باريس - أ ف ب - رأت وزيرة التغير المناخي والبيئة في الإمارات مريم المهيري، أن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يجب أن يحصل بطريقة «عادلة» وضمن فترة زمنية مدروسة.
أتى كلام المهيري الاثنين في فرنسا، حيث تتسبب موجة قيظ بتسجيل مستويات حرارة قياسية، فيما تلتهم حرائق مستعرة مساحات من الغابات. ويلقي الخبراء باللوم على التغير المناخي ويتوقعون المزيد من موجات الحر القاسية.
وقالت الوزيرة في مقابلة مع «فرانس برس» على هامش زيارة لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى باريس تمحورت على الطاقة «الأمر لا يتم بضغطة زر.
لسنا جاهزين بعد، وسيظل النفط والغاز جزءاً من قطاع الطاقة لبعض الوقت».
وأضافت «نحتاج... إلى عملية انتقال عادلة لأن كل الدول ليست على المستوى ذاته»، مشيرة إلى أن الإمارات تستخدم «ثروة النفط والغاز لتكثيف مصادر الطاقة المتجددة».
وتابعت المهيري «نحن بحاجة إلى أن نستخدم» إيرادات النفط والغاز لتمويل عملية الانتقال، إذ إن «الطاقة النظيفة والمتجددة مكلفة».
ثمة توافق دولي على أن التغير المناخي يشكل تهديداً وجودياً. لكن العمل على خفض التلوث الكربوني مازال في مرحلة متأخرة، بينما أصبح الحفاظ على الزخم الدولي أكثر صعوبة مع غزو روسيا لأوكرانيا وتصاعد أزمات الغذاء والطاقة والاقتصاد.
فقد تسببت العقوبات الغربية التي تهدف إلى شل أكبر منتج للطاقة، في رفع تكاليف الوقود بشكل حاد في أوروبا والولايات المتحدة، مع ازدياد التضخم بشكل عام نتيجة لذلك.
وقد دفع هذا الوضع، الولايات المتحدة وأوروبا لمحاولة إقناع الدول الغنية بالنفط وبينها الإمارات بزيادة الإمدادات لخفض الأسعار.
وقالت المهيري «انظروا إلى ما نمر به الآن. منذ شهور، كان الناس يشيرون بأصابعهم إلينا: لماذا مازلتم تنتجون؟ الآن يأتون ليقولوا: نرجوكم انتجوا، نرجوكم انتجوا».
من النفط إلى النووي
كان النمو السريع للإمارات منذ السبعينيات مدفوعاً بثروتها في مجال الطاقة.
لكن بعدما نوعت اقتصادها على مدى عقود، أصبحت الدولة التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، 90 في المئة منهم أجانب، تعتمد الآن بشكل أقل على الخام حيث تسهم إيراداته حالياً في 30 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي.
وفي الوقت نفسه، ترى أبوظبي أنه من المتوقع أن تضطر صناعة النفط والغاز إلى استثمار أكثر من 600 مليار دولار سنوياً حتى عام 2030 لمجرد مواكبة الطلب المتوقع.
وتشرح المهيري «نحن دولة لديها النفط والغاز كمورد طبيعي. ليس لدينا ماء (...) وما دام العالم بحاجة للنفط والغاز، فسنوفرهما».
كما بدأت الإمارات تنفق المليارات لتطوير طاقة متجددة كافية لتغطية نصف احتياجاتها بحلول عام 2050.
وتقوم حالياً ببناء اثنتين من كبرى محطات الطاقة الشمسية في العالم في أبوظبي ودبي.
كذلك، انضمت إلى النادي النووي مع افتتاح محطة براكة للطاقة النووية، الأولى عربياً.
وفي العام الماضي، أطلقت «مبادرة استراتيجية» تسهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050.
في غضون ذلك، يتوقع خبراء الأرصاد الجوية حدوث موجات حر أكثر شدة في السنوات المقبلة.
وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان الاثنين، أن «الزيادة في وتيرة هذه الظواهر ومدتها وشدتها خلال العقود الأخيرة مرتبطة بشكل واضح بالاحترار الملحوظ للكوكب ويمكن أن تُعزى إلى النشاط البشري».
مقاربة مزدوجة
وموجات الحر في المستقبل رهن إلى حد كبير بمدى سرعة إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.
وفي منطقة الخليج، يعاني أي شخص يعمل في الهواء الطلق معاناة كبيرة خلال فصل الصيف إلى جانب مخاطر الإصابة بسكتة قلبية.
وقد حظرت دول المنطقة الغنية بالطاقة، العمل في الخارج في أشد ساعات اليوم حراً.
وخلصت دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر كلايمت تشينج» قبل بضع سنوات إلى أنه «في غضون هذا القرن، يمكن أن تتعرض أجزاء من منطقة الخليج... لموجات غير مسبوقة من الحرارة القاتلة نتيجة لتغير المناخ».
وأكدت المهيري أن بلادها التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) العام المقبل، تبنت «نهجاً ذي شقين».
وأوضحت «نحن نعمل على تكثيف مصادر الطاقة المتجددة لأن لدينا أهدافاً تتعلق بما نريد تحقيقه، ونقوم بإزالة الكربون من النفط والغاز لدينا».