فلسفة قلم

ديموقراطيتنا (2 - 2)

12 يوليو 2022 08:00 م

نعيش أزمة حقيقية في الوعي وفهمنا للديموقراطية، وبسبب تعزيزنا لانتماءاتنا أصبحنا على قناعة تامة، بأن من ليس في صفنا فهو ضدنا، كأننا نعيش في حالة حرب متواصلة... ووفقاً لقناعة شخصية، فإن آخر شخص يرغب بتشكيل وعي وإدراك عالٍ عند الناخب، هو السياسي، ولا أشمل كل السياسيين وإنما الكثير منهم.

من السهل جداً ضرب أطناب الديموقراطية بطرق متعددة، ولا يمكن صد هذه الضربات إلا من خلال الوعي. ولا أقول إن ديموقراطيتنا معدومة أو صورية، ولكن أغلبنا يتفق على أنها سبب تأخر التنمية وتخلفنا عن ركب التقدم ومواكبة دول الخليج التي سبقتنا... ولكننا قطعاً مختلفين في تحمّل المسؤولية والذنب، الحكومة أو المجلس أو الناخب نفسه.

أصل الديموقراطية هو اختلاف وتوافق، لا التموقع والهجوم والفجور في الخصومة، خصوصاً أننا في بعض الحالات نشاهد صراعاً عنوانه «قطار التنمية لا يمكن أن ينطلق وعلى متنه خصومي»!

العزف على وتر أن الديموقراطية ضد الاستبداد، وأن مجلس الأمة هو حماية لنا من الاستبداد الحكومي يجب أن يتوقف، لأن الديموقراطية أيضاً قد تكون مستبدة، والدليل أن أرقى ديموقراطيات العالم تستبد في فلسطين، وتستبد ثقافتنا وطريقة عيشنا تحت شعار الحريات.

إذاً الديموقراطية نفسها قد تكون مستبدة أو قد تكون وهماً نعيشه، وبالتالي يجب أن نوقف الحديث عن نجاح وفشل ديموقراطيتنا، وننتقل للحديث عن الحوار والتوافق وقبول الآخر.

علينا تفكيك الأفكار الخاطئة، فهناك خلل كبير جداً جداً في الخطاب السياسي الذي تحوّل إلى خطاب انتخابي شعبوي وشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولذلك ما أحوجنا اليوم للوعي والتعاطي مع هذه المرحلة المهمة بالعقل والمنطق لا العواطف.

مفهوم النائب الحكومي والنائب المعارض من أكبر أخطاء ديموقراطيتنا. فالنائب الحكومي «يُوصم على جبينه» بالعار والخزي، والمعارض، يكون شريفاً عفيفاً نظيفاً، مع أن الحالة الصحية للنائب أن يكون معارضاً/حكومياً، لأنه من المفترض أن يتعاطى مع كل قضية بذاتها وفكرتها، ليس لارتباطها بالحكومة أو بنواب الطرف الآخر، وإذا تركنا الأشخاص وركزّنا على القضايا قطعاً سينكشف الحسن من السيئ، والنزيه من الفاسد.

إصلاح ديموقراطيتنا أو أياً كان اسمها يبدأ من الأساس، في الوعي وجلد الذات، وتحمل المسؤولية والتخلص من فكرة أن الحكومة فاسدة ومؤيدوها فاسدون، لأننا فعلاً لو نظرنا إلى المؤسسات التي يديرها الشعب ولا سلطة حكومية عليها (تقريباً) مثل الأندية الرياضية والجمعيات التعاونية، فسنجد أكثرها مترهلة، يعشعش في زواياها، الفساد... فهل فساد الجمعيات والأندية، حكومي؟

كلنا شركاء في الخطأ والصواب، وكلنا أمل بنجاح المرحلة الجديدة المدعومة من القيادة السياسية، وعنوانها حسن الاختيار.