56 ألفاً قد تضطر الحكومة لتأمين مساكن بديلة لهم

حكم قضائي «يهز» أم الهيمان

18 يوليو 2022 10:00 م

- «التمييز»: المنطقة غير صالحة للسكن بسبب التلوث... والحكومة أخطأت

بعد أكثر من عقد أمام المحاكم، قال القضاء كلمته النهائية: أم الهيمان غير صالحة للسكن بسبب التلوث الناجم عن المصانع، والحكومة أخطأت باعتمادها منطقة صالحة للسكن.

الحكم النهائي الصادر من محكمة التمييز لصالح أحد المواطنين، انتصر لأهالي منطقة ضاحية علي صباح السالم (أم الهيمان سابقاً)، وفتح الباب أمام احتمالات كثيرة، وخيارات صعبة للحكومة، على الرغم من أنه فردي إلا أنه قابل للتعميم على جميع أهالي المنطقة البالغ عددهم نحو 56 ألف نسمة.

فكيف ستتعامل الحكومة مع الحكم؟ وهل ستعمل على تعويض أهالي أم الهيمان ومنحهم بيوتاً بديلة من خلال تثمين منازلهم الحالية؟ أم ستتجه للحل الأسهل وهو نقل المنطقة الصناعية الواقعة بين أم الهيمان والفحيحيل إلى منطقة بعيدة عن المد العمراني؟

كما أن الحكومة تواجه احتمال مطالبتها بتعويضات للسكان الذين أصيبوا بأمراض جراء التلوث، تشمل جميع التكاليف الطبية التي تكبدوها على مدى نحو عقدين من الزمن.

تداعيات الحكم تضع الحكومة أمام استحقاقات شعبية ثقيلة، فمع تنامي وزيادة أعداد الطلبات الإسكانية التي ناهزت 95 ألف طلب اسكاني وعدم وجود بدائل سكنية مناسبة، كيف ستتعامل الحكومة مع هذا الملف الشائك الذي يمس عدداً كبيراً من الأسر الكويتية المهددة بعدم الاستقرار؟

«التمييز» تؤيد حكمي «أول درجة» و«الاستئناف»: إثبات خطأ الحكومة في اعتماد المنطقة للسكن

في آخر درجات التقاضي، وفي حكم نهائي، قضت محكمة التمييز بتأييد حكم محكمتي أول درجة والاستئناف، بأن منطقة أم الهيمان لا تصلح للسكن بسبب تلوث المصانع، وإثبات خطأ الحكومة في قراراتها باعتماد المنطقة صالحة للسكن، وألزمت مؤسسة الرعاية السكنية بتخصيص منزل سكني بديل للمواطن المدعي، في منطقة أخرى، بعد ثبوت عدم صلاحية المنزل للسكن لارتفاع نسبة الملوثات في المنطقة.

واستندت محكمة التمييز، في حكمها الذي أصدرته أول من أمس، إلى ما أكدته محكمة الاستئناف، باعتماد رأي لجنة إدارة الخبراء المكلفة من المحكمة، الذي خلص إلى أن هناك دراسات وأبحاثاً أجريت من قبل مجلس حماية البيئة، قبل إنشاء المنطقة السكنية، أثبتت أنها تتعرض لمستويات مرتفعة من الملوثات تزيد على الحدود المسموح فيها للسكن.

وكان المدعي قد اختصم - عبر محاميه - كلاً من رئيس الوزراء بصفته، ومدير المؤسسة العامة للرعاية السكنية بصفته، وآخرين، باستبدال المسكن المخصص من قبل الهيئة العامة للرعاية السكنية والكائن في منطقة ام الهيمان والزام الرعاية السكنية بتخصيص منزل سكني بديل في منطقة أخرى للمدعي وذلك بعد ثبوت عدم صلاحية المنزل للسكن لارتفاع نسبة الملوثات بها.

