الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة ما يطفئ الإشاعة ويخمد نيرانها.
هذه هي رسالتي إلى الأخ حمد روح الدين وزير الإعلام الذي ما فتئ يغلق الخدمات الإخبارية المخالفة للقانون ويحيل الخدمات الإخبارية والوسائل الإعلامية التي ترى الوزارة أنها ارتكبت مخالفات.
هذه الإغلاقات صارت بالعشرات، وتلك الإحالات أيضاً صارت بالعشرات، ورغم أن هذه الإجراءات قد تكون مستحقة (لا أملك الجزم بذلك من موقعي)، إلا أن الملاحظ أن الإشاعة مستمرة في الصدور والانتشار، والأخبار الخاطئة كذلك تتواصل ولم يتوقف صدورها.
وإذا كان وزير الإعلام (وهو ابن القانون) أقدر مني على تحديد المخالفات القانونية لتلك الجهات الإعلامية، فأنا (وأنا ابن الإعلام منذ أكثر من ثلاثين عاماً) قادر على أن أقول لك إن «الحقيقة» وحدها ولا شيء غيرها هي القادرة على أن تخمد الإشاعات وتطفئ نيرانها.
«الحقيقة» اليوم يا معالي الوزير غائبة تماماً... إنها مفقودة، وفقدانها عنصر مهم من عناصر الفشل الحكومي في التعامل مع الأوضاع العامة.
نحن جميعاً نعرف أن تبادل الأخبار المكذوبة والحقيقية سهل جداً بوجود مختلف وسائل الإعلام والمئات من المنصات الإلكترونية والمواقع الإخبارية وغيرها من منصات ليست مرخصة ولا يمكن رصدها ولا محاسبتها، وهي تصل إلى هواتف الناس في الكويت وخارجها كل يوم وكل ساعة وكل لحظة.
وفي المقابل، نلحظ الغياب الحكومي التام عن «الحقيقة»، اللهم إلا للنفي المتأخر بعدما تكون الإشاعة «شربت مروقها»، أو للتهديد والوعيد والإحالات إلى النيابة.
وهي وسائل وإن كانت مؤثرة نوعاً ما، إلا أنها تكون متأخرة جداً ولاحقة لانتشار الإشاعة ولوقوع الضرر، وليست مواجهة له ولا منهية لوجوده.
وسائل الإعلام اليوم موجودة في «الواتس أب» وموجودة في أحاديث الناس واتصالاتهم وسوالفهم وملتقياتهم، وليست فقط في وسائل الإعلام المرخصة التي يمكن لوزارة الإعلام معاقبتها.
وبالتالي، ليس أمامكم كحكومة إلا وسيلة واحدة فقط لتحققوا الهدف قبل العقاب وتمنعوا الأكاذيب، وهي أن تتواصلوا أنتم كحكومة مع الإعلام ومع الناس وتعلنوا الحقيقة أولاً بأول فور رصد أجهزتكم المختلفة لولادة الإشاعة والأكذوبة وهي مازالت في مهدها، وليس بعد أن تنمو وتكبر وتتعملق، فتجد الناس يصدقونها ويرفضون الإيضاحات المتأخرة.
صدقني يا «بوأحمد» العزيز، «راح تدوخون» ولن تجدي كل إجراءاتكم نفعاً مادام الإعلام الحكومي ووسائل التواصل الحكومية مجرد رد فعل وليست فعلاً بحد ذاتها. وبالتالي، ما لكم إلا الحقيقة، وغير ذلك من إجراءات ستكون أقرب إلى تهويش لن يكون مؤثراً حقيقياً على الناس.
أعانكم الله يا أبا أحمد وسدد خطاكم.