في ظل تنامي حالات التصوير من دون استئذان، حذّرت أصوات قانونية من مغبة انتهاك خصوصية الآخرين، لا سيما أن عقوبة هذا الفعل قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات أو الغرامة 3 آلاف دينار، وربما بكلتا العقوبتين في بعض الحالات.
يأتي ذلك فيما أعادت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية التذكير بأن «القانون يعاقب كل من يقوم متعمداً بالإساءة والتشهير بالغير عبر تصويره من دون علمه ورضاه، ومن ثم نشر ذلك التصوير عن طريق استعمال أجهزة ووسائل الاتصال المختلفة، ولا عبرة بالباعث طالما تضمن مساساً واعتداء على خصوصية الآخرين».
محمد ذعار: التقدير للقاضي في مسألة التشهير من عدمها
أكد المحامي محمد ذعار العتيبي أنه «في الفترة الأخيرة كثرت وانتشرت حالات التصوير لكثير من الأحداث، سواء كان حدثاً أمنياً أو إنسانياً أو أي حادثة، ويأتي هذا الأمر نتيجة توسع وسائل التواصل وسهولة استعمالها بين أفراد المجتمع، والتي قد تكون بعض الأحيان إيجابية ويكون هذا التصوير كاشفاً لحدث أو معلومة تفيد وتدل على أمر قد يخدم موضوعاً ما، مثل تصوير سرقة أو اعتداء، فهذا يأتي من جانب أمني إيجابي».
واستدرك العتيبي بالقول: «أما من يقوم بتصوير الأشخاص من دون موافقتهم بهدف حماية نفسه أو الدفاع عن شيء ولم يجد أمامه وسيلة سوى التصوير ليقدمه، فإن الأمر في هذه الحالة يكون متروكاً للقاضي ليقدّر مسألة التشهير من عدمها والتأكد من الركن المعنوي المتمثل في قصد الإساءة والتشهير من عدمه».
وفي ما يخص العقوبات، قال العتيبي«جاء في البند (ج) من المادة 70 بالقانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات أنه: كل من تعمد الإساءة والتشهير بالغير عن طريق استعمال جهاز أو وسيلة من وسائل الاتصال أو غيرها في التقاط صورة أو أكثر أو مقطع فيديو له، دون علمه أو رضاه، أو استغل إمكانات هذه الأجهزة واستخرج صوراً منها دون إذنه أو قام باصطناع صورة مخلة بالآداب العامة لأشخاص آخرين، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار ولا تقل عن خمسمئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».
فيصل الحيدر: الأحوط تجنب التصوير للابتعاد عن الشبهة الجنائية
رأى الدكتور فيصل أحمد الحيدر أن «تصوير الأشخاص إذا لم يقترن بالقصد الجنائي (الخاص والعام)، أي قصد الإساءة لهم والتشهير بهم، لا يعتبر جريمة حتى لو كان ذلك من دون إذنهم، أو من دون رضاهم، أو من دون علمهم، ويكون تشخيص توافر القصد الجنائي (الخاص والعام) بيد النيابة والمحقق والمحكمة الجنائية، من خلال النظر في ظروف، وملابسات الدعوى، والتحقيق والاستجواب الجنائي مع الجاني أو الجانية».
وأضاف: «الأحوط في نظري، تجنب تصوير الناس بأداة التصوير العادية، أو التصوير من خلال الهاتف النقال، أو البث من خلال قنوات التواصل الاجتماعي المتنوعة، لتجنب الشبهة الجنائية، وتجنب التحقيق من خلال النيابة العامة أو الجهات المعنية بالتحقيق، ومن ثم إحالة ملف القضية للمحكمة الجنائية».
وتابع: «يكاد قانون الجزاء الكويتي رقم 16لسنة 1960 وتعديلاته المتعددة، يخلو من نصوص تنظم عمليات التصوير الفوتوغرافي، وتصوير الفيديو إلا بعض النصوص الخاصة. وينفرد القانون رقم 9/2001 في تحديد عقوبة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية، وأجهزة التنصت»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «من الواضح أن قانون الجزاء الكويتي سالف الذكر، كان يعاني من قصور أيضاً في ما يتعلق بالتصوير، فجاء تعديله بإضافة المادة الأولى مكرر بموجب القانون رقم 40/2007 الصادر في 1 /7/ 2007 مكملاً لذلك القصور».
وأضاف: «المادة الأولى من القانون قبل تعديله كانت بالكاد تنطبق على عمليات التصوير بهدف الابتزاز والتشهير، فهي تعاقب (كل من أساء عمدا استعمال وسائل المواصلات الهاتفية)، وبالتالي فلو وقعت عملية التصوير بجهاز الكاميرا، أو أي جهاز آخر لا يستعمل أيضاً في الاتصال الهاتفي لما أمكن الاستناد إلى هذا النص لتجريم الفعل، ثم إنها تشدد العقوبة إذا اشتمل سوء استعمال الهاتف على ألفاظ بذيئة أو مخلة بالحياء أو تحريض على الفسق والفجور أو على تهديد يمس النفس أو المال أو الشرف أو العِرض».
