بدأ قانونيو البنوك أخيراً جولة مفاوضات مع مسؤولي وزارة التجارة والصناعة أملاً في الحصول على استثناء مصرفي من توجّه الوزارة الخاص بربط موافقتها على عقد الجمعيات العمومية للشركات المساهمة بسدادها الحصة المستحقة عليها لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والمقرّرة ضمن مبالغ الضرائب والرسوم بواقع واحد في المئة من صافي الأرباح.
وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر ذات صلة، أن قانونيي البنوك أبدوا تحفظاً لدى «التجارة» على تطبيق هذه الآلية، باعتبار أنه لا يوجد قانونياً أو إجرائياً ضمن لائحة متطلبات «التجارة» لعقد العموميات ما يُلزم البنوك بهذا الإجراء.
فضلاً عن ذلك، أفاد القانونيون بأنه بمجرد اعتماد البيانات المالية للمصارف من قبل الجهات الرقابية التي تشكّل مظلة مباشرة والمتمثلة في بنك الكويت المركزي، وكذلك من هيئة أسواق المال يفترض ألا يوجد ما يمنع رقابياً «التجارة» من اعتمادها بتعطيل عقد جمعياتها العمومية.
أرباح الشركات
وتُفرض ضرائب على أرباح الشركات المساهمة بنحو 1 في المئة زكاة، و2.5 في المئة لدعم العمالة الوطنية و1 في المئة حصة لمؤسسة «التقدم العلمي»، في حين تأتي الضرائب على أرباح الشركات المساهمة المقفلة بواقع 1 في المئة زكاة و1 في المئة حصة المؤسسة.
وبيّن قانونيو المصارف أن موقفهم في هذا الشأن لا يعني أن البنوك تتخلى عن مسؤولياتها في دفع نسبة «التقدم العلمي» أو غيرها من الالتزامات المقررة عليها، أو أنها تخطط لعدم السداد مستقبلاً، كما أنه ليس بخلاً، موضحة أن المصارف سبّاقة في دفع التزاماتها سواء للمؤسسات أو للمجتمع، ولطالما سددت النسب المقرّرة عليها، في حين أن محركها في هذا الخصوص قانوني إجرائي.
وأشاروا إلى أن تحفظهم على إحداث الوزارة لتعديل إجرائي جديد بمتطلبات عقد الجمعيات العمومية للبنوك يأتي مدفوعاً باعتبارات قانونية يُخشى معها أن يتحول هذا الإجراء لتقليد مستقبلاً ينسحب على إجراءات أخرى، من قبيل ربط موافقة الوزارة على عقد الجمعيات العمومية للشركات بسدادها حتى اشتراكات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وغيرها من الرسوم المستحقة للدولة.
وذكر القانونيون أن مسؤولية تحصيل مستحقات الجهات المختلفة لأي رسوم من الشركات المحددة قانوناً هي مسؤولية الجهات نفسها، ما يضعف وجاهة الرأي التي تستند إليها الوزارة في ربط موافقتها على عقد جمعيات البنوك بسداد حصة «التقدم العلمي».
دفع النسبة
لكن يبدو أن لـ«التجارة» وجهة نظر قانونية أخرى تعزّز حجتها بهذا الخصوص، وهي مرتكزة على مرسوم إنشاء «التقدم العلمي»، القانون الذي يلزم الشركات المساهمة بدفع نسبة واحد في المئة من أرباحها للمؤسسة، والمقررة بمقتضى القانون رقم 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة بـ1 في المئة.
وأوضحت أن «التجارة» جهة رقابية، ومعنية بضمان تطبيق القوانين التي تتعلق بالشركات المساهمة، وبينها تأكيد التزامها بسداد نسبة الـ1 في المئة من صافي أرباحها سنوياً للمؤسسة، واعتبار ذلك شرطاً لعقد جمعياتها العمومية.
ولفت مسؤولو إلى أنه خلال السنوات الماضية عطّلت الوزارة هذا الإلزام، حيث لم تعد الشركات مضطرة أن تقدم لـ«التجارة» ما يثبت أنها سددت حصة المؤسسة حتى تحصل على موعد جمعيتها العمومية، إلا أن توجه الوزارة حالياً نحو الربط المُلزم بين الإجرائين.
ويبرر مسؤولو «التجارة» موقفهم في هذا الخصوص بأن سداد الشركات المساهمة لحصة المؤسسة يحمل طبيعة إجرائية مختلفة، وأن المساعدة في استيفائه مُلزمة قانوناً على مؤسسات الدولة، ومنصوص على ذلك في القانون، ومن ثم على الوزارة العمل على ضمان سداد الحصة المقررة للمؤسسة.
إلزام قانوني
وأضافوا أن خصوصية محددات استقطاع حصة «التقدم العلمي» من الشركات المساهمة يحمّل «التجارة» مسؤولية تعطيل عقد عموميات غير الملتزمة منها بسداد هذه الحصة.
وإلى ذلك، توصل قانونيو البنوك ومسؤولو «التجارة» إلى تفاهم يدفع بعدم ربط السماح بعقد الجمعية العمومية للبنوك بدفعها حصة المؤسسة، باعتبار أن هذا الإجراء يتطلب قانوناً عقد جمعية عمومية للشركة يتم خلالها اعتماد البيانات المالية السنوية من قبل المساهمين ومن ثم العمل على سدادها.
وبينوا أن الصيغة الأقرب تدور حول أن تربط «التجارة» بين اعتمادها محضر اجتماع الجمعيات العمومية في سجلاتها وسداد البنوك لحصة «التقدم العلمي»، ما يعني تجميد شرعية هذا المحضر حتى سداد الحصة المقرّرة للمؤسسة، وبالتالي عدم تعطيل العموميات المطلوبة لاعتماد المخصص المقرر لـ«التقدم العلمي».
هل يُطبّق الربط بأثر رجعي؟
كان من ضمن نقاط التي أُثيرت بين «التجارة» والبنوك بخصوص الموقف الإجرائي من حصص «التقدم العلمي» لدى الشركات المساهمة المستحقة عن السنوات الماضية إن وُجدت، والتي لم تُسدد لعدم إلزامية ربطها بعقد الجمعيات العمومية.
وجرى بحث قانونية ما إذا كانت الشركات مُلزمة بسداد الحصص المتأخرة عليها للمؤسسة عن السنوات الماضية حتى توافق الوزارة على اعتماد الجمعية العومية أم سيبدأ التطبيق المستهدف مع أول بيانات مالية تقدمها الشركة المساهمة بعد الربط.
ويخلص الرأي في «التجارة» إلى عدم تطبيق القرار بأثر رجعي، وأن «التجارة» غير مضطرة لإلزام الشركات المساهمة بسداد حصص «التقدم العلمي» المستحقة عن السنوات الماضية بعدم اعتماد محاضر جمعياتها العمومية في سجلاتها، باعتبار أن مسؤولية التحرك على استيفاء المتأخرات تقع قانونياً على المؤسسة والشركة نفسها.