بعد أزمة استمرت عاماً وشهدت انسداداً كاملاً في العملية السياسية، انتخب النواب العراقيون، مساء أمس، عبد اللطيف رشيد رئيساً للعراق، ليكلف على الفور الوزير السابق محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة، في خطوتين من شأنهما فتح الباب أمام الخروج من الدوامة والأزمة السياسية الحادة.
وبعد جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد بأصوات 162 نائباً، مقابل 99 صوتاً لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، فيما اعتبرت 8 أوراق لاغية، كما أعلن مسؤول في الدائرة الإعلامية بالبرلمان في ختام فرز الأصوات.
وبعد أدائه اليمين الدستورية، كلّف الرئيس الجديد الوزير السابق والنائب لدورتين محمد شياع السوداني، تشكيل حكومة جديدة في العراق، بناء على اختيار الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان، وهي كتلة «الإطار التنسيقي»، التي تملك 138 نائباً وفق المسؤول في «الإطار» أحمد الأسدي، بعد استقالة نواب «التيار الصدري» وعددهم 73 من البرلمان.
وأعرب السوداني، من البرلمان، عن أمله بتشكيل حكومة «بأقرب وقت»، فيما هنّأه رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، داعياً «كل القوى السياسية إلى التعاون والتكامل» و«متمنياً له التوفيق في مهمّة تشكيل الحكومة من أجل تحقيق تطلعات شعبنا الكريم».
ويعدّ رشيد، الوزير السابق والمهندس الهيدروليكي، مرشح تسوية في بلد منقسم، خرج اسمه إلى الواجهة من جديد في اللحظة الأخيرة، وفي وقت تريد فيه القوى الموالية لإيران والتي تملك الأغلبية في البرلمان تسريع العملية السياسية وتشكيل حكومة.
وإثر جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد الوزير السابق للموارد المائية والذي ينتمي للحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الرئيسيين الممثلين للأقلية الكردية، بأصوات 162 نائباً، مقابل 99 صوتاً لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح.
أما السوداني فكان قائمقاماً في ميسان التي يتحدّر منها ثمّ محافظاً لها، وتولّى وزارات عدة منذ العام 2010، من ضمنها في ظلّ حكومة زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، الذي كان السوداني ينتمي إليه كذلك، كوزارة حقوق الإنسان ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصناعة بالوكالة.
وبالنسبة للتيار الصدري، «يبدو السوداني وكأنه من معسكر المالكي»، الخصم التاريخي لزعيم التيار مقتدى الصدر، «وهذه مشكلة نظراً لعدم ثقتهم بالمالكي ومحيطه»، كما يشرح سجاد جياد من معهد «سنتشوري إنترناشونال».
أما بالنسبة لناشطي انتفاضة تشرين، «فهو ليس معروفاً بكونه مصلحا، وليس لديه تاريخ بذلك...لا يملك تاريخاً سيئاً ولا توجد حوله شبهات فساد لكن... واقع أنه منبثق من النخبة السياسية» التقليدية، «لا يعطي ثقةً بأنه سيكون مختلفاً عنهم».
في المقابل، يرى نائب أمين عام تيار الفراتين الذي يرأسه السوداني منذ تأسيسه في العام 2021، بشار الساعدي، أن رصيد السوداني في العمل السياسي أمر إيجابي، فهو «يجيد العمل الوزاري ويعرف كيف تدار الأمور وزارياً وكيف تدار القضايا من الجانب السياسي والجانب الإداري» ويصفه بـ«رجل الدولة».
ومن ضمن نقاط قوته أنه لم يغادر العراق، وهو «يمثّل مثل الكاظمي الجيل الجديد من السياسيين الذين جاؤوا بعد العام 2003»، وفق المحلل السياسي حمزة حداد.
ومنذ الانتخابات التشريعية التي جرت قبل أكثر من عام، في 10 أكتوبر 2021، لم تتمكن الأطراف السياسية النافذة من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس جديد للحكومة، رغم مفاوضات كثيرة في ما بينها.
وفي انعكاس لحالة التوتر، تعرضت المنطقة الخضراء، التي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، فضلاً عن أحياء مجاورة، لقصف بتسعة صواريخ كاتيوشا، قبيل الجلسة صباح الخميس.وأصيب عشرة أشخاص بجروح في هذه الضربات التي لم تتبنها أي جهة، وفق مصدر أمني، من بينهم ستة من عناصر الأمن، و4 مدنيين أصيبوا بصاروخ سقط بحيّ مجاور للمنطقة الخضراء. (بغداد - أ ف ب)
محمد شياع السوداني... حليف المالكي
• ولد محمد شياع السوداني (52 عاماً) في بغداد عام 1970 متزوج ولديه 4 أبناء، وحاصل على درجات علمية عدة منها البكالوريوس من كلية الزراعة في جامعة بغداد عام 1992 والماجستير في إدارة المشاريع عام 1997.
