حروف نيرة

لا يعيب الرجل إلّا جيبه!

8 نوفمبر 2022 11:00 م

يوجد كثير من المعتقدات في مجتمعنا العربي بعيدة عن الصواب تسبّب الفشل الأسري والخلل الاجتماعي، وقد يعتبر البعض أنها حقيقة ثابتة؛ منها ضوابط اختيار الزوج المناسب الذي يؤسس حياة طيبة لزوجته وأولاده وينشئ أسرة مستقرة، ومن أهم الأمور التي ينظر إليها الكثير أن الزوج الأصلح هو الذي يرفع أسرته بقدر عطائه المادي، كما في القول المنتشر: (لا يعيب الرجل إلّا جيبه) وكأن المال هو الأصل في الاختيار، وقد علق عليه الدكتور مصطفى محمود، رحمه الله، بقوله: (جملة في قمة التفاهة! الذي يعيب الرجل، قلّة تربيته، قلة دينه، قلة عقله، وقلة رجولته... المال لن يجعل منك رجلاً).

ومن الأمثلة العربية في ذلك: (معاك قرش تساوي قرش) وكأن قيمة الرجل بقدر بما يملكه من مال، وكلما زاد المال ارتفعت قيمته، وهي نظرة غير واعية، فقد تظن امرأة أنه لا سعادة في الحياة الزوجية إلا مع الزوج الغني الذي تعيش في ظل ماله وممتلكاته، وتلك أوهام بعيدة عن الحقيقة...

لا شك أن المال من الاحتياجات المهمة لبناء الأسرة، والمرأة من حقها أن تسأل عن الحالة المادية للرجل قبل الارتباط به حتى تطمئن على مستقبلها المادي، ولكن هل الأفضل للمرأة اختيار صاحب المال والثروة الكبيرة وإن كان بعيداً عن رقي السلوك والتصرفات؟

ليس المقصود من السؤال التنازل عن الجانب المادي، فالمال من أهم المتطلبات والتي لا يمكن يبدأ الرجل حياته إلّا بها، ولكن لا بد من الجمع بين المال والأخلاق العالية، فلا ينبغي أن يكون الزوج الغني صاحب الثروات محل تفضيل يفوق الأخلاق، يكفي القدرة على فتح بيت تستقر فيه الحياة وتتحقق فيه المتطلبات كافة بحدود معقولة، مع من يتمتع بخصال طيبة ونبل قيمة، الأخلاق هي الأصل في كل علاقة بين الناس فما بالك بالارتباط الزوجي، والمال مهما كانت كميته لا يمكن أن يشتري الطمأنينة القلبية والراحة النفسية، فهي معادلة تحتاج دقة وذكاء كما صورها الخوارزمي، عالم الرياضيات عندما سأله شخص عن قيمة الإنسان فأجاب: إذا كان الإنسان ذا (أخلاق) فهو =1

وإذا كان الإنسان ذا (جمال) أيضاً فأضف إلى الواحد صفراً =10

وإذا كان ذا (مال) أيضاً فأضف صفراً آخر =100

وإذا كان ذا (حسب ونسب) فأضف صفراً آخر =1000

فإذا ذهب العدد واحد وهو (الأخلاق) ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار التي لا قيمة لها!

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @