انطلق أمس، مؤتمر الأطراف الـ 27 للأمم المتحدة حول المناخ (كوب27) في منتجع شرم الشيخ، في محاولة لإعطاء دفع جديد لمكافحة الاحترار المناخي وتداعياته التي تتتالى في عالم منقسم وقلق من أزمات أخرى متنوعة.
وتلتقي نحو 200 دولة في المؤتمر، بعد عام قاسٍ شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس جعلت الحاجة ماسة إلى إجراءات ملموسة، وسط توقعات بحضور عدد كبير من قادة العالم «القمة الرئاسية»، اليوم وغداً.
وكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي، في صفحته على موقع «فيسبوك»، أمس، «بكل فخر واعتزاز وتشرف بالمسؤولية، أتطلع لافتتاح فعالیات الدورة الـ 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقیة الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ في شرم الشيخ»، والذي سيستمر إلى 18 نوفمبر الجاري.
وأشار إلى أن «الدورة الحالیة من قمة المناخ تأتي في توقیت حساس للغایة، یتعرض فیها عالمنا لأخطار وجودیة وتحدیات غیر مسبوقة، تؤثر على بقاء كوكبنا ذاته وقدرتنا على المعیشة علیه، ولا شك أن هذه الأخطار وتلك التحدیات تستلزم تحركاً سريعاً من كل الدول لوضع خريطة طریق للإنقاذ، تحمي العالم من تأثیرات التغیرات المناخیة».
ولفت إلى أن «مصر تتطلع لخروج المؤتمر من مرحلة الوعود إلى مرحلة التنفيذ بإجراءات ملموسة على الأرض، تبني على ما سبق، لا سیما مخرجات قمة غلاسكو واتفاق باريس».
من جانبه، تسلّم وزير الخارجية سامح شكري، رسمياً، أمس، رئاسة الدورة الـ27 من رئيس «كوب 26» البريطاني ألوك شارما، الذي قال إنه يجب أن يكون «مؤتمر شرم الشيخ مؤتمر الأعمال الملموسة»، مؤكداً أن التعاون في مجال المناخ «بات من ضمن مصالحنا الذاتية».
وأعرب شكري عن ثقته في أن تجد مصر «كل الدعم والتأييد لنمضي معاً في تحقيق ما نصبو إليه»، مؤكداً «أن مصر لن تدخر جهداً في قيادة العمل المناخي ومتابعته».
وأشار إلى أن «النمط الذي سارت عليه البشرية منذ بدء الثورة الصناعية حتى يومنا هذا لم يعد قابلاً للاستدامة»، مضيفاً أن أزمات الكوارث الطبيعية التي شهدناها أخيراً «صوت نذير يتردد في أنحاء كوكبنا» لاتخاذ كل التدابير اللازمة.
وحذر من أن استمرار التغيرات المناخية من دون تغيير جذري «سيؤدي إلى عواقب وخيمة تتحملها الأجيال القادمة بأكثر مما يتحملها جيلنا»، لافتاً إلى أننا «مازلنا نواجه فجوات في توفير التمويل اللازم لتمكين الدول النامية لمواجهة تغير المناخ، وأن التزام الـ100 مليار دولار سنوياً لم يجد سبيلاً للتنفيذ».
بدوره، أكد رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هوسونغ لي، «ضرورة العمل الجماعي لمواجهة تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض».
وحذّر الأمين التنفيذي لتغير المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل من «التقاعس» عن الحد من الاحترار العالمي.
وقال خلال الجلسة الافتتاحية للقمة إنه لن يكون «وصياً على التقاعس» عن هدف خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 45 في المئة بحلول العام 2030 للحد من الاحتباس الحراري عند 1،5 درجة مئوية فوق مستويات أواخر القرن التاسع عشر.
وشدد ستيل «سنحاسب الناس سواء كانوا رؤساء أو رؤساء وزراء أو رؤساء تنفيذيين»، مشيراً إلى أن «جوهر التنفيذ هو أن يبذل الجميع ما في وسعه كل يوم لمعالجة أزمة المناخ».
وأكدت الرئاسة المصرية للقمة، «السعي إلى تهيئة الأجواء لحض جميع الأطراف على تعزيز الثقة المتبادلة، لتحقيق النتائج التي تتطلع إليها الشعوب في مواجهة أزمة تغير المناخ وتفادي كوارثها المدمرة، وتعزيز البعدين الإقليمي والمحلي للعمل المناخي من خلال مبادرتين غير مسبوقتين».
وأوضحت أن المبادرة الأولى وهي «مبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة»، التي تمت بالتنسيق مع الأمم المتحدة وأسفرت عن نحو 400 مشروع إقليمي على مستوى العالم، سيتم عرض 60 منها، خلال الفعاليات لبدء التنفيذ الفعلي لها.
والمبادرة الثانية تتعلق بـ «المشروعات الخضراء الذكية» التي أطلقتها مصر، وستعرض نتائجها خلال «نموذج لتوطين العمل التنموي والمُناخي».
من جانبه، قام رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، بافتتاح «منطقة المعارض والأجنحة الحكومية» في المنطقة الخضراء. ودشن «العدد الأول» من مجلة «آفاق المناخ».
وشهدت الفعاليات أول تظاهرة، نظمها عدد من النشطاء حملوا لافتات للترويج للنظام الغذائي «فيجين» الخالي من اللحوم.
أمنياً، راجع وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، الاستعدادات الأمنية المختلفة، لتأمين الفعاليات، من خلال جولة تفقدية.
كما وجه بضرورة الوجود الميداني الفعال لكل المستويات القيادية والإشرافية، والمتابعة المستمرة لتنفيذ الخطط الأمنية وتوفير كل الإمكانات والتجهيزات التي تكفل تنفيذ المهام والتكليفات بكفاءة، وانضباط الخدمات ويقظتها وإلمامها بمهامها وكفاءة وفعالية نطاقات التأمين لإحكام السيطرة الأمنية.
وعملت الحكومة على تزيين شرم الشيخ، باللون الأخضر استعداداً لاستقبال 40 ألف مشارك سجلوا لحضور الحدث، وفق البيانات الرسمية.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة حال «الاستنفار صحي» في مستشفيات شرم الشيخ والمدن القريبة، ونشر الفرق الطبية المتمركزة والمتحركة ووحدات الإسعاف البري والطائر.
وقالت النائبة دينا أحمد إسماعيل إن «مصر تعمل على إنقاذ العالم بصفة عامة والدول النامية والأفريقية بصفة خاصة من مخاطر ظاهرة تغير المناخ، خلال هذه القمة».
وأكدت النائبة هناء فاروق أن «مصر، وهي تجهز للقمة، جعلت قضية تغير المناخ أولوية لدى كثير من الحكومات والمؤسسات في العالم، ونبّهت إلى المخاطر والسلبيات».
وافق المندوبون المشاركون في مؤتمر المناخ، أمس، على مناقشة مسألة تمويل «الخسائر والأضرار» الناجمة عن تغير المناخ، وفق جدول الأعمال الذي تمّ تبنيه بالإجماع.
وقال وزير الخارجية المصري رئيس المؤتمر سامح شكري خلال الجلسة العامة الافتتاحية «هذا يوجد للمرة الأولى مساحة مستقرة من الناحية المؤسسية على جدول الأعمال الرسمي لمؤتمر تغير المناخ واتفاق باريس لمناقشة القضية الملحة المتمثلة في ترتيبات التمويل اللازمة لمعالجة الثغرات الحالية في ما يتعلق بالخسائر والأضرار».
وأضاف أن مناقشات الخسائر والأضرار المدرجة الآن على جدول الأعمال «لن تتضمن المسؤولية أو التعويض الملزم ولكنها تهدف إلى أن تؤدي إلى قرار حاسم في موعد لا يتجاوز 2024».
