خبراء يحذّرون من إتاحة غرف الدردشة الافتراضية التفاعل مع أشخاص مجهولين

«ميتافيرس»...مصيدة الأطفال الجنسية!

12 يوليو 2022 08:00 م

صرخة تحذيرية أطلقها تحقيق ميداني أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أخيراً، عبر إعداد فيلم وثائقي، قامت بإنجازه الكاتبة والمخرجة ينكا بوكيني، في شأن خطورة المواد الإباحية التي يتعرض لها الأطفال مستخدمو تقنية الواقع الافتراضي «ميتافيرس» الجديدة.

ورافقت هذه الصرخة الآتية من الغرب، أصداء كويتية صادقت على خطورة ترك الحبل على الغارب لغرف الدردشة في هذه المساحة الافتراضية ثلاثية الأبعاد، والتي تتيح إمكانية التفاعل مع أشخاص آخرين في مواقف وبيئات مختلفة، فيما نادت أصوات محلية قانونية بضرورة حجب هذه التقنية لحين فرض ضوابط لاستخدامها.

ولعل أخطر ما وثقه الفيلم الوثائقي، أنه تمكن من توثيق أطفال يمارسون أفعالاً خارجة عن الآداب العامة، وتجاوزات جنسية لا تتناسب مع سنهم الصغيرة، مطالباً بتحرك قانوني لوضع ضوابط لهذه التجاوزات، والعمل على أن تكون هذه التقنية وغيرها من التقنيات بيئة ترفيه آمنة لصغار السن. تقنية «ما وراء العالم»

تتكون كلمة ميتافيرس (Metaverse)‏ من شقين: الأول «meta» (بمعنى ما وراء، أو الأكثر وصفاً)، والثاني «Verse» (من «Universe») وتفيد (ما وراء العالم).

ويعتبر عالم «الميتافيرس» سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حدود لها بين المستخدمين، من خلال «الأفاتار» الخاص لكل مستخدم، وهي الحلقة الرئيسية التي تربط العالم المادي والرقمي معاً، وهذا ما يجعل «الميتافيرس» العالم الافتراضي الرئيسي في هذا الكون، ما دفع كبرى الشركات في العالم إلى إعادة تخطيط استراتيجيتها وخططها في تصميمها لمنتجاتها اعتماداً على عالم «الميتافيرس».

وكان أول استخدام لهذا المصطلح في رواية الخيال العلمي تحطم الثلج (Snow Crash) في العام 1992 التي كتبها نيل ستيفنسون، حيث يتفاعل البشر كشخصيات خيالية (avatar) مع بعضهم البعض ومع برمجيات، في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مشابه للعالم الحقيقي.

وتم تطوير استخدام المصطلح مع الزمن، وكانت استخداماتها الأولى في منصات العالم الافتراضي كمنصة «سكندلايف»، اعتباراً من العام 2019.

ونظراً لأن العديد من الألعاب الجماعية عبر الإنترنت يشترك في الميزات مع «الميتافيرس»، ولكنها توافر الوصول فقط إلى الحالات غير الدائمة، التي يشاركها ما يصل إلى عشرات اللاعبين، فقد تم استخدام مفهوم الألعاب الافتراضية متعددة الأكوان لتمييزها عن «الميتافيرس».

ويستخدم المصطلح عادةً لوصف مفهوم الإصدارات المستقبلية المفترضة للإنترنت، المكون من محاكاة ثلاثية الأبعاد لا مركزية ومتصلة بشكل دائم.

هذه العوالم الافتراضية يمكن الولوج إليها والوصول لها، عبر نظارات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز والجوالات والحواسب المكتبية ومنصات الألعاب.

وقد لا تشير «ميتافيرس» بالمعنى الأوسع إلى العوالم الافتراضية فحسب، بل قد تشير إلى الإنترنت ككل، بما في ذلك النطاق الكامل للواقع المعزز.

هناك العديد من التطبيقات الفعلية المحتملة لـ«الميتافيرس»، فحين الوصول إلى «ميتافيرس» مثالي سيكون بمقدور المستخدم أن يخوض أي تجربة أو نشاط وسيكون بمقدوره التعامل مع أي أمر يحتاجه من مكان واحد، إذ إن «الميتافيرس» عند وصولها الحالة المثالية الكاملة يمكن تطبيقها على أي شيء.

كيف تدخل هذا العالم؟

يمكنك دخول عالم «الميتافيرس» عن طريق شراء نظارات الواقع الافتراضي «Oculus VR»، كما تشمل المعدات أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، والواقع المعزز (AR) والواقع المختلط والواقع الافتراضي (VR) وتقنيات العالم الافتراضي.

