا الصدد».

وكان ميقاتي أعلن أمام «منتدى الاقتصاد العربي» أنه «على مشارف عام جديد، فإن لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم»، لافتاً إلى أنه «في حال تَحَقّق السيناريو السياسي - الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة، ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي»، مضيفاً: «أما السيناريو المعاكس، لا سمح الله، فسيؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كل القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف ما ينعكس خصوصاً على الأوضاع الاجتماعية وعلى الأُسَر اللبنانية عموماً».

وتابع: «في ظل هذه المفارقة، نطالب بأن يترفّع المسؤولون السياسيون عن مصالحهم الضيقة ويبدّوا المصلحة العامة ويُعززوا القواسم المشتركة، ما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة».

وبدا كلام ميقاتي في هذا السياق على خلفية المكاسَرة المتجددة بينه وبين فريق الرئيس السابق ميشال عون، والتي تحوّل معها حتى تصريف الأعمال بالنسبة للحكومة المستقيلة رهينةَ الاستقطابات الخفية التي لم تعد خافية على أحد في الملف الرئاسي، سواء لاعتباراتِ «تصفية الحساب» بمفعول رجعي مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان نبيه بري قبل أن ينضمّ «حزب الله» إلى محور «علاقات التوتر العالي»، أو لحساباتٍ تتصل بمزيد من محاصرة مرشّحين جديين للرئاسة يضع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «فيتو» على انتخابهم مثل قائد الجيش العماد جوزف عون (كما سليمان فرنجية).

واستوقف أوساطاً سياسية وضْع «التيار الحر» وزير الدفاع موريس سليم على «الخط الأمامي» بمواجهة ميقاتي، من خلال محاولة عرقلة تسيير العمل الحكومي عبر جلساتٍ عند الضرورة القصوى لمجلس الوزراء، وصولاً إلى شلّ المجلس العسكري المؤلّف من 5 أعضاء ويترأسه قائد الجيش.

وبرزت أمس مؤشرات إلى مطاحنة سياسية - دستورية مرشّحة لمزيد من الفصول الساخنة، بعدما مضى سليم في تحدّي ميقاتي رافضاً اعتماد صيغة المرسوم التي أرسلها رئيس الحكومة لتوقيعها (والتي تحمل توقيع ميقاتي ووزيري المال والدفاع) للإفراج عن المساعدة الاجتماعية للأسلاك العسكرية، فضلاً عن ممانعته توقيع اقتراح قائد الجيش تأجيل تسريح رئيس الأركان اللواء أمين العرم والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد اسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 الجاري.

وفيما جزم وزير الدفاع بأنه «لن أقبل بالتمديد لرئيس الأركان والمفتش العام في المجلس العسكري، وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة، ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب»، فإنه ربط اعتراضه على توقيع مرسومِ منْح المساعدة الاجتماعية للعسكريين التي أقرّها مجلس الوزراء قبل أسبوعين في اجتماعٍ يرفض «التيار الحر» الاعتراف بـ«شرعيته ودستوريته»، بوجوب أن يوقّع المرسوم كل وزراء الحكومة الـ 24، مع تأكيده عبر الإعلام أنه سيعتمد الصيغة نفسها في كل مراسيم ترقيات الضباط قبل إحالتها.

وسارع ميقاتي الى توجيه كتاب عبر رئاسة مجلس الوزراء إلى سليم طالباً منه «توقيع مشروع المرسوم المُرسل إليه سابقاً كما هو من دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى»، مشدداً على «ضرورة تعجيل إصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في الخامس من الجاري، في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الاسلاك العسكرية الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها، بمنأى عن التجاذب السياسي استناداً الى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات».

بدوره أكّد المستشار الاعلامي لرئيس الحكومة فارس الجميّل أنّه «لا توجد أزمة دستورية بل سياسية، وما قام به وزير الدفاع مخالف للدستور»، مشيراً في حديثٍ لقناة «الجديد» إلى أنّ «قرار وزير الدفاع بما يخصّ المساعدة الاجتماعية للعسكريين هدفه تعطيل القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء، والرئيس ميقاتي كان حاسماً بموضوع (رفْض) المراسيم الجوّالة».

وأضاف ان «العسكريين لن يقبضوا المساعدة الاجتماعية لأنّ وزير الدفاع لم يُوقّع المرسوم».

ولفت إلى أنّه «عند الحاجة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في ظروف استثنائية كالتي نمرّ بها، سيقوم الرئيس ميقاتي بواجبه وسيدعو لجلسة».