حرّكت زيارة تركية «خاطفة»، المشهد في ليبيا، بشقيه الداخلي والخارجي، حيث أعلنت أنقرة توقيع مذكرة تفاهم مع «حكومة الوحدة الوطنية»، بينما سادت جملة من المواقف الرافضة لهذه الخطوة، لاعتبارات تتعلّق بجدلية عدم شرعية حكومة عبدالحميد الدبيبة.
واعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، الإثنين، توقيع مذكرة تفاهم «في مجال الموارد الهيدروكربونية» (النفط والغاز الطبيعي)، قائلاً إنه «لا يحق لدول أخرى التدخل في الاتفاقية الموقعة بين بلدين ذوي سيادة».
وقالت المنقوش إن «مذكرة التفاهم تصب في مصلحة ليبيا وتركيا وتساهم في حل الأزمة العالمية بخصوص الطاقة والغاز»، مشيرةً إلى أن الاتفاقية البحرية والموقعة في عهد حكومة الوفاق الوطني «تحتاج إلى تسجيل لدى الأمم المتحدة، وأنها ستجد مجالاً للتنفيذ حال تفعيلها».
من جانبه، رفض وزير الاقتصاد محمد الحويج، الاتهامات الموجهة لحكومة الدبيبة في شأن «التنازل عن الأرض والبحر»، لافتاً إلى أن المذكرة «لا تضر الليبيين، كما أنها ليست اتفاقية وإنما مذكرة تفاهم تهدف للاستثمار واستغلال الظرف الدولي والحاجة الملحة للطاقة بعد النزاع الروسي - الأوكراني».
وكشف أن ما تم توقيعه «هو مذكرة تفاهم عادية توضح كيف تستثمر الشركات التركية أسوة بالشركات الأميركية والمصرية والأوروبية»، مشيراً إلى أن هذه المذكرة «يمكن أن تلغى خلال 3 أشهر».
في المقابل، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أن «أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يتم إبرامها من رئيس حكومة الوحدة الوطنية مرفوضة وغير قانونية نظراً لانتهاء ولايتها قانوناً»، فيما قال رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس النواب عيسى العريبي، إن الاتفاقيات الموقعة «غير قانونية».
وأعلنت حكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب، عن حقها في «اللجوء إلى القضاء» للنظر في الاتفاقيات، مجددة رفضها لاستمرار «حكومة الوحدة الوطنية» في السلطة، ووصفت ذلك بانه «اغتصاب للسلطة».
ورأى 73 عضواً بالمجلس الأعلى للدولة في بيان، أن «توقيع مثل هذه المذكرات الغامضة البنود والأهداف في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي المنقسم يمثل محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع».
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس، في اتصال هاتفي مساء الإثنين، أن حكومة طرابلس، «لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم».
كما عبّر الاتحاد الأوروبي عن رفضه لمذكرات التفاهم، على أساس موقفه من المذكرات السابقة التي وقعت في العام 2019.
وأعلن في بيان، أن «مذكرة التفاهم التركية - الليبية، لعام 2019، تنتهك حقوق السيادة للدول الثالثة، وتخالف قانون البحار ولا يمكن أن يكون لها أي عواقب قانونية على الدول الأخرى».
وتابع: «نظراً لأن الاتفاقية الجديدة لم يتم الإعلان عنها بعد، فإن محتواها يحتاج إلى مزيد من التوضيح. يجب تجنب الأعمال التي قد تضر بالاستقرار الإقليمي».
ورد الناطق باسم وزارة الخارجية التركية طانجو بيلغيتش، مؤكداً عدم أهمية الانتقادات اليونان والأوروبية.
وقال في بيان، إن «الاعتراض على هذا الاتفاق المبرم بين دولتين تتمتعان بالسيادة، يتعارض مع القانون الدولي والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة».
يذكر أن توقيع الإثنين، جاء بعد مرور 3 أعوام، على إبرام اتفاق مثير للجدل بين حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تضمّن ترسيماً للحدود البحرية وتعاوناً أمنياً، أتاح لأنقرة التدخل عسكرياً في ليبيا عبر إرسال قوات تابعة ومرتزقة أجانب.