واعتبر أن «الألفاظ البذيئة والتحريض على الفسق والفجور يصعب أن يكونا مستندين لتجريم التصوير في حد ذاته، ويبقى أن يكون التكييف القانوني بأن الصور قد تستعمل أحياناً لتهديد الشرف والعرض وهو تكييف قانوني مشدد (وظرف مشدد)، لذلك جاء نص المادة (1– مكرر) وسد هذا النقص، ويعتبر هذا النص حجر الزاوية في التنظيم الجنائي للتصوير في ضوء قانون الجزاء الكويتي. ويلاحظ أيضاً من هذا النص تصنيف الجرائم المتعلقة بالتصوير إلى جنح (أي عقوبة السجن لا تزيد عن ثلاث سنوات، أو بغرامة مالية يحددها القاضي الجنائي في الجنح)، وجناية».
العقوبات المذكورة في القانون
عدّد الحيدر العقوبات المذكورة لمن يقوم بالتصوير من دون إذن، كالتالي:
• جنحة، يعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز السنتين وبغرامة لا تجاوز 2000 دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ومصادرة الأجهزة أو غيرها مما استخدم في ارتكاب الجريمة.
• تصل العقوبة إلى الجناية، وذلك بإرسال الصورة إلى أشخاص آخرين أو تداولها بأي وسيلة كانت أو نشرها على شبكة الانترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي، أو أي وسيلة أخرى.
• الجناية، يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، والغرامة التي لا تجاوز خمسة آلاف دينار، ومصادرة الأجهزة، أو غيرها مما استخدم في ارتكاب تلك الجريمة. وذلك إذا اقترنت الأفعال المشار إليها بأي من الأفعال المؤثمة التالية:
1 - التهديد والابتزاز
2 - الإخلال بالحياء
3 - المساس بالأعراض
4 - التحريض على الفسق والفجور
دويم المويزري: لا بد من أخذ الإذن من الشخص المُراد تصويره
أكد المحامي الدكتور دويم المويزري أن «القانون حذر من تصوير أي شخص من دون علمه، لأن في هذا الإجراء مخالفة للقانون تعرض الشخص للمساءلة القانونية، وقد تصدر عليه بعض العقوبات الجزائية كالغرامة بسبب هذا الإجراء المخالف للقانون وإساءة استخدام وسيلة من وسائل الاتصال، فلابد من أخذ الإذن من الشخص المراد تصويره وهذا هو الصحيح حماية من مخالفة القانون».
نيفين معرفي: جنحة قد تتحوّل إلى جناية
- كل حالة تقديرية على حدة... إذ قد يكون الفعل عادياً لكنه أثّر في من تم تصويره
- لا عقوبة إذا كان التصوير بقصد إثبات جريمة مشهودة ولا دليل آخر
- الحكم 10 سنوات سجنا على إحدى الحالات
قالت المحامية نيفين معرفي لـ«الراي»، أن «ثمة حالات كثيرة لأناس يصورون الآخرين في أماكن عامة من دون استئذان، وربما يقوم البعض بتصوير الأقارب كذلك من دون إذن ويقومون بنشر هذه الصور».
وعن التكييف القانوني للتصوير من دون إذن، أوضحت معرفي أنه «يمكن تكييفها على أنها جنحة، وقد تكون جناية حال ما اقترن التصوير بالتشهير والتعليق بشكل فاضح مخالف للآداب العامة فقد تصل العقوبة لأكثر من ثلاث سنوات»، لافتة إلى انه «قد يكون التصوير عادياً لكن التصوير أثّر في شخص مَن تم تصويره وانتقص من كرامته، وهنا تكون كل حالة تصوير تقديرية على حدة، لكن بحسب الحالات السابقة لمن قام بتصوير الآخرين خلسة أو التسجيل لهم سواء في المطاعم أو الأماكن العامة وتم على إثر ذلك التقدم من المتضرر بشكوى ضد من قام بتصويره، فقد تراوحت العقوبة بين العامين وثلاثة أعوام حسب التكييف القانوني، لكنه في جميع الأحوال فعل مجرم قانوناً ويتضمن كذلك دفع غرامة لا تتجاوز 3 آلاف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين».
وأضافت: «البيوت حرمات، ولا يجب تصوير أي شيء إلا بإذن لأن هناك أموراً تؤثر على المجتمع والناس بشكل عام، أما إذا كان التصوير بقصد إثبات جريمة مشهودة وقعت وليس ثمة دليل سوى التصوير، فلا يوجد عقاب في هذه الحالة».
وكشفت أن «إحدى الحالات تم الحكم فيها على من قامت بالتصوير لمدة 10 سنوات سجن مع غرامة 10 آلاف دينار، لقيامها بتصوير فعل مخل بالآداب لسيدة أخرى، ونشرت هذا التصوير، فتمت معاقبتها بسبب هذه الجناية والتشهير بالأشخاص واختراق خصوصيتهم».