ويعتمد احتياج الشخص للمعدات، على المكان الذي يريد الذهاب إليه أو الشبكة التي تتيح استخدامها، فإذا كان المستخدم يريد شبكة «فيسبوك» فيمكنه شراء واحدة من سماعات الرأس التي يبلغ سعرها نحو 300 دولار، على الرغم من أن الجهاز قائم بذاته ولا يتطلب استخدام جهاز كمبيوتر أو وحدة تحكم في الألعاب، أما «مايكروسوفت» فتصنع سماعات رأس AR، تضع المعلومات الرقمية فوق العالم الحقيقي، بينما تعمل شركات أخرى على تطوير أساليب لنظارات الواقع المعزز للعمل مع الهواتف.

صعوبة الإبلاغ عن التجاوزات

تكمن معضلة «الميتافيرس» في صعوبة الإبلاغ عن هذا النوع من السلوك، لأن عملية الإبلاغ تتطلب أدلة مثل الأسماء الحقيقية ومعرّفات ونوع من الأدلة.

والمعضلة الأكثر تعقيداً هي أن الأطفال حديثي السن بإمكانهم الوصول إلى جميع الغرف، من دون رقابة أو مراعاة لطبيعة سنهم التي قد لا تتناسب مع كل الموضوعات. «يتيح للمستخدم ما لا يستطيع تحقيقه في الواقع»

ناصر الأستاذ: عالم آخر يعجّ بسلوكيات سلبية مثل التنمر والبذاءة الجنسية

قال الباحث في أمن المعلومات المهندس ناصر الأستاذ لـ«الراي»، إن «تقنية الميتافيرس مرحلة جديدة بعد مرحلة مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر جديد حتى على محترفي التواصل الاجتماعي، لأنه عالم آخر يتيح للمستخدم ما لا يستطيع تحقيقه في الواقع»، مشيراً إلى أن «هذا العالم صاحبته سلوكيات سلبية مثل تنمر وبذاءة جنسية بشكل أكثر تفاعلية».

وبيّن الأستاذ أنه «رغم كون التقنية ليست جديدة، حيث كان هناك منصات قديمة قائمة على إتاحة فرصة اختيار شخصيات والتعايش معها، إلا أن (الميتافيرس) أتت بتقنية الواقع المعزز واستخدام أدوات تعزيزية مثل النظارة وكأننا بداخل المكان الذي نشاهده».

وذكر أنه «عندما تم الإعلان عن الميتافيرس تم تسجيل قضايا بهذا الأمر مثل محاولات اغتصاب»، لافتاً إلى أن «التكنولوجيا تسهل علينا أموراً لكن لها أبعاد أخرى سيئة».

نيفين معرفي: الحجب لحماية أبنائنا

طالبت المحامية نيفين معرفي بـ«حجب هذه المواقع، حفاظاً على سلامة أبنائنا، أسوة بدول كثيرة قامت بعملية الحجب لتقنيات ومواقع»، مشددة على ضرورة وضع رقابة كاملة في ظل كثرة الجرائم التي ترتكب من قِبل صغار السن والتي لا تتناسب مع سنهم.

وضربت معرفي، في تصريح لـ«الراي»، المثل بحالة واحد من الأطفال قامت أمه بالسماح له بمشاهدة رسوم متحركة تتناسب مع سنه، لكن خلال عرض هذه الرسوم ظهرت دعاية مخلة، لافتة إلى أن «الأم سألتني كيف تتصرف في هذه الحالة مع طفل لم يتجاوز عمره الأربع سنوات».

خضر البارون: وضع ضوابط بالتوازي مع الدور الأسري

حذر أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون، في تصريح لـ«الراي»، من أن «الأطفال انفصلوا عن حياتهم الاجتماعية الطبيعية، بسبب التقنيات الحديثة لدرجة أن بعضهم لا يأكل إلا إذا كان الجهاز أمامه»، منبهاً من «تقنية الأبعاد الثلاثية التي تجعل الطفل يتقمص شخصيات يشاهدها».

وشدد البارون على ضرورة «وضع ضوابط لهذه التقنيات سواء كانت ميتافيرس أو غيرها، بالتوازي مع قيام الأسرة بمجهود لتوضيح أن هذه الأمور التي يشاهدها عبر هذه التقنيات خيالية وليست حقيقية»، لافتاً إلى أن «خطورة هذه التقنيات تنسحب حتى إلى فترات نوم الأطفال حيث يتعرضون لأحلام مشوشة واضطرابات في النوم».

واختتم بالإشارة إلى أن «التعود على تقنية الرؤية ثلاثية الأبعاد لفترات طويلة يؤثر سلباً على الدراسة، ويجعل الطالب ينسى كل ما درس، كما أنه يفقده تركيزه ويصيبه بالتشتت».