يتابع رجل الأعمال السعودي أحمد عبدالله بشغف ابنته ياسمين وهي تلعب السلّم الموسيقي ببراعة على الأورغ في مركز لتعليم الموسيقى في الرياض، في فرصة لم تتوافر لمحبي هذا الفن في المملكة حتى سنوات قليلة خلت.
وأكد الأب أنه حقق أمنيته أخيراً في تعلّم الموسيقى من خلال ابنته البالغة سبع سنوات.
وقال لوكالة فرانس برس في مدرسة «ياماها للموسيقى» في وسط الرياض «أرى نفسي فيها... في الأمور التي لم يكن هناك فرصة لتحقيقها في طفولتي».
وأضاف «الفرصة الآن أصبحت أكبر والاهتمام بالموسيقى يزداد. وباتت هناك مؤسسات ومدارس لم تكن موجودة من قبل».
وأضاف فيما تتلقى ابنته توجيهات مدرسها المصري «الآن نفكر في الجيل المقبل... أستثمر فيها بتعلم الموسيقى، في غرفة عُلّقت فيها لافتة تقول (الموسيقى للجميع)».
وتحضر ياسمين الآن حصة أسبوعياً مدتها نصف ساعة في المركز الذي يضم 140 متدرباً معظمهم من الأطفال، فضلاً عن ممارستها في المدرسة وفي المنزل على أورغ أهداه لها والدها.
وتضم المملكة حالياً أكثر من خمسة مراكز لتعليم الموسيقى في العاصمة الرياض ومدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، وسط إقبال كبير من الأسر السعودية المحبة للفنون.
«الموسيقى كاليوغا»
ولعقود كانت الأسر السعودية الراغبة في تعليم أبنائها الموسيقى تعتمد على مدرسين خصوصيين يأتون إلى منازلها، وهو ما كان يفتقد البعد الأكاديمي في التعلم أو القدرة على الاحتراف.
وبعد أن خاب أملها في التعلم ذاتياً، وجدت الموظفة السعودية وجدان حجي المحبة للموسيقى منذ الصغر، ضالتها في هذا المركز للتعلم باحترافية.
وقالت حجي (28 عاماً) بعد أن انتهت من حصة لتعلم الغيتار على يد مدرس أوكراني «حاولت التعلم عبر (يوتيوب) لكني لم أنجح، إذ ليس هناك من يصحح لي أخطائي».
وهي تدفع 940 ريالاً (250 دولاراً) شهرياً نظير حصة كل سبت، وبعد خمسة أشهر من التعلّم، قالت بخجل «لم أكن أعرف أي شيء، لكن الآن تعلّمت الأساسيات».
وأوضحت الموظفة في شركة أجهزة طبية أن الموسيقى تركت أثراً إيجابياً في حياتها كأثر «اليوغا».
وقالت الشابة المحجبة التي ارتدت عباءة تقليدية داكنة بحماسة «الحصة مدتها ساعة تصفّي ذهني... شخصيتي تغيرت (للأفضل). صرت أهدأ».
وفي ديسمبر الفائت، حضر أكثر من 732 ألف شخص مهرجان «ميدل بيست» الموسيقي في الرياض، حسب تعداد للسلطات، خلال أربعة أيام شهدت حفلات لفنانين عرب وعالميين بينهم الفرنسي دافيد غيتا.
«الثقافة الموسيقية»
واستحدثت السعودية في عام 2020 «هيئة للموسيقى» لتأسيس صناعة احترافية للفنون الموسيقية وتوفير التراخيص للمراكز الموسيقية، وأتاحت في برنامج منفصل دورات للموهوبين الراغبين في «ممارسة الموسيقى كمهنة».
وأدرجت 100 مدرسة أهلية تعليم الموسيقى ضمن برامجها خلال العام الدراسي الحالي.
وفي مايو، أطلقت الهيئة «برنامج الثقافة الموسيقية» لتطوير مهارات طلاب المدارس الحكومية.
والمدرّسون في مراكز تعليم الموسيقى أجانب ينتمون لمدارس موسيقية متنوعة.
وفي مركز «بيت الموسيقى»، في شمال الرياض، يتفاعل خمسة أطفال صغار مع توجيهات مدرستهم لتحريك أجسادهم بشكل يتوافق مع إيقاع الموسيقى، في غرفة زينت جدرانها بنغمات السلم الموسيقي.
وقالت مدرّستهم اللبنانية مارلين «في هذه السن المبكرة، نحضّر الأطفال للموسيقى عبر إدراجها في أنشطة مثل الرسم والرقص».
وتصدح نغمات الموسيقى الصادرة من الآلاف المختلفة في طرقات المركز الذي يضم 16 غرفة لتعليم الصغار والكبار، وعُلقت على جدرانه صور لمشاهير الغناء من أمثال بوب مارلي وفيروز.
ويعتزم القائمون على هذا المركز، الذي فتح أبوابه في 2019 ويضم حالياً 300 طالب افتتاح فرع جديد «مع تزايد الطلب»، حسب ما أفاد مديره الفنزويلي سيزار مورا. (الرياض - أ ف ب)