• بدأ مسيرته بانضمامه إلى حزب «الدعوة - تنظيم الداخل»، ويوصف بأنه قريب من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
• شغل العديد من المناصب الحكومية المهمة بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.
• انتُخب لعضوية مجلس محافظة ميسان (جنوب) عن قائمة حزب الدعوة الإسلامية عام 2005 و2009، حتى تولى منصب المحافظ في أبريل من العام نفسه.
• حصل على عضوية مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، لثلاث فترات متتالية، ليصبح بعدها وزيراً لحقوق الإنسان في حكومة المالكي الثانية عام 2010.
• كُلِّف بمهام رئيس الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة من منتصف 2011 حتى أكتوبر 2012.
• كُلّف بمهام وزير الزراعة في حكومة المالكي الثانية، ثم وزيراً للهجرة والمهجرين في 2013 و2014، ثم تولى إدارة مؤسسة السجناء السياسيين.
• شارك في الانتخابات التشريعية العام 2014 للمرة الأولى ممثلاً لبغداد ضمن «ائتلاف دولة القانون» عن حزب «الدعوة»، وفاز بمقعد نيابي.
• تولى منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الثامن من سبتمبر 2014 في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، واستمر في منصبه 4 سنوات حتى انتهاء ولاية حكومة العبادي.
• انتدبه العبادي وزيراً للمالية بين عامي 2014 و2015 لمدة محدودة، ثم تولى منصب رئيس هيئة رعاية الطفولة في البلاد، ثم عُيّن وزيراً للتجارة للفترة الممتدة بين أكتوبر 2015 حتى 28 أبريل 2016.
• كُلّف بمهام وزير الصناعة في 14 أغسطس 2016 بضعة أشهر.
• انتقل إلى منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في العام 2018، كما تولى لفترة محدودة مهام منصب وزير الهجرة والمهجرين.
• أسس السوداني «تيار الفراتين» بعد إعلان استقالته من حزب «الدعوة»، ولدى التيار ثلاثة مقاعد من أصل 329 في مجلس النواب الحالي.
عبداللطيف رشيد... عديل طالباني
• من مواليد العام 1944 في السليمانية التابعة لإقليم كردستان العراق.
• أنهى المرحلة الثانوية في شمال ويلز بالمملكة المتحدة، وحصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة ليفربول عام 1968، وحصل على ماجستير عام 1972 ودكتوراه في العام 1976 في الهندسة من جامعة مانشستر.
• كان أحد الأعضاء الفاعلين في حزب «الاتحاد الوطني»، وتولى مسؤولية الناطق باسم الحزب في المملكة المتحدة، وكان من معارضي نظام صدام حسين.
• في العام 1992، تم انتخابه نائباً للرئيس وعضواً تنفيذياً في المؤتمر الوطني العراقي المعارض، وفي العام 1998 تم انتخابه لمجلس قيادة المؤتمر.
• هو عديل الرئيس الراحل جلال طالباني، وبالتالي زوج خالة رئيس حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني بافل طالباني.
• تولى إدارة مشروع أول لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (UNFAO) في اليمن والسعودية.
• شغل منصب وزير الموارد المائية منذ العام 2003 حتى العام 2010، وكان مسؤولاً عن مجموعة من القضايا، بما في ذلك الري، وإمدادات المياه البلدية والصناعية، والطاقة المائية، والسيطرة على الفيضانات والمتطلبات البيئية.
• مهندس معتمد وزميل معهد الهندسة المدنية واللجنة الدولية للري والصرف «ICID»
• عمل كمستشار مستقل لمشاريع الري والصرف، بالإضافة إلى العمل مع إدارة هندسة المياه.
• تولى منصب المستشار الأقدم لرئيس جمهورية العراق منذ ديسمبر 2010.
• خلال الدورة البرلمانية الأخيرة، قدّم نفسه كمرشح مستقل لرئاسة الجمهورية، بالرغم من انتمائه السابق لـ«الاتحاد الوطني».
• لديه العديد من المواقف الوحدوية، التي تعكس شخصيته ورؤيته القادرة على إيجاد جو من الحوار الوطني في العراق خلال هذه المرحلة الحساسة، ومنها بيانه في يوليو الماضي، عندما وجه نداءً ودعوةً للقوى السياسية لإجراء حوار سياسي يتم خلاله الاتفاق على مجموعة مبادئ حاكمة للعمل السياسي تحفظ للعراق استقراره وللمواطنين مصالحهم المعيشية وأمانهم.