توّجوا المسيرة المظفّرة بالمركز الرابع «التاريخي»

المغاربة... فعلاً «أسود»

18 ديسمبر 2022 11:00 م

- الإدريسي لـ «الراي»:
- النجاح نتاج إستراتيجية متكاملة انطلقت منذ سنوات
- العمل على تحقيق الحلم وتنفيذ التعليمات أبرز عوامل التألق

قبل 25 يوماً، لم يكن أحداً يتوقع أن يقتحم منتخب عربي جدار الدور نصف النهائي «المتين» من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي اختتمت مساء أمس في قطر، في ظل انحصار التوقعات بين المنتخبات التقليدية، أمثال البرازيل، فرنسا، ألمانيا، الأرجنتين، إنكلترا وإسبانيا.

إلّا أنه مع انقضاء أحداث المونديال وما سجّلته المباريات من مفاجآت لم تكن في الحسبان، تغيّرت المعادلة، ورأى الجميع تصميم المنتخب المغربي على تحقيق أكثر من «شرف المشاركة»، الذي اعتادت عليه المنتخبات العربية في النسخ السابقة من المونديال، إذ تألق «أسود الأطلس» وأقصوا الكبار في الطريق إلى المربع الذهبي، وأزعجوا المنتخب الفرنسي حتى الدقائق الأخيرة، قبل أن يخطف الأخير بطاقة التأهل الى النهائي للمرّة الثانية توالياً بتفاصيل صغيرة، ليخرج «أسود الأطلس» مرفوعي الرأس من البطولة الأولى في العالم العربي.

وأشار عدد من النقاد إلى أن المنتخب المغربي، الذي بات أول منتخب عربي وأفريقي يكسر الاحتكار الأوروبي والأميركي الجنوبي على الأدوار الإقصائية، استفاد من العقلية الأوروبية التي يتمتع بها غالبية لاعبيه المحترفين في القارة العجوز، واعتيادهم على اللعب أمام النجوم الكبار من دون أي رهبة وبمؤزارة جماهيرية غفيرة.

وأكد تتويج المغاربة المسيرة المظفّرة بالمركز الرابع التاريخي في المونديال بعد الخسارة أمام كرواتيا 1-2، نجاح المدرب وليد الركراكي في إيجاد توليفة متجانسة تضع مصلحة المنتخب فوق كل اعتبار، إذ يُحسب له نجاحه في إقناع المهاجم حكيم زياش بالعودة عن اعتزاله دولياً بعد مشاكله مع المدرب البوسني-الفرنسي السابق وحيد خليلوزيتش، واستفادته من إمكانات لاعبيه كافة المشاركين في الحدث العالمي.

ويلفت النقّاد إلى الدور الإيجابي الذي لعبه وجود حارس متمرّس بحجم ياسين بونو، الأفضل في الدوري الإسباني مع فريقه إشبيلية، خلف كتيبة دفاع حديدة فشل الخصوم في اختراقها إلى ما قبل مباراة نصف النهائي أمام «الديوك»، حيث تأثّر «أسود الأطلس» بإصابة القائد رومان ساييس ونايف أكرد ونصير مزراوي، ليفتقد المنتخب الأفريقي جزءاً كبيراً من ثباته وقوته.

أضف إلى ذلك، التألق الواضح لأبرز اكتشافات المونديال عزالدين أوناحي، سفيان أمرابط وسفيان بوفال، الذين ساهموا في ربط الخطوط وإيصال المهاجمين إلى مرمى الخصوم، فضلاً عن مساندتهم الدفاع في الهجمات المرتدة.

وفي هذا السياق، رأى المُحلّل المغربي بدرالدين الإدريسي، أنّ «نتائج المنتخب المغربي في المونديال ليست وليدة الحظ، بل هي نتاج إستراتيجية طويلة الأمد بدأت منذ سنوات بإنشاء الأكاديمييات، وتطوير البنى التحتية الرياضية في الدولة، والعمل على اكتشاف المواهب من اللاعبين والمدربين المميزين».

وبيّن أنّ «النتائج تعكس أيضاً الارتباط الكبير بين اللاعبين وقتالهم إلى جانب بعضهم البعض في المباريات كافة»، وتغيير العقلية المغربية والعربية والأفريقية في التعاطي مع المنافسات بشكل عام، وهو ما يظهر للعيان في النتائج المميزة التي تحقّقت منذ بداية المشوار».

