أكد ممثل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ضرورة تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الأحداث «تستوجب الاتحاد والتكامل، والتقارب لا التباعد، والتجمع لا الانفراد، والتكاتف لا الانعزال».
وشدّد سموه على دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكداً ضرورة التصدي للهجمات الإرهابية ضد المناطق المدنية والمرافق الحيوية في السعودية والإمارات والحد من تهديد أمن الملاحة والممرات البحرية.
وأشار سمو ولي العهد إلى ضرورة تضافر الجهود «لمعالجة الأوضاع المأسوية التي تمر بها منطقتنا، وعلى وجه الخصوص التطورات في العراق وسورية وليبيا ولبنان وأفغانستان، وغيرها من القضايا الإقليمية التي لا تزال تلقي بظلالها على استقرار الأمن الإقليمي والعالمي».
وعبّر سموه عن تطلع الكويت لـ«الدفع بالسلم والعمل الإنساني، وأن تتحقق لكل الشعوب طموحاتها وآمالها وأن يتحد الجميع صفاً واحداً لنبذ الصراعات وتجنب الخلافات لمواجهة الأخطار والتحديات المحيطة بنا».
جاء ذلك في كلمة دولة الكويت التي ألقاها ممثل سمو الأمير في قمة جدة للأمن والتنمية بمشاركة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأميركية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية وجمهورية العراق، هذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خادم الحرمين الشريفين الأخ العزيز الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود،
فخامة الرئيس جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرني في البداية ونحن في رحاب مدينة جدة البوابة الرئيسة لدخول أعظم بقعة على وجه الأرض... مكة المكرمة أن نمثل حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت المفدى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح،حفظه الله ورعاه، ويطيب لي أن أنقل لكم تحياته الأخوية لأشقائه ولأصدقاء دولة الكويت من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو وتمنياته لهم بالتوفيق والسداد وللقمة الميمونة كل النجاح.
كما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة،حفظه الله ورعاه، ولأخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وإلى حكومة وشعب المملكة الشقيقة على حسن الاستقبال وكرم الضيافة والإعداد المتميز لاستضافة هذه القمة الرابعة والهامة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وصديقتها الولايات المتحدة الأميركية والتي تجمعنا بها علاقات تاريخية وروابط عميقة ومصالح استراتيجية مشتركة، لاسيما في ظل هذه الظروف والتحديات الاستثنائية التي تمر بها المنطقة من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية متعددة ومتسارعة، أصبحت تتطلب منا جميعاً المزيد من التشاور والتنسيق والتعاون والتفاهم لمواجهتها، عبر بناء تصورات واضحة ومعلنة سعياً لتحقيق غاياتنا المشتركة ولتعزيز متطلبات الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم، ولهذا التجمع المبارك لدول الخليج العربية الشقيقة وحليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة الأميركية الصديقة بشكل خاص، ولدول عربية شقيقة نجتمع معها اليوم وتجمعنا بها رؤى مشتركة ووحدة مصير وأمن شامل وهي المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وجمهورية مصر العربية الشقيقة وجمهورية العراق الجار الشقيق.
ويسعدني الترحيب بفخامة الرئيس جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة ترحيباً أخوياً خاصاً لزيارته التاريخية والأولى لمنطقة الشرق الأوسط، ومشاركته الكريمة في أعمال القمة الاستراتيجية مستذكراً وبكل فخر واعتزاز ما وصلت إليه علاقاتنا المشتركة نحن دول الخليج العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأميركية الصديقة من إنجازات ملموسة في مختلف المجالات وما يعكسه ذلك من عامل محفز لمواصلة جهودنا لدعم المصالح الاستراتيجية بين الجانبين.
