ألقى «الموت المفاجئ» بظلاله مجدّداً على ملاعب كرة القدم في ديسمبر الجاري فخطف أربعة لاعبين في مقتبل العمر ومدرباً، إثر تعرّضهم لأزمة قلبية في الملعب، كان آخرهم لاعب مولوديه سعيدة الجزائري سفيان لوكار.
هذه الحالات المأسوية أعادت الى الذاكرة اللحظات المرعبة التي عاشتها الجماهير، لدى سقوط النجم الدنماركي كريستيان إريكسن على أرض الملعب، مغشيّاً عليه دون تدخل من أيّ لاعب آخر في الدقيقة 40 من مباراة بلاده أمام فنلندا في كأس أوروبا الأخيرة، قبل أن يتدخل فريق إسعاف طبي ويقدّم له تدليكاً قلبياً، وينقذه من الموت.
وحالات وفاة الرياضيين، أو نجاتهم بعد تدخل طبي طارئ، تؤكد أن اللياقة البدنية لا تمنحهم مناعة ضد السكتة القلبية المفاجئة.
ويقول الخبراء الطبيون إن السكتة القلبية المفاجئة هي سبب رئيسي للوفاة بين الرياضيين في بداية حياتهم المهنية. فلا توجد علامات تحذيرية، وينهار اللاعبون في منتصف التدريبات أو أثناء المباريات في معظم الأحوال.
وتعليقاً على وفاة لوكار، قال استشاري في المعهد القومي للقلب في مصر، الدكتور أحمد السواح، إن الطب الرياضي بدأ يأخذ حيزاً كبيراً وحادث وفاة لوكار ليس الأول.
وطالب بضرورة إجراء اختبارات كاملة للاعب قبل ممارسة الرياضة بصورة احترافية، قائلاً: «اللاعبون الذين يمارسون الرياضة بصورة احترافية يصابون بتضخم عضلة القلب».
وتابع في مداخلة هاتفية خلال برنامج تلفزيوني: «الملاعب يجب أن تكون مجهزة ويجب أن تكون هناك اختبارات كافية وتقييم سنوي لمَنْ يمارسون الرياضة بصورة احترافية».
وتوفي لوكار (30 عاماً)، السبت، جراء «سكتة قلبية» بعد دقائق من اصطدامه بحارس مرماه، خلال مباراة في دوري الدرجة الثانية الجزائري.
وكتب نادي مولودية سعيدة على صفحته على أحد المواقع: «وفاة قائد مولودية سعيدة سفيان لوكار في ملعب الحبيب بوعقل (وهران) إثر سكتة قلبية»، ونشر فيديو لتلقي اللاعب الاسعافات الأولية خارج الميدان ورغم محاولات إنعاشه، لكنه فارق الحياة داخل سيارة إسعاف أثناء نقله إلى المستشفى.
واصطدم لوكار مع حارسه في الدقيقة 26، فتلقى الاسعافات الأولية ليعود للعب، قبل أن يسقط في الملعب في الدقيقة 35 ليتم نقله الى المستفى، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
وقال مدرب الفريق، العربي مرسلي إن «لوكار سقط بطريقة عادية ونحن تحت الصدمة» موضحاً ان اللاعب «كان في صحة جيدة وهو مؤهل من الرابطة بملف طبي»، كما نقلت صفحة مولودية سعيدة.
وليست تلك المرّة الأولى التي تشهد فيها الملاعب الجزائرية هذا النوع من الحوادث، حيث توفي من قبل حسين بن ميلودي، لاعب شباب بلوزداد، وحسين قاسمي، مهاجم شبيبة القبائل، وقايد قصبة، لاعب ترجي مستغانم، والكاميروني، البرت ايبوسي، مهاجم شبيبة القبائل الذي اختلفت الروايات في شأن ظروف وفاته.
وفي مشهد مأسوي آخر، توفي لاعب مسقط العماني، مخلد الرقادي (29 عاما)، الأربعاء الماضي، أثناء عملية الإحماء، قبيل انطلاق مباراة فريقه أمام السويق ضمن الجولة السادسة من الدوري المحلي.
وكشفت تقارير إعلامية عمانية، أن الرقادي تعرّض إلى نوبة قلبية حادة، ما أدى إلى وفاته.
وفي 21 الجاري، أعلن نادي تورنادو الإندونيسي (درجة ثالثة)، وفاة حارس مرماه، توفيق رمزي (20 عاما)، بعد اصطدامه بأحد لاعبي فريق فاجانا.
وجرى نقل رمزي إلى المستشفى بعد تعرّضه لإصابة خطيرة في الرأس وخضع لعملية جراحية عاجلة، لكنه فارق الحياة.
ومن ضحايا الأزمة القلبية في الملاعب، لاعب نادي نيهاج أن كي الكرواتي مارن كاشيش (23 عاما)، الذي توفي، الجمعة، أثناء التدريب، حيث تم نقله إلى المستشفى، ودخل في غيبوبة، وبذل الأطباء ما في وسعهم لإنقاذ حياته، دون جدوى.
وكان نجم الإسماعيلي المصري السابق ومدرب المجد السكندري، أدهم السلحدار، أول ضحايا «الموت المفاجئ» في شهر الشؤوم، بعدما توفي إثر تعرّضه لأزمة قلبية، عقب تسجيل فريقه هدف الفوز في الثواني الأخيرة، في مرمى فريق الزرقا، ضمن دوري الدرجة الثانية.
وحذّرت دراسة بريطانية أجريت في أغسطس 2018 من أن مخاطر موت لاعبي كرة القدم بسبب توقف القلب عن الخفقان، أعلى بكثير مما كان يعتقده الأطباء من قبل.
وجمعت الدراسة بيانات ومعلومات طبية عن 11 ألف لاعب شاب في بريطانيا على مدار 20 عاما. وتُعرف الأمراض التي تصيب عضلة القلب بأنها القاتل الصامت نظرا لأن أول أعراضها توقف القلب فجأة.
ولهذا السبب تعتمد أندية كرة القدم برنامجاً لفحص اللاعبين في سن 16 عاماً في الأكاديمية. وتتزايد المخاطر بين اللاعبين المحترفين لأن إرهاق القلب في التدريبات المكثفة يزيد من خطر إصابتهم بالأمراض.
وقد يؤدي الأدرنالين والجفاف إلى خطر التسبّب في توقف القلب.
وفي هذا الصدد، قال أخصائي أمراض القلب البروفيسور سانغاي شارما، الذي قاد البحث في جامعة «سانت جورج» في لندن لـ«بي بي سي»: «هذا يعني أننا بحاجة إلى إدراك حقيقة أن معدلات الوفيات أعلى مما كنا نعتقد، على الرغم من أنها مازالت نادرة».
وأضاف أن الاتحاد الإنكليزي استحدث اختبارات إضافية في أعمار 18 و20 و25.