وأفاد الإدريسي بأن القرار الحاسم، الذي اتخذه الاتحاد المغربي بإقالة خليلوزيتش وتعيين المدرب الوطني الركراكي، ساهم في إنجاح المشاركة المونديالية، مثنياً على جهود المدرب في إقناع اللاعبين بمشروعه وإعادة المبتعدين قسراً إلى التشكيلة، ما أدى إلى تقديم أداء بطولي رفيع المستوى فاجأ العالم.

نجاح المدرب

وشدّد الإدريسي أنّ»»الركراكي نجح على الرغم من عدم مطالبته بتحقيق أي إنجازات، وهو ما ساهم في تخفيف الضغوط عليه، وساعده على إبراز خططه تكتيكياً وفنياً»، كاشفاً أنه قبل المونديال خاض المنتخب 3 مباريات ودية فقط بإشراف الإدارة الفنية الجديدة، إلّا أنه رغم ذلك نجح في إقصاء منتخبات من»الوزن الثقيل»في قطر، وهي بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، فيما أحرج فرنسا كثيراً في نصف النهائي.

وأضاف أنّ»أسود الأطلس» نجحوا بفضل 3 عناصر أساسية في المونديال، وهي الحلم بالإنجاز والعمل على تحقيقه وجعله حقيقة من خلال تقديم الأداء المثالي في المباريات عبر تنفيذ التعليمات بحذافيرها، مبيناً أنّ «العنصر الثالث يكمن في الارتباط العائلي الذي حرص اللاعبين على إبرازه بعد كل مباراة من خلال الاحتفال بالفوز مع أولياء أمورهم وعائلاتهم، حتى استحقوا عن جدارة لقب منتخب (الحالمين والمرضيين)».

وأكّد الإدريسي أن المغرب نجح في أن يكون سفيراً فوق العادة للكرة العربية والأفريقية في المونديال، مبيناً أن ما حقّقه المنتخب ليس جديداً على الكرة المغربية، التي كانت أول منتخب عربي يتأهل إلى بطولات كأس العالم، وأول منتخب عربي يتأهل إلى الدور الثاني، وباتت أول منتخب عربي يبلغ المربع الذهبي ويحتل المركز الرابع.

الغلة الأكبر

نجح المنتخب المغربي في تسجيل الغلة الأكبر للعرب في بطولات كأس العالم، مع تحقيقه 4 انتصارات على بلجيكا وكندا وإسبانيا والبرتغال، إلى جانب تعادل واحد بمواجهة كرواتيا في مونديال قطر، مساهماً في تسجيل اسمه بين الكبار كأول منتخب عربي يصل إلى المربع الذهبي في تاريخ البطولة، وأول دولة أفريقية تتأهل الى الدور الثاني منذ عام 1986.

وسجّل «أسود الأطلس» 5 أهداف في 6 مباريات، في حصة تعتبر من الأكبر عربياً في تاريخ المونديال أيضاً.

كما دخل المهاجم يوسف النصيري في قائمة عربية تضمه إلى جانب السعوديين سامي الجابر وسالم الدوسري والتونسي وهبي الخزري، كمسجلين للأهداف في أكثر من نسخة من كأس العالم، مع نجاحه في تجاوز ارتفاع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو خلال الهدف الذي سجله في مرمى المنتخب البرتغالي نفسه في ربع النهائي.

اعتذار حكيمي

تقدم مدافع منتخب المغرب أشرف حكيمي باعتذار الى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، السويسري جياني إنفانتينو، عن الكلمات التي وجهها له عقب نهاية مباراة تحديد المركز الثالث في مونديال قطر.

واعترض حكيمي وزملاؤه على الحكم القطري عبدالرحمن الجاسم لعدم احتساب ركلة جزاء لهم في قرارين مثيرين للجدل في اللحظات الأخيرة من المباراة.

وقال حكيمي: «لم يحدث شيء. كنت غاضباً بعض الشيء بعد المباراة. ذهبت للتحدث معه. أقدم اعتذاري عن الكلمات التي وجهتها له. هو صديقي وأحترمه كثيراً. إذن لم يحدث أي شيء».