وهنا لا يسعنا إلا أن نستذكر قيادة وشعباً ببالغ التقدير والعرفان الدور البارز الذي قامت به الولايات المتحدة الأميركية قيادة وحكومة وشعباً، في التصدي للعدوان ورد الطغيان في ملحمة لن ينساها التاريخ، جنباً إلى جنب مع إخواننا دول مجلس التعاون، وعلى رأسهم الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، والدول العربية الشقيقة والصديقة وكل الشعوب المحبة للحرية والسلام، في عملية تحرير دولة الكويت من غزو النظام العراقي الغاشم البائد عام 1990.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،
تفتخر دولة الكويت بانتمائها إلى هذا التجمع المبارك، ألا وهو مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبما حققه هذا الكيان الأخوي المتين من إنجازات مشهودة ولسنوات عديدة تزيد عن عقود أربعة عبَرَ فيها الأشقاء الأعضاء في مجلس التعاون بلحمة الدم والنسب والدين ووحدة المصير إلى بر الأمان، محققين النهضة والازدهار لشعوبها، متضامنين في قضاياها المشتركة، ومتفاهمين برؤية وعمل مشترك، مسطرين نموذجاً راقياً في الإتفاق والاختلاف من دون الخلاف، أوفياء لوطنهم محبين لشعوبهم ليصلوا بذلك إلى احترام العالم أجمع لهم ولشعوبهم.
واسمحوا لي أن أؤكد وبكل ثقة على أننا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ماضون في مساعينا الحميدة نحو تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية الصديقة، وذلك استناداً إلى إيماننا المطلق بضرورتها وأهميتها في ظل أحداث تستوجب الاتحاد والتكامل والتقارب لا التباعد والتجمع لا الانفراد والتكاتف لا الانعزال.
وإننا نتابع عن كثب مستويات التعاون الخليجي - الأميركي والتي شهدت نمواً متميزاً يدفعنا إلى مواصلة بحث سبل تطويرها للارتقاء بمقومات التعاون الخليجي - الأميركي على كل الأصعدة والمجالات.
وفي هذا الصدد، فإننا في دول مجلس التعاون نأمل بأن تكون هذه القمة بداية انطلاقة جديدة لمعالجة قضايا المنطقة التي استغرقت عقوداً طويلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية داعين للعمل على إنجاح مسيرة السلام الدائم والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ودعم حق الشعب الفلسيطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع دولنا والعالم أجمع بما يساهم في جعل منطقة الخليج والشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن أهمية مواصلة العمل المشترك نحو التصدي للهجمات الإرهابية ضد المناطق المدنية والمرافق الحيوية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والحد من تهديد أمن الملاحة والممرات البحرية.
وفي الشأن اليمني، فإننا نثمن جهود الأشقاء في اليمن وعلى رأسهم مجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له، مؤكدين على دعمنا الكامل لجهودهم نحو تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
ويحدونا الأمل بأن تتضافر الجهود لمعالجة الأوضاع المأسوية التي تمر بها منطقتنا، وعلى وجه الخصوص التطورات في العراق وسورية وليبيا ولبنان وأفغانستان وغيرها من القضايا الإقليمية التي لا تزال تلقي بظلالها على استقرار الأمن الإقليمي والعالمي.
وفي ما يتعلق بالأزمة الروسية - الأوكرانية، فإننا نؤكد على موقفنا المبدئي القائم على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي المبني على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.
وختاماً، لا يسعني إلا أن أعبر عن تطلع بلدي الصغير بحجمه الجغرافي الكبير بطموحاته المحصن بوفاء وولاء شعبه الأصيل ومبادئه، في الدفع بالسلم والعمل الإنساني، البلد القوي بتعاونه الأخوي مع أشقائه وأصدقائه وتطلعه الدائم إلى عالم يسوده الأمن والأمان، وأن يتحقق لكل الشعوب طموحاتها وآمالها، وأن يتحد الجميع صفاً واحداً لنبذ الصراعات وتجنب الخلافات لمواجهة الأخطار والتحديات المحيطة بنا، وينبغي أن نستشعر النعم التي أنعم الله بها علينا تحت الأرض وفوقها وأهمية المحافظة عليها.
داعين المولى العلي القدير أن يوفق جهودنا لما فيه خير ومصلحة أوطاننا ورفاه شعوبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».