قصة ذات صدى إنساني.. على هامش ويلات الحروب

شاب روسي-أوكراني «مُتمزِّق» بين «نصفه المغزو» و«نصفه الغازي»

28 فبراير 2022 09:58 ص

في مثل هذا اليوم من الأسبوع الفائت، كان الشاب أرسيني نيكولاييف لا يشغل تفكيره أي شيء سوى التركيز على دراسته الجامعية في علم الرياضيات بكلية «ترينيتي» التابعة لجامعة كامبريدج في لندن. أما الآن، فقد بات من شبه المستحيل على طالب السنة الثالثة التركيز في أي شيء بسبب التشتيت الوجداني والذهني الذي جلبه الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

ذلك لأن نصف نيكولاييف روسي بينما نصفه الآخر أوكراني، حيث يحمل الجنسية الروسية بالمولد بينما يحمل النصف الثاني بالتجنس من خلال والدته، وهو في ذلك يتشابه مع كثيرين من أبناء الزيجات الروسية الأوكرانية.

وبنبرة تعكس أصداء المرارات والويلات الإنسانية التي تجلبها جميع الحروب في كل مكان وزمان، قال نيكولاييف لصحيفة الغارديان اللندنية: «أشعر وكأنني ممزق بين نصفي المغزو (أوكرانيا) ونصفي الغازي (روسيا)».

وتابع: «صحيح أنني في مأمن هنا في لندن... ولا أخشى أن أتعرض لقصف مثلما يتعرض الأوكرانيون، لكنني أشعر بضيق نفسي... لم يعد باستطاعتي مواصلة وتيرة حياتي الطبيعية. من الصعب جداً التركيز»، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من دراسة أي شيء منذ بدء اجتياح جيش بلد والده لأراضي بلد والدته.

وأضاف الشاب - المولود في موسكو والبالغ من العمر 21 عاماً – قائلاً إن مما فاقم وطأة شعوره بالمرارة أن مدينة «بسكوف» الروسية التي هي مسقط رأس والده باتت الآن قاعدة لانطلاق الطائرات الحربية الروسية المتجهة لقصف العاصمة الأوكرانية كييف التي هي مسقط رأس والدته.

وعلى الرغم من أن نيكولاييف مهاجر مع والديه منذ سنوات في بريطانيا، فما يزال لديه عائلة أفرادها موزعون على جانبي الصراع (في روسيا وأوكرانيا)، حيث ما زال جداه لأمه وأخواله وخالاته في مسقط رأس والدته في كييف مع شقيقه الأكبر البالغ من العمر 25 عاما، والذي «ربما سيضطر إلى حمل السلاح في مواجهة الجنود الروس القادمون من دولة والدي».

وعلى الجانب الآخر، هناك جدة نيكولاييف لوالده وهي عجوز جداً وتعيش حالياً داخل روسيا. وعنها قال نيكولاييف بنبرة مفعمة بالأسى: «لم أتواصل معها منذ فترة طويلة، فهي بالكاد تعرف كيفية استخدام الإنترنت ولا تشاهد سوى التلفزيون الحكومي الروسي، لذا هي لا تدرك حقيقة ما يحدث».

وفي ما يتعلق بموقفه إزاء طرفي الحرب الدائرة حالياً، حسمه نيكولاييف قائلاً: «صحيح أن نصفي روسي ونصفي الثاني أوكراني، لكن في ما يتعلق بهذه الحرب أنا على يقين بنسبة 100 في المئة من الجانب الذي أقف في صفه ضد الجانب الآخر... فأنا قطعاً أُدين عدوان بوتين على نصفي الثاني».