وأكد أن «إدراج هذه (المناقشات) على جدول الأعمال يعكس شعوراً بالتضامن مع ضحايا الكوارث الناجمة عن تغير المناخ».
يأتي ذلك على خلفية نكث الدول الغنية بوعودها برفع مساعداتها إلى مئة مليار دولار سنوياً اعتباراً من 2020 للدول الفقيرة من أجل خفض الانبعاثات والاستعداد لتداعيات التغير المناخي.
الأعوام الأكثر حراً
شرم الشيخ - أ ف ب - أفاد تقرير للأمم المتحدة، تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، أن كلا من الأعوام الثمانية الأخيرة، في حال ثبتت التوقعات في شأن 2022، ستكون أكثر حراً من أي عام سابق لعام 2015.
وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تزامنا مع افتتاح مؤتمر «كوب 27»، أمس، إلى تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الأنهر الجليدية والأمطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب بها.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في تعليق على التقرير من شرم الشيخ، «مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب27 يواجه كوكبنا نداء استغاثة»، واصفاً التقرير بأنه «سرد لفوضى مناخية».
مصر تعيش أجواء «الاقتصاد الأخضر»
| القاهرة ـ من نعمات مجدي وفريدة محمد |
في خطوات استبقت قمة «كوب 27»، التي انطلقت فعالياتها في منتجع شرم الشيخ أمس، وتزامناً معها، تعيش مصر أجواء «الاقتصاد الأخضر»، من خلال مشروعات أعلنت وتنفذ أو اقترب تنفيذها، أو «سيعلن عنها» أثناء فعاليات القمة، تنفيذاً لـ «استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035».
وقالت مصادر حكومية، إن مصر «تعمل على تعزيز جهود مواجهة تداعيات تغير المناخ، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز دور الاقتصاد الأخضر (صديق البيئة)، وان تكون مصادر الطاقة جديدة ومتجددة، خصوصاً الناجمة عن الشمس، الرياح والهيدروجين الاخضر، جنباً الى جنب مع انطلاق محطة الضبعة النووية في منطقة الساحل الشمالي الغربي.
وأضافت المصادر لـ «الراي»، ان «الحكومة تعمل حالياً على تنفيذ استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035 تباعاً، بداية من زيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في الطاقة الكهربائية المتاحة بنسبة كبيرة، وصولاً الى توفير الكثير من فرص العمل غير التقليدية».
وأوضحت ان «البداية الحقيقية، كانت من خلال توقيع 16 مذكرة تفاهم لمشروعات في المنطقة الصناعية في العين السخنة، ومنطقة شرق بورسعيد، تركز على إقامة مجمعات صناعية لإنتاج الوقود الأخضر واستخدامه في أغراض تموين السفن أو التصدير للأسواق الخارجية، باستثمارات متوقعة بأكثر من 20 مليار دولار».
وكشفت أن العوائد المستهدفة من هذه الاستراتيجية، أن تؤدي المشروعات الي زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بين 10 و18 مليار دولار، بحلول العام 2025، وخفض الواردات من المواد البترولية، وقلة الاعتماد على الوقود النمطي، ما يقلل من الانبعاثات الحرارية، خصوصاً من الكربون، ما يؤدي الى خفض كلفة التلوث، وباستثمارات متعددة الجنسية (نرويجية - هندية - استرالية - بريطانية).
في السياق، قال رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وليد جمال الدين: «لدينا خطة من أجل توطين صناعة الوقود الأخضر والتي تقوم على 3 محاور رئيسية، هي تصنيع الوقود الأخضر من هيدروجين أخضر، أمونيا خضراء وإيميثانول، إضافة إلى الصناعات المكملة لتصنيع الوقود الأخضر من محللات كهربائية، ألواح شمسية، توربينات رياح وتموين السفن بالوقود الأخضر، وسنعلن في أعمال مؤتمر المناخ عن بدء أول الانتاج الفعلي من الوقود الأخضر».