كشّافون، مراقبون، رؤساء أندية، مدرّبون، وكلاء أعمال، سلسلة متكاملة تجتمع كل 4 سنوات للظفر بالمواهب التي تظهر أثناء بطولة كأس العالم، وبدء رحلة تسويقها وإيصالها إلى العالمية، من بوابة الأندية الكبرى في القارة الأوروبية في الدرجة الأولى، وفي بقية القارات بدرجات متنوعة.
ولم يشذّ مونديال قطر 2022، الذي أسدل الستار عليه الأحد بتتويج الأرجنتين، عن هذه القاعدة المعتاد عليها، إذ مع اطلاق صافرة الانطلاق بدأت التقارير تُسلّط الأضواء على اهتمام الأندية بحارس مرمى برع، قلب دفاع صلب، أظهرة تواكب التغيّرات في اللعبة، لاعبو وسط قادرون على التوازن بين الخطوط، فضلاً عن مهاجمين قادرين على اقتناص الأهداف من أنصاف الفرص.
لاعبون من مختلف الجنسيات برزوا للضوء، وتركوا بصمة في المونديال الأول المُبهر في العالم العربي، من أميركا الجنوبية، أفريقا، آسيا وأوروبا، على بُعد فترة زمنية قصيرة نسبياً، قبل بدء موسم الانتقالات الشتوية في الدوريات الأوروبية ابتداءً من مطلع يناير المقبل.
أما الأندية من جهتها، فباتت تنتظر المونديال على «أحرّ من الجمر»، إذا بات بالنسبة لها مثل «الدجاجة التي تبيض لها ذهباً» في ظل ارتفاع القيمة السوقية للاعبين المتألقين، والسباق على ضمهم بعد انتهاء الحدث العالمي، ما يساعدها على سدّ جزء من ديونها الضخمة، وهي أزمة ظهرت للعيان في الأندية الكبيرة، خصوصاً الإسبانية والإيطالية، وبدرجة أقل الإنكليزية، الألمانية والفرنسية، لاسيما بعد تداعيات تفشّي فيروس «كورونا».
وأشار عدد من النقاد إلى أن المونديال القطري، قد يكون الأكثر غزارة في عدد اللاعبين المميزين الذين ظهروا على الشاشة، بأدوارهم فوق المستطيل الأخضر، ومن بينهم المهاجم الإكوادوري المخضرم إينير فالنسيا، الذي أثبت نجاعة تهديفية عالية قبل خروج منتخبه من الدور الأول، مشيرين إلى أن مهاجم فنربغشه التركي ورغم بلوغه الـ 33 عاماً، قد يكون قادراً على الانتقال إلى إحدى الدوريات الكبرى في الفترة المقبلة، خصوصاً بعدما أثبت قدرته على هزّ الشباك.
كما برز أيضاً، الهولندي كودي جاكبو، الذي بات أول لاعب في صفوف «الطواحين» يسجّل في 3 مباريات متتالية في الدور الأول، والمهاجم السعودي سالم الدوسري، وهو بات ضمن قائمة عربية من 4 لاعبين نجحوا في التسجيل في أكثر من نسخة من كأس العالم، فضلاً عن الإنكليزي الواعد جود بيلينغهام وفيل فودن اللذين سيكونان عنواناً لصراع الأندية في الفترة المقبلة، إلى جانب المهاجم الأرجنتيني الشاب خوليان ألفاريز، الذي أظهر نجاعة تهديفية ستعزّز الحلول لدى مدربه في مانشستر سيتي الإنكليزي، الإسباني جوسيب غوارديولا، في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، رأى المُحلّل الرياضي محمد خليل أن عدداً من النجوم أثبتوا جدارتهم في المونديال، في مقدمهم المغربيان عز الدين أوناحي، وسفيان إمرابط، الذي نقل تألقه مع فيورنتينا الإيطالي إلى منتخب «أسود الأطلس»، مبيناً أن هذين اللاعبين قدما بطولة رائعة وتركا بصمة كبيرة، مع امتلاكهما، خصوصاً لاعب أنجيه الفرنسي، خصائص دفاعية وهجومية، السرعة والرؤية المميزة في الملعب، الجرأة وقوة الشخصية والاحتكاك مع النجوم من دون خوف، وهي عناصر تبحث عنها الأندية الكبيرة في القارة العجوز.
وأفاد خليل بأنه في الوقت نفسه، أثبت إنزو فرنانديز جدارته مع المنتخب الأرجنتيني، ولعب دوراً كبيراً في قيادة الـ «تانغو» الى اللقب الثالث في تاريخه، على الرغم من الضغوطات الكبيرة على المستوى الذهني، مبيناً أن ابن الـ 20 ربيعاً المحترف في بنفيكا البرتغالي أثبت قدرته بعد اختياره أفضل لاعب شاب في المونديال على الانتقال إلى نادٍ كبير، خصوصاً في ظل قدرته على ربط الخطوط وتقديم لمسات سحرية وتمريرات حاسمة للمهاجمين.
وبيّن أن المدافع الكرواتي جوسكو غفارديول، وحارس مرماه دومينيك ليفاكوفيتش، من جهتهما سيشعلان سباقاً على الظفر بتوقيعها بعد ختام المونديال، إثر تألقهما اللافت ومساهمتهما في قيادة المنتخب الكرواتي إلى المركز الثالث بجدارة.