قضية الشباب من غير محددي الجنسية تستحق المناقشة لا سيما في مجال التوظيف، من أجل الوصول إلى حل يكون في مصلحة الجميع.
وكتمهيد للموضوع لابد منْ ذِكر ملاحظتين: أولاً: أن كل حكومة في هذا العالم مسؤولة عن حل مشاكل رعاياها، فليس من العدل أن نحل مشاكل البطالة للدول الأخرى مهما كان الضغط السياسي الخارجي كبيراً علينا؛ ونترك نفس المشكلة عندنا لتهدد أمن ومستقبل بلادنا.
ثانيا: على الشباب من الكويتيين ومن غير محددي الجنسية أن يعلموا أن العمل مسؤولية والتزام؛ وأن وجود بعض الشباب المستهتر بالعمل لا يجب أن يكون قدوة لغيره لاسيما من غير محددي الجنسية.
اليوم يتم تعيين الشباب من غير محددي الجنسية في الحكومة بمكافأة بسيطة، لكن المفاجأة أن البعض من هؤلاء لم ينجح في إعطاء المثل الجيد في العمل، بعضُ هؤلاء يبرر ذلك بأن المعاش ضعيف وقد نسي أن الالتزام بالعمل طبيعة تربوية وأن من يرضى بالمعاش عليه أن يتقيد بالعمل.
النتيجة أن هناك توجهاً للتقليل من توظيف هؤلاء واختيار المجتهدين الأكفّاء منهم فقط للبقاء، هذا بالطبع ليس حلاً، انما هو ترحيل للمشكلة حتى تنفجر في زمن آخر.
الحل، بتصوّري، يعتمد على تبنّي الأسلوب العلمي في حل هذه القضية.
من أجل ذلك علينا القيام بتحليل الوضع الراهن، نَرصدُ أعداد الشباب الراغبين في العمل من غير محددي الجنسية حالياً، وأيضاً من الذين سيدخلون سوق العمل في المستقبل، نرسم صورة واضحة لهم، مستواهم التعليمي والتدريبي، تخصصاتهم، أعمارهم وجنسهم بعدها نُطابق حاجيات الحكومة ومتطلباتها بما لا يتعارض مع أولويات المواطنة.
بعد تحليل الوضع يتم تبني استراتيجية الحل التي تقوم على التعليم المستمر والتدريب، ولدينا ولله الحمد في الكويت من الخبراء من هم قادرون على صياغة الخطة التنفيذية التي إن وُجدت مقابلها الرغبة الحكومية ستنتهي بِنا لا شك لحل هذه القضية مستقبلاً.
الحكومة الناجحة هي التي تتبنى إعلام التوعية بقيم العمل وتتبنى سياسة التدريب بما يتماشى مع خطط التوظيف، الشاب الواعي والمدرب سيكون إضافة للعمل، اليوم كثير من الشباب الكويتي ومن غير محددي الجنسية يفتقدون لقيم العمل والتدريب، والدليل أن سوق العمل الخاص، الذي لا يعرف المجاملات، هذا السوق غير متحمس لتوظيف هؤلاء وأولئك.
أيها السادة إن أمن الكويت يعتمد على الأمن الوقائي، ومنه توفير الحياة الكريمة للشباب من غير محددي الجنسية وتعليمهم قيم العمل التي نحن بأمس الحاجة إليها.
دراسات عدّة كشفت قلّة إنتاجية الموظف والعامل في الكويت، وبينّت الأسباب التي أدت لذلك وأهمها عدم احترام القيم الوظيفية؛ ونقص التوعية الاجتماعية لتقبل جميع أنواع المهن باحترام؛ وتأخير تطوير قوانين العمل لضمان الحيادية على قاعدة الثواب والعقاب.
إن ترك شباب من غير محددي الجنسية من دون مراكز تدريب وتأهيل من أجل توفير فرص عمل لهم هو خسارة وفقدان لطاقة شبابية نحن بحاجة لها، هذه الطاقة التي على أصحاب القرار أن يستفيدوا منها بدل أن تضيع سدى أو تُستغل فيما هو ضار لهم ولنا.