إن أهم ركيزة من ركائز الديموقراطية هي حرية التعبير. ففي أرجاء العالم كافة، هناك حكومات لا تحمي الحق في التعبير الحر عن الرأي والفكر. حيث يقوم بعض الأفراد والجماعات باسم حرية الرأي بالتعبير عن أنفسهم بصورة مفعمة بالحقد والتميز.
ومن المعلوم أن السلطة الرابعة التي اطلقت على وسائل الإعلام واتخذت منحنى الرقابة على السلوكيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة والمجتمع بكل شرائحه موجودة بالأصل كـ «ركيزة» أساسية في النظم السياسية الديموقراطية التي تحكم بها الشعوب.
ومن هذا المنطلق انتقل للشرائح والجهات التي كلفت وسائل الإعلام بمراقبتها، والتي تمثل الدولة كنظام سياسي بالإضافة الى السلطات بأنواعها وصولاً لفئات وشراح المجتمع ككل، في كل المجالات والقطاعات لأن ما يميز مهنة الصحافة والإعلام أنها تتداخل مع كل القطاعات وهذا يحمل أداة الرقابة مسؤولية كبيرة جداً.
ولتحقيق ماهو مرجو من الرقابة الإعلامية على السلوكيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في هرم الدولة، لابد من إقامة علاقة شرعية بينها وبين مكونات الدولة العامة والخاصة، بالإضافة إلى المجتمع على أساس المصداقية والثقة في ظل مناخ يتمتع بالحرية الإعلامية، وبهذا تكون وسائل الإعلام حققت مبتغاها في عمليات المراقبة والشفافية والتشخيص والإصلاح للسلوكيات السياسية والاقتصادية والظواهر والثغرات الاجتماعية من خلال مهمتي الانتقاد والتعزيز.
كما أن نجاح رقابة وسائل الإعلام على مؤسسات الدولة يتطلب وجود مسؤولين يتمتعون بالنزاهة والشفافية، ولديهم القناعة التامة بالدور المنوطة به وسائل الإعلام لممارسته على سلوكياته المختلفة، فبغير ذلك تكون العلاقة بين وسائل الإعلام ومكونات الدولة الرسمية والخاصة علاقة غير شرعية وهذا معناه تعطيل الدور الحقيقي لوسائل الإعلام ونتيجة الحتمية هي «الانهيار».
ما أود قوله: إن السلطة الرابعة أو ما يعرف «بالرقابة الإعلامية» هي ركيزة أساسية في النظم السياسية الديموقراطية، وهذا يحتم على قيادات هذه النظم وما ينبثق عنها من سلطات ادراك أن من منحهم هذه المناصب والسلطات هو نفسه الذي منح وسائل الإعلام سلطة الرقابة وهو«النظام الديموقراطي»، وأن أي خلل في هذه المعادلة يكون تأثيره مباشراً على الممارسة الديموقراطية للقواعد الشعبية ومكونات الدولة بالتوجيه والتسييس لخدمة فئات وشرائح وسلطات على حساب غيرها، وبالتالي فشل النظام الديموقراطي ككل وهذا معناه الدخول في «الفوضى».
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com