وسبق لمحكمة أول درجة أن أصدرت حكمها التمهيدي بندب لجنة ثلاثية من خبراء إدارة الخبراء، لأداء المأمورية الموضحة والذي تحيل المحكمة إليه تفاديا للتكرار، وإذ باشرت اللجنة مهامها، وخلصـت إلى نتيجة مفادها أن الثابت أن هناك دراسات وأبحاث أجريت من قبل مجلس حماية البيئة، قبل إنشاء منطقة أم الهيمان السكنية وأثبتت تلك الدراسات أن منطقة أم الهيمان تتعرض لمستويات مرتفعة من الملوثات تزيد على الحدود المسموح بها للمناطق السكنية، حيث لاحظ المدعي وجود روائح كريهة وغازات نفاثة في الجو بصفة دائمة ومستمرة، وعند استقصاء أمر تلك الروائح تبين له أنها ترجع إلى وجود العديد من المنشآت البترولية والمصانع الخاصة متعددة الأغراض بجوار منطقة أم الهيمان.

وفي 14 أبريل 2011، أصدرت محكمة الدرجة الأولى حكمها القاضي بإلزام المدعى عليه (الثاني) بصفته باستبدال السكن المخصص له من الرعاية السكنية، بمسكن بديل في حالة تسليم المدعي ذلك المسكن المخصص له، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف في 29 يناير 2017. إضاءات قانونية

تسلسل زمني

14 أبريل 2011 حكم البداية

29 يناير 2017 حكم الاستئناف

17 يوليو 2022 حكم التمييز

بناء مع سبق العلم بالتلوث

جاء في منطوق حكم أول درجة الذي أيدته محكمة الاستئناف ثم التمييز، أن المنشآت البترولية والمصانع متعددة الأغراض موجودة بجوار تلك المنطقة على بعد خمسـة كيلومترات فقط منها، وجميعها سابقة في إنشائها على تخطيط وإنشاء المنطقة السكنية، أي أن من قام بإنشاء المنطقة السكنية كان يعلم بأن تلك المنطقة غير صالحة لإنشاء مدينة سكنية بها لمجاورتها شبه اللصيقة للمنشآت البترولية والمصانع متعددة الأغراض، بما ينبعث منها من غازات نفاثة وضـارة بالصحة وروائح كريهة لا تستوي الحياة الإنسانية في ظل انتشارها الدائم في الجو، ومن ثم فإن إنشاء المدينة السكنية في تلك المنطقة يكون خطأ حقق ضـرراً للمدعي، بما يوجب له الحق في المطالبة بكافة التعويضات القانونية والمالية.

مبررات الحكومة

برّرت الحكومة، في صحيفة الطعن على حكم أول درجة، إنشاء المنطقة السكنية بحجج عدة، منها:

1 - التلوث بالمنطقة في المستويات المسموح بها.

2 - معدلات التلوث في الكويت تختلف من سنة لأخرى ومن فصل لآخر.

3 - قد تكون نسبة التلوث مقبولة عند إنشاء المدينة ومع تغيير المناخ وتعاقب السنين قد تكون قد زادت.

4 - «السكنية» راعت عند إنشاء منطقة أم الهيمان كافة الاشتراطات البيئية والصحية وفق دراسات وأبحاث.

غياب ممثلي الحكومة عن «التناضل»

ذكر حكم محكمة الاستئناف أنها قضت في 19 - 2 - 2012 و26 - 4 - 2015 بإحالة الاستئناف إلى إدارة الخبراء للقيام بالمأمورية المبينة، ليتناضل أطراف الاستئناف في ذلك، حيث ورد تقرير الخبرة المؤرخ 15 - 2 - 2016، إلا أن ممثل الهيئة العامة للبيئة تخلف عن حضور جلسات الخبرة، مما تعذر معه تنفيذ المأمورية، وازاء ذلك لم يكن أمام المحكمة في هذا الخصوص إلا الأخذ بتقرير الخبرة المودع امام محكمة أول درجة، والذي انتهى إلى أن الثابت أن هناك دراسات وأبحاثا أجريت من قبل مجلس حماية البيئة، قبل إنشاء المنطقة، وأثبتت أنها تتعرض لمستويات مرتفعة من الملوثات، تزيد على الحدود المسموح بها للمناطق السكنية، بما يتعين معه تأييد الحكم المستأنف ورفض الاستئناف.