وُصفت مباراة مصر وجمهورية ايرلندا ضمن المجموعة السادسة لمونديال إيطاليا 1990 بأنها «سيئة ومن أكثر مباريات كأس العالم مللاً»، إلا أن «الأسوأ» شهدته مباراة أخرى ضمن المجموعة ذاتها.
انتهت المباراة بتعادل من دون أهداف وأداء سلبي من الجانب المصري الذي كان يخطط للخروج بنقطة أخرى غالية بعد التعادل 1-1 مع هولندا في مجموعة قوية ضمت انكلترا أيضاً.
انتهج مدرب «الفراعنة» محمود الجوهري أسلوباً دفاعياً صرفياً بوجود خمسة لاعبين في الخط الخلفي يساندهم ثلاثي الوسط وكان منظر إعادة الكرة الى الخلف والحارس أحمد شوبير الذي يلتقطها، ويمشي قليلاً، ويسددها، مألوفاً طوال دقائق المباراة.
أثار الأسلوب المصري حفيظة مدرب ايرلندا، بطل العالم 1966 مع انكلترا، جاك تشارلتون والذي كان يأمل بتحقيق الفوز بعد تعادل أول ثمين مع منتخب بلاده في الجولة الافتتاحية.
لم تكن بطولة إيطاليا 1990 «هجومية» على أي حال وشهدت متوسط التسجيل الأدنى على الإطلاق (2.2 هدف في المباراة) وكان هناك خمسة تعادلات سلبية و15 انتصاراً بهدف وحيد من بينها النهائي الأسوأ في تاريخ البطولة بين ألمانيا الغربية البطلة والأرجنتين، غير أن مباراة مصر وايرلندا بالذات دفعت واضعي قواعد كرة القدم، مجلس الاتحاد الدولي (IFAB) إلى إلغاء التمريرة الخلفية الى حارس المرمى، وتغيير اللعبة إلى الأبد.
بعد المباراة رأى تشارلتون أن منتخب مصر «أخذ مسألة إضاعة الوقت إلى مستوى جديد»، وأضاف: «أكره فرقاً كهذه، أشعر بالأسف لها».
وأردف: «لقد رأيت نتائج مذهلة على مر السنين لكنني لم ألعب من قبل مع فريق لم يخلق فرصة واحدة في 90 دقيقة».
كان يتعيّن على الايرلنديين مواجهة هولندا في الجولة الأخيرة، قال تشارلتون: «مباراة هولندا ستكون مباراة جيدة، على الأقل سوف يأتون إلينا ويذهبون، وسنأتي ونذهب إليهم».
مع إقامة مباراتين في التوقيت ذاته، نظام انتهجه «فيفا» بعد اتفاق ألمانيا الغربية والنمسا لاقصاء الجزائر من مونديال 1982،
وضع رود خوليت الهولنديين في المقدمة بعد 11 دقيقة فقط، لكن نيال كوين حقق أقصى استفادة من خطأ للدفاع والحارس فان بروكلين قبل 20 دقيقة من نهاية المباراة. وفيما كانت انكلترا متقدمة على مصر بهدف المدافع مارك رايت، حدث ما كان يمكن وصفه بأنه «الأسوأ».
في سيرته الذاتية «الكابتن فانتاستيك»، ذكر قائد ايرلندا ميك مكارثي أنه تحدث بالتفصيل مع نظيره الهولندي خوليت واتفقا على المحافظة على نتيجة التعادل في ما تبقى من وقت المباراة.
التعادل 1-1 سيقضي على مصر ويضمن تأهل الفريقين إلى دور خروج المغلوب.
من الناحية النظرية، بدت خطوة ذكية، لكن خوليت وهولندا سيندمان على ذلك، لأن التعادل 1-1 ضمن أن كلا الفريقين متساويان في النقاط وفارق الأهداف والأهداف المسجلة. ولا يمكن الفصل بينهما باستخدام سيناريو المواجهة المباشرة، وهذا يعني أيضاً أن المركزين الثاني والثالث في المجموعة السادسة ستحدده القرعة التي وضعت أيرلندا في المركز الثاني في المجموعة، لتلتقي رومانيا في دور الـ 16، فيما أُجبر الهولنديون على خوض مواجهة قاسية مع ألمانيا المرشحة في ميلانو.
لم يكن معلوماً إن كان خوليت مدرك تماماً للعواقب عندما وافق على اقتراح مكارثي على أرض الملعب؟ هل كان يعلم حتى أن سحب القرعة كان محتملاً؟ ومن المؤكد أنه لم يكن أمراً مثالياً مواجهة ألمانيا في وقت مبكر جداً من البطولة، في وقت كان فيه المعسكر الهولندي غارقاً في الفوضى.
خسرت هولندا أمام ألمانيا 1-2، وفي اليوم التالي كانت ايرلندا تحتفل بتأهلها إلى الدور ربع النهائي في مشاركتها الأولى بكأس العالم بعد تجاوز رومانيا بركلات الترجيح.