رأى الكاتب والمخرج المسرحي نجف جمال أن استعجال النجومية هي المشكلة التي تواجه الجيل المسرحي حالياً في الكويت، مشيراً إلى أن البعض لا يتقبّل النصح أو النقد البنّاء، بل إنه «يزعل حتى لو كان على خطأ».
جمال، أضاء في حوار مع «الراي» على نقاط عدة، مستذكراً سنوات من التاريخ القديم، ومحطات مهمة في مشواره، مثل مسرحية «بشت المدير» التي تأخر عرضها، ما دفع الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا إلى عدم المشاركة بها، بالإضافة إلى مسرحية «الكرة مدورة» التي ألقت أضواء مكثفة على الرياضة الكويتية، وصولاً إلى مسرحية «انتخبوا أم علي» وهي من الأعمال السابقة لعصرها.
• يتساءل البعض عن سبب اختفاء المخرج نجف جمال؟
- بل بالعكس أنا موجود، ولكن بطبعي لا أحب العمل إلا عندما تصبح الأمور جاهزة وعلى أكمل وجه. مثلاً عندما يكون لديّ نص متكامل ومسرح مُجّهز للعرض المسرحي تجدني حاضراً، في ما عدا ذلك، لا أقدم عملاً بمسرح غير مناسب للعرض، وبالتالي لا يسمع الجمهور صوت الممثل ولا يعرف ماذا يدور على الخشبة. وللعلم، قبل جائحة كورونا كنت رئيس لجنة الرقابة للنصوص المسرحية، بالإضافة إلى أنني صرتُ أنحاز إلى الكتابة في الفترة الأخيرة.
• حدثنا عن ملامح مشروعك الفني الجديد «فوق النخل»؟
- هو عمل مسرحي، أتوقع عرضه في الموسم المقبل، حيث أعتبره نوعاً جديداً ومختلفاً عمّا يتم تقديمه، فقد اشتغلت عليه كثيراً، خصوصاً وأنه ينقسم إلى جزأين، كوميدي واستعراضي. قصة المسرحية تحمل فكراً مبتكراً، إذ جلست مع محامين وأطباء لأجل تعميق الحبكة القصصية، التي تضيء على رجل يفقد ذاكرته، إلى جانب موضوعات أخرى عديدة، ولعلّ الفنانين القديرين محمد المنصور وهيفاء عادل من أبرز الأسماء المشاركة في المسرحية، أما البقية فسوف يتم الإعلان عنهم بعد حين.
• أليس هذا العمل هو نفسه الذي كان مزمعاً أن يقوم ببطولته العملاق الراحل عبدالحسين عبدالرضا؟
- بالضبط، وكان معه أسماء أخرى كبيرة.
• لو عدنا بعقارب الزمن إلى أواخر التسعينات، واسترجعنا معك الذكريات حول مسرحية «بشت المدير» التي كنت مخرجها وكان مقرراً أن يكون بطلها «بوعدنان»، فما الذي يمكنك أن تصرّح به للمرة الأولى؟
- وقتذاك، كنت مبتعداً عن «قروبي» المعتاد (قروب محمد الرشود)، لانشغالي في مسرحية الأطفال «علاء الدين»، وبعدما عملنا مبدئياً ونسقنا الأوضاع لتقديم «بشت المدير» مع «بوعدنان» حدثت ظروف خارجة عن إرادتنا وتأجل المشروع، والراحل لا يحب شيئاً أن يتأجل، ومن ثم قال لنا اشتغلوها وحدكم، وبالفعل هذا ما حدث.
• ومَنْ هو الفنان الذي تولى بطولة المسرحية من بعده؟
- جاء الفنان القطري عبدالعزيز جاسم، رحمه الله، ليؤدي دور البطولة.
• هل أنت حريص على أن يكون كل ما تقدمه خارجاً عن المعتاد؟
- «نعم». ولأنني من الجيل السابق، لابد أن أقدم شيئاً جديداً من تاريخي القديم.
• بما أنك ذكرت التاريخ القديم، نودّ التعرف على تفاصيل مسرحية «أزمة وتعدي» التي قدمتها أثناء الغزو الغاشم للكويت، وحققت - حينئذٍ - بصمة مؤثرة؟
- خلال ذلك الوقت ذهبت إلى القاهرة، ومن الأشخاص الذين تعاونت معهم كان الفنان الراحل حسين الصالح، حيث إنه عمل معنا، بالإضافة إلى مجموعة من الأسماء الأخرى، بينهم راشد الخضر وساهر، وكنا نسهر ونسجل ونعمل بروفات مكثفة ونعمل الديكور، كخلية نحل دؤوب، والجميع كانوا مبدعين، إذ بدوا متحمسين جداً، كون العمل يتطرق إلى قضية مهمة، وسعينا جاهدين لإيصالها وترجمتها على الخشبة.
• عندما نستذكر مسرحية «الكرة مدورة»، يتبادر إلى الذهن قوة المسرح الكويتي آنذاك في معالجته لمشكلة رياضية، بأسلوب جميل وعفوي، فهل لا يزال لدينا القدرة على تقديم مثل هذه الطروحات؟
- عندما يكون هناك فريق أساسي، يتكوّن من مخرج ومؤلف يحملان فكراً ناضجاً، وتتم دراسة العمل بدقة بالغة، غالباً ما يظهر لنا عمل رائع ومهم. فالراحل محمد الرشود كان يكتب صح، وكنا «نتهاوش» ونتناقش لأجل العرض المسرحي، لأن الروح الصادقه تصنع العمل المهم.
• هل تعتبر مسرحية «انتخبوا أم علي» التي ألفتها من الأعمال السابقة لعصرها، وهل تلقيتم بعض التعليقات أو التساؤلات عن جدوى طرح قضية لم تكن موجودة أصلاً في الكويت؟
- هذا هو دور المؤلف. الفن هو مَنْ يقود الجمهور، وهناك بعض الأشياء التي تتحقق على غرار ما تضمنته المسرحية السالف ذكرها. المهم هو طرح موضوع ليس ظاهراً لكنه موجود، والفن انعكاس لأشياء موجودة وتَطَلُّع لأمور غير موجودة تحاكي المجتمع.
• ما رأيك بما يتم تقديمه من عروض في المسرح الحالي؟
- للأسف، البعض يزعل حتى لو كان على خطأ. مشكلة الجيل الحالي هي الاستعجال، وحتى إن كان الممثل أكاديمياً تجده يستعجل على النجومية، في حين أن عجلة التأليف والإخراج تجدها بطيئة. هناك مسارح تعتمد على النجم الأوحد، وهناك مسارح لا تقدم نصاً ثقيلاً سواء كان موضوعاً أدبياً أو إنسانياً، فضلاً عن الاستسهال وعدم الاهتمام بوجود نص أو مخرج له ثقله.
• في الختام، ماذا تحضر لنا من أعمال على صعيد الدراما التلفزيونية؟
- لديّ عمل كتبته، يحمل عنوان «أيام الخاتون» ويتحدث عن أول دكتورة في الكويت، عطفاً على التحضير أيضاً لعمل بدوي، سأكشف عن تفاصيله